أكثر من شهرين مرا على خطاب زعيم جماعة أنصار الله عبد الملك الحوثي بمناسبة المولد النبوي، والذي أعلن فيه بدء المرحلة الأولى من "التغيير الجذري".
مرحلة أولى بدأت بإقالة حكومة بن حبتور، هكذا تسمى عند أنصار الله فيما بن حبتور يبدو غير واثق من أنه كان يوما ما رئيس وزراء حقا، لتنتهي بالإبقاء عليها كحكومة تصريف أعمال حتى الانتهاء من تشكيل حكومة جديدة.
لا تشكلت الحكومة الجديدة ولا يبدو أنها ستتشكل في قادم الأيام. فالجماعة منشغلة بما يحدث في غزة وليست في وارد أن تلتفت إلى أي شأن محلي في الوقت الحالي. هكذا يبدو الأمر عند كثير من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يعبرون عن سخطهم المتفاقم يوما بعد آخر من هكذا وضع تحرص سلطة صنعاء على إبقائه.
لا تستفيد سلطة من الأحداث الخارجية مثلما تفعل سلطة صنعاء، إنها توظف كل حدث لصالحها كي تتهرب من مسؤولياتها في الداخل. سلطة تريد من الخارج أن يعتبرها دولة، أما الداخل فليعتبرها أي شيء، لا يهم.
قد يحدث لها -في عقلها الباطن على الأقل- أن تشكر إسرائيل لكونها أخرجتها من مأزق الالتزامات الذي كانت قد حُشرت فيه فجاء عدوانها على غزة بمثابة انفراج كبير بالنسبة لها. حيث لا حديث الآن إلا عن هذا العدوان البربري ونصرة الشعب الفلسطيني قولا وفعلا حتى ينتهي العدوان.
وعبارة "حتى ينتهي العدوان" معناها بطبيعة الحال، وحسب رأي سياسيين وناشطين، أن سلطة صنعاء في حل من أمرها الآن وما بعد الآن وما بعد بعد الآن، وربما حتى يعاد إعمار غزة وحتى يتم التأكد من أن المقاومة الفلسطينية قد انتصرت فعلا على العدو الصهيوني.
في خطابه الأخير الذي توعد فيه بضرب السفن الصهيونية في البحر الأحمر وفي كل مكان تصل إليه أيديهم، خصص زعيم الأنصار ذيلا من خطابه -ذيلا اقتضته الضرورة كما يبدو وحتى لا يقال بأن القائد قد نسي الوطن والمواطن- للتعريج على الحكومة الجديدة المنتظر تشكيلها قائلا إن الأمر يجري على قدم وساق. لكن يبدو لا قدم ولا ساق تبقى لدى المواطن كي يتجرع المزيد من الانتظار.
يسأل نفسه في النهاية: ماذا أنتظر يا ترى؟! وهل هناك جدوى أصلا؟!