• الساعة الآن 06:05 AM
  • 15℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

حرب غزة تهدد اقتصادات الشرق الأوسط

news-details

مع استمرار الحرب على غزة لأسابيع الآن، ومخاوف توسع نطاق الصراع إلى جبهات أخرى، بدأت أغلب القطاعات الاقتصادية في دول المنطقة تعاني من الخسائر مع توقعات بارتفاع حجم الأضرار الاقتصادية، ومن أكثر القطاعات تضرراً قطاع السياحة، بخاصة في دول الجوار مثل مصر والأردن ولبنان، وفي كلمتها أمام مؤتمر مبادرة الاستثمار المستقبلي في السعودية، الأسبوع الماضي، قالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، "إن الاضطرابات عامل قاتل للنشاط السياحي".

وبدأت قطاعات السياحة في دول الجوار بالفعل تشهد إلغاء رحلات وفود نتيجة الحرب في المنطقة، وتنقل صحيفة "فايننشال تايمز" عن أحد أصحاب شركات السياحة في الأردن قوله إن الحرب أدت إلى سلسلة من إلغاء الحجوزات "هذا ما حدث، اختفت أشهر وأشهر من حجوزات العطلات". وتشكل عائدات السياحة ما يصل إلى نسبة 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الأردني.

أما في مصر، التي تعاني من مشكلات اقتصادية أساساً، فألغيت حجوزات عطلات إلى شبه جزيرة سيناء المجاورة لقطاع غزة. ويقول الاقتصادي في بنك "غولدمان ساكس" الاستثماري الأميركي فاروق سوسه "بدأنا بالفعل نرى تقارير عن إلغاء حجوزات سياحية في الدول المجاورة مثل مصر ... ونعتقد أن ذلك يمكن أن يكلف مصر خسائر بمليارات الدولارات في عائدات السياحة للسنة المالية الحالية وحدها. وليس لدى مصر الاحتياطات الأجنبية التي تقيها خطر عدم القدرة على امتصاص صدمة كهذه".

 

نطاق أوسع

ويعتمد لبنان على عائدات السياحة التي تشكل ما يصل إلى 40 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وفي مقابلة مع "سي إن إن" قال وزير السياحة اللبناني وليد نصار إن البلاد تواجه مزيداً من التدهور الاقتصادي، أما في دول الخليج، التي ربما زادت عائداتها من ارتفاع أسعار النفط قليلاً، فيمكن لاقتصاداتها تحمل أي تراجع في عائدات السياحة.

مع ذلك، يقول كبير الاقتصاديين في شركة "جدوى للاستثمار" في الرياض جيمس ريف "مع ذلك يتوقع انخفاض معدلات الاستثمار الأجنبي المباشر وأيضاً عائدات السياحة... وإذا أخذنا في الاعتبار أن الأولوية (لدول الخليج) هي التنويع الاقتصادي فهذه خسارة كبيرة".

حتى في دبي، التي تبدو بعيدة نسبياً من الصراع في غزة، تنقل "فايننشال تايمز" عن مديري الفنادق قولهم، إن بعض المجموعات الإسرائيلية والأميركية ألغت حجوزاتها. ويقول أحد المحللين في دبي إن "بائعي التجزئة قلقون من تراجع المبيعات، بخاصة لسلع الرفاهية... وألغيت بالفعل مناسبات إطلاق منتجات جديدة، فالكل خائف مما سيحدث مستقبلاً".

ومنذ بداية الحرب مطلع الشهر الماضي، تعرض قطاع السياحة الإسرائيلي لأضرار هائلة، بخاصة في موسم السفر الذي يصل ذروته في الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) إلى ديسمبر (كانون الأول)، وقالت رئيسة رابطة المرشدين السياحيين غانيت بيليغ الشهر الماضي، إن الرحلات السياحية تلغى "حتى الرحلات المحجوزة لعامين مقبلين، وذلك خشية من أن الغزو الانتقامي لقطاع غزة يمكن أن يتحول إلى صراع إقليمي". وقارنت بيليغ بين الوضع الحالي بالنسبة إلى السياحة في إسرائيل والوضع في ذروة أزمة وباء كورونا، وأضافت "نتلقى طلبات إلغاء رحلات ووفود سياحية بشكل يومي. بالكاد تعافينا من أزمة كوفيد، وها نحن نعود إليها مجدداً".

 

قطاعات أخرى

لا يقتصر الضرر على قطاع السياحة، إذ بدأ العاملون في قطاع المصارف في دول المنطقة يشعرون بتأثير الحرب ويخشون من أن استمرار الصراع أو توسعه يمكن أن يؤثر أكثر في القطاع المالي والمصرفي. ويقول المحلل المالي فاروق سوسه، "هناك قدر كبير من الضبابية التي تحيط بمدى تأثير الحرب في اقتصادات المنطقة.. فخطر توسع الصراع يهدد بزيادة الأضرار واتساع نطاقها".

كانت أسواق السندات في دول الجوار شهدت بالفعل منذ بداية الحرب الشهر الماضي تدهوراً واضحاً، بخاصة في مصر والأردن، إذ بعد الأسبوع الأول للحرب ارتفع العائد على سندات الدين السيادي الدولارية الأردنية المستحقة في عام 2030 من نسبة 8.5 في المئة إلى 9.45 في المئة، وهو أعلى معدل عائد على السندات منذ أكتوبر العام الماضي، ومعروف أن نسبة العائد عكس سعر السند، فكلما ارتفع العائد هبط سعر سند الدين، أما الدين السيادي المصري، فتعرض لمزيد من الضغط، في الوقت الذي يواجه فيه من قبل ضغوطاً سلبية هائلة، وفي تلك الفترة من الشهر الماضي أيضاً، هبط سعر سندات الدين الدولارية المستحقة في عام 2031 من 53 سنتاً للدولار إلى 51 سنتاً للدولار، وتلك مشكلة كبيرة لمصر التي تحتاج إلى إعادة تمويل قدر كبير من الديون السيادية في السنوات المقبلة. وقال مدير الدين السيادي للدول الصاعدة في شركة إدارة الأصول "أبردن" إدوين غوتيريس، "ستضيف أزمة لاجئين جديدة إلى مشكلات مصر، على رغم أنها قد تستفيد من المساعدات والمنح الدولية إذا حدث ذلك".

أما بالنسبة إلى إسرائيل، وحسب تقديرات كبير الاقتصاديين في "باغوت إنفستمنت هاوس" غاي بيت – أور، فإن التبعات الاقتصادية للحرب يمكن أن تكون أسوأ من حرب إسرائيل مع "حزب الله" اللبناني في عام 2006، التي استمرت شهراً. ويتوقع الاقتصادي الإسرائيلي أن الوضع الحالي قد يؤدي إلى انكماش نمو الناتج المحلي الإجمالي بما بين اثنين وثلاثة في المئة في الربع الأخير من هذا العام، مقارنة مع الربع الثالث من العام، وأضاف "أمامنا عملية طويلة، وسيكون لها تأثيرها في الاقتصاد الإسرائيلي، فالناس تلغي عطلاتها وتلغي الحفلات والمناسبات وتقبع في بيوتها، حتى الأطفال أيضاً في البيوت، من ثم لا يجد كثيرون فرصة عمل".

شارك الخبر: