ما الذي يحدث؟! هكذا يتساءل الشارع اليمني وهو يرى رئيس حكومة مقالة لم يظهر طيلة السنوات السابقة إلا مرات بعدد الأصابع وفي أحداث هامشية لا تكاد تذكر، وإذا به اليوم يتصدر حديثا عن مسألة في غاية الحساسية والأهمية انتظر ذلك الشارع تأكيدها أو نفيها بنفاد صبر.
توارى البريه العسكري ليحيى سريع الذي لطالما استفرد بكل العمليات العسكرية وجعلها حكرا عليه وحصرا به، وأوكل المهمة هذه المرة لابن حبتور، فظهرت كرافتة الأخير بدلا عن بُريه سريع للحديث عن عملية عسكرية أنصارية مزلزلة وفي غاية الأهمية، مؤكدة وصول الصواريخ اليمنية إلى إسرائيل ومهددة بضرب أي سفن صهيونية قد تصادفها في البحر الأحمر.
كثيرون أشفقوا على رئيس حكومة تصريف الأعمال في صنعاء عبد العزيز بن حبتور وهم يرون كيف يمتهنه قيادات الأنصار حتى آخر رمق بإجباره على الظهور إعلاميا والتحدث إلى وسائل الإعلام حول قضية إطلاق الصواريخ نحو الكيان الصهيوني، وتأكيده "وصول صواريخ ومسيرات يمنية إلى أهداف إسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
كأنك ذاك هو ما يستحقه بن حبتور من سلطة أخلص لها كل الإخلاص وُمنح على إثر إخلاصه ذاك، ومن قبل تلك السلطة، وسام الدرجة الأولى، ليقوم أنصار الله مرة أخرى بتتويجه وساما من الدرجة التي وحدهم يعرفون مستواها، قبل أن يرحل عن حكومتهم إلى غير رجعة.
لم يكن لدى بن حبتور شاشة عرض ولا جهاز بروجكتر، مثلما لدى يحيى سريع، حتى يشرح تفاصيل عملية إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة وعددها ومكان انطلاقها وكم اعترضت منها البارجة الأمريكية وكم وصل منها إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة وأين استقرت هناك.
كل ما هنالك أن كلاما عائما تم تلقينه لابن حبتور فردده بحذافيره كرئيس حكومة يدرك تمام الإدراك ما الذي يفعله، فشرع في الأمر بكل جدارة كما يبدو، مؤكدا بأن "صنعاء ساهمت وستساهم بكل الإمكانيات للرد على المجازر في غزة"، بل ومهددا بأنه "إذا استمر الاعتداء على غزة فستتعرض السفن الصهيونية للضرب في البحر الأحمر".
أما مسألة أن صواريخ وطائرات مسيرة انطلقت بالفعل من الأراضي اليمنية باتجاه إسرائيل، والتي أراد لها أنصار الله أن تكون مربط الفرس في تصريح بن حبتور، فقد أكدها رئيس الحكومة المقالة تماما كما أكدها بيان البنتاغون، حيث قال بن حبتور: "الأمريكيون اعترضوا صواريخ ومسيّرات كانت متجهة نحو الأراضي المحتلة وأسقطوا جزءا منها، والجزء الآخر استطاع الوصول إلى أهدافه".
هكذا حتى يبدو المشهد أكثر واقعية ومصداقية، وأيضا حتى تكون رسالة أنصار الله إلى كل من إسرائيل وأمريكا قد وصلت وتم وعيها جيدا من قبل هذين الكيانين الزائلين، ربما مثلما وصلت رسالة القيادي حمود شرف مدير إذاعة سام إف إم إلى الفلسطينيين ومحور المقاومة بأنهم إن أرادوا أن ينتصروا على عدوهم الإسرائيلي والأمريكي فعليهم فقط أن يرفعوا شعار أنصار الله عاليا وليطلقوا الصرخة مثلما أطلقها الأنصار من قبل فانتصروا على "التحالف الأمريصهيوسعوإماراتي".