• الساعة الآن 04:07 PM
  • 22℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

حرب غزة: هل اقتربت إسرائيل من تحقيق أهدافها؟

news-details

قارب الهجوم البري الإسرائيلي على غزة الأسبوعين، بالإضافة إلى أكثر من شهر من الغارات الجوية على القطاع، ردا على هجمات حركة حماس التي أسفرت عن مقتل أكثر من 1400 شخص.

وصرح الجيش الإسرائيلي في بداية حربه على غزة بأن هدفه هو تدمير حماس عسكريا وسياسيا. فأين وصلت إسرائيل في سعيها لتحقيق أهدافها، وهل يمكن بالفعل تحقيقها؟

ترى إسرائيل أنه من السابق لأوانه تقييم النتائج، لأنها أكدت مرارا أن العملية ستكون طويلة وصعبة. وشبه مسؤول في الجيش الإسرائيلي في حديث لبي بي سي ما يجري بأنه منازلة في الملاكمة: "هذه الجولة الرابعة فقط من أصل 15".

ولا أحد في إسرائيل يقول بالتحديد كم ستستغرق هذه الحرب. ويشير البعض إلى أن القوات العراقية المدعومة من الغرب لم تتمكن في 2017 من دحر تنظيم الدولة الإسلامية والسيطرة على مدينة الموصل في العراق، إلا بعد 9 أشهر.

وربما أرادت إسرائيل الاستمرار في حربها على غزة لأشهر عديدة أخرى، ولكن قد لا يتسنى لها ذلك، لأن الضغوط الدولية تتزايد مطالبة بتعليق القتال مؤقتا، أو وقف كلي لإطلاق النار.

 

الخسائر العسكرية

وتقول إسرائيل إنها شنت حتى الآن 14 ألف غارة جوية، قتلت فيها العشرات من الأهداف المهمة، بمن فيهم قادة كبار في حماس. واستعملت في هذه الغارات مختلف أنواع الأسلحة. وذكر الخبير العسكري رئيس التحرير السابق لصحيفة جيروزاليم بوست، ياكوف كاتز، أن إسرائيل أطلقت حتى الآن 23 ألف ذخيرة.

ومقارنة بمعركة الموصل، عندما اشتد وطيسها، ألقى الحلفاء الغربيون في المتوسط 500 قنبلة في الأسبوع على أهداف تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية.

وقتلت الغارات الإسرائيلية أكثر من 10 آلاف و800 شخص في غزة، منذ بداية حربها على القطاع، بينهم 4400 طفل، حسب وزارة الصحة في غزة.

ويقول الجيش الإسرائيلي إن قواته قسمت قطاع غزة إلى نصفين، واحد في الشمال والآخر في الجنوب، وإنهم يحاصرون مدينة غزة. ويقولون إنهم حاليا في قلب المدينة، ولكن ذلك لا يعني أنهم سيطروا عليها.

وتنفي حماس أن يكون الجيش الإسرائيلي حقق أي مكاسب مهمة أو توغل في المدينة.

ويعتقد أن المرحلة الأولى من الهجوم البري حققت أهدافها بعزل حماس، كما يبدو أن الحركة تكبدت خسائر فادحة. وفي بداية الحرب، أشارت التقديرات إلى أن عدد المقاتلين في صفوف حماس يبلغ ما بين 30 ألف إلى 40 ألف.

وقال مسؤول كبير في الجيش الإسرائيلي لبي بي سي إنه يعتقد أن 10 في المئة من هؤلاء المقاتلين قتلوا. ولا يمكن التحقق من صحة هذه الأرقام، ولكن حجم وقوة الضربات الإسرائيلية لا بد أنها أضعفت قدرات حماس القتالية.

وعلى النقيض من ذلك يبدو أن خسائر إسرائيل العسكرية قليلة نسبيا. وتقول إسرائيل إن 34 جنديا من قواتها قتلوا في المعارك البرية.

ويقول الخبير الأمني، يوسي كوبرواسر، إن الجيش الإسرائيلي يقود الهجوم البري "بحذر وهدوء" من أجل تجنب خسائر بشرية كبيرة في صفوفه.

ولا أحد يعرف كم بقي من حماس في الشمال. وكم من المقاتلين يختبئون في الأنفاق. وكم منهم اندسوا بين السكان الهاربين إلى الجنوب.

وتشكل الأنفاق تحديا للجيش الإسرائيلي. وتحاول قواته تفجير أي نفق تعثر عليه بدل خوض معارك تحت الأرض.

 

حرب الشوارع

من البديهي أن إسرائيل لها اليد العليا فيما يتعلق بالاستخبارات والقوة العسكرية. فبمقدورها الاستماع إلى الاتصالات، أو قطع خدمات النقال والانترنت في غزة. ولها سيطرة تامة على الجو بفضل مقاتلاتها ومسيراتها التي تراقب كل حركة على الأرض، ولكن ليس تحتها.

وقال مسؤول كبير في الجيش الإسرائيلي لبي بي سي إنهم يحددون 100 هدف جديد كل يوم، ولكن القائمة ستتقلص مع تقدم الحرب. وكلما طال عمرها زاد اعتمادها على القوات البرية للبحث عن أي مقاومة والقضاء عليها.

ويرى جاستن كرامب، ضابط سابق في الجيش البريطاني، ومدير شركة سيبيلين المتخصصة في تقييم المخاطر، أن إسرائيل تحقق تقدما ملموسا، ولكن جنودها "مقبلون على مواجهة المناطق الحضرية في المدن".

ومعروف أن القوات الإسرائيلية أفضل تدريبا وأكثر تجهيزا، ولكن حرب الشوارع قد تشكل صعوبة على أعتى الجيوش العصرية.

ولا تزال الاشتباكات المباشرة محدودة حتى الآن، فهي بعيدة كل البعد عن حرب الشوارع الدائرة رحاها بين روسيا وأوكرانيا في مدن مثل باخموت. وأغلب الفيديوهات التي نشرها الجيش الإسرائيلي تظهر عمليات بالدبابات.

كما أن إسرائيل لم تدفع بكامل قواتها في الحرب. ويقدر البعض أن لها 30 ألف جندي في غزة حتى الآن. وهذه نسبة قليلة من قواتها التي تبلغ 160 ألف جندي عامل، فضلا عن 360 ألف جندي من جنود الاحتياط.

ويقول جاستن كرامب إن السؤال يُطرح عن عدد المشاة الذين تريد إسرائيل الدفع بهم لتفتيش كل بناية في غزة ومتاهات أنفاقها.

ويمكن لإسرائيل أن تستهدف معاقل حماس. ويعتقد أنها ستتجنب الاشتباكات في الشوارع، لأن ذلك سيؤدي إلى خسائر بشرية كبيرة في صفوفها، ويهدد حياة الرهائن والأسرى أيضا.

 

خطة ما بعد الاجتياح

والسؤال المطروح أيضا هو ما إذا كانت أهداف الحرب التي أعلنت عنها إسرائيل بتدمير حماس، قابلة فعلا للتحقيق. ويعترف كبار المسؤولين الإسرائيليين أنفسهم بأن تدمير إحدى الأيديولوجيات بالقنابل والرصاص أمر مستحيل.

وبعض قادة الحركة ليسوا موجودين في غزة أصلا. ويقول كاتز إنه إذا بقي أفراد من حماس فقط على قيد الحياة، يمكنهم أن يقولوا: "لأننا لا زلنا هنا، فإننا انتصرنا في النهاية".

ولذلك يرى كرامب أن هدف إسرائيل لابد أن يتحول من تدمير حماس إلى معاقبتها، للتأكد من عدم تكرار هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وتتعرض إسرائيل إلى ضغوط متزايدة للإفصاح عما تعتزم القيام به لاحقا، خاصة من الولايات المتحدة.

وقال مسؤول في الجيش الإسرائيلي إن ونستون تشرشل لم يفكر في مشروع مارشال لإعادة بناء ألمانيا عندما ساعد في هجوم الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.

ولكن الانتصار في الحروب نادرا ما يكون دون خطة ما بعد الاجتياح، وهو أمر غائب تماما في العمليات العسكرية الإسرائيلية حتى الآن.

شارك الخبر: