تحول الأمر عند ناشطي حزب الإصلاح (الإخوان المسلمين في اليمن) في مواقع التواصل الاجتماعي إلى مماحكة "طبائن"، على حد وصف مراقبين. فطالما أن خليفتهم أردوغان، وتحديدا منذ فوزه بمشقة كبيرة في الانتخابات الأخيرة، أصبح مثقلا بثمن الفوز الذي دفعه، وليس مستعدا للتعاطف مع غزة التي يرى بأنها لم تنتظر كما يبدو حتى يكون قد تجهز ولبس رداء بابه العالي، فلا بأس عند ناشطي الإخوان في اليمن من التندر وسلط الطرف الآخر "محور المقاومة" بألسنة حداد، أقلها أنهم تركوا غزة تواجه العدو الصهيوني وحدها، بعد تصديع رؤوس الخلق بشعار "الموت لإسرائيل".
لم يعد باستطاعة إخوان اليمن التغني بـ"أمجاد" خليفتهم أردوغان ولا بمواقف تركيا تجاه القضية الفلسطينية. كان ذلك من قبل يبدو سهلا، لأن أردوغان كان باستطاعته أن يزايد بالتوعد ورفع سبابته في وجه رئيس الكيان الصهيوني في لقاء تم ترتيبه بينهما في مكان وزمن ما، وأن يشرف بنفسه على وصول سفينة إلى شاطئ عزة لكسر الحصار. الآن الوضع مختلف، فالحرب ليست نزهة وموقف الغرب الذي يتودد له أردوغان منحاز كليا إلى الكيان الصهيوني، وبالتالي أي موقف بالتحرك من أردوغان سيكون محفوفا بالمخاطر. وبالكاد تجمعت لديه شجاعة كافية للقول بأن حماس ليست منظمة إرهابية مثلما يقول الغرب وأنها حركة تحرر أمام احتلال.
تأخر موقف أردوغان بعد أن كان الإخوان في اليمن قد وجدوا في ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وفي الملك الأردني موقفا يمكن التعويل عليه، بل وحتى بالرئيس المصري محمد مرسي عدوهم اللدود الذي أطاح برئيسهم مرسي، فكل من السعودية والأردن ومصر هي في نظر الإخوان تقدم موقفا مشرفا تجاه القضية الفلسطينية أفضل من موقف إيران ومحور المقاومة. وبحسب صادق القاضي هناك "سؤال يبطح نفسه: لصالح من التشفي بضحايا غزة؟ ولصالح من شيطنة المكونات الفلسطينية ومنها حماس؟ ولصالح من استعداء الأنظمة العربية ومنها مصر والسعودية والأردن؟ ولصالح من الافتراء على الدول الإسلامية ومنها تركيا؟ يا صهاينة العرب، وأذناب الاستعمار".
قد يكون ذلك منطقيا إلى حد ما، لكن موقف ناشطي الإخوان من السعودية والأردن ومصر ليس تقييما لموقف تلك الدول ذاته وإنما لإغاظة الطرف المقابل لا أكثر بالقول إن هؤلاء يخدمون القضية الفلسطينية أكثر من أولئك.