غيّب الموت فجر الأحد، الإعلامية جيزيل خوري عن عمر 62 عاماً في مستشفى الجامعة الأمريكية في بيروت، بعد صراع مع مرض السرطان.
وجيزيل هي زوجة الصحافي الشهيد سمير قصير، وقد تخرّجت من كلية الاعلام في الجامعة اللبنانية مطلع الثمانينات، وانطلقت مسيرتها المهنية سنة 1986 في المؤسسة اللبنانية للإرسال، واستضافت أبرز الشخصيات السياسية والثقافية العربية والعالمية في برنامجها “حوار العمر” بين عامَي 1992 و2001، قبل انضمامها إلى مجموعة “أم بي سي” سنة 2002 ومساهمتها في إطلاق قناة “العربية”، حيث قدّمت برنامج “بالعربي” بين عامَي 2003 و2013.
ثم انتقلت إلى قناة “بي بي سي عربية” سنة 2013 حيث حاورت كبار القادة والمفكّرين عن لحظات مفصلية في التاريخ المعاصر ضمن برنامج “المشهد”، ومن ثم إلى قناة “سكاي نيوز عربية”، سنة 2020 في برنامج “مع جيزال”، الذي شكّل نقطة تحول في شكل البرامج الحوارية وإيقاعها وتنوّع مواضيعها. كتبت وأنتجت أفلاماً وثائقية عن أبرز القامات السياسية العربية، وأسست شركة “راوي” لانتاج الوثائق إلى جانب الصحافية والسفيرة سحر بعاصيري.
وقد ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بصور جيزيل من رفاقها وزملائها الذين أعربوا عن حزنهم العميق لغيابها، ونشر الصحافي حبيب يونس صورة تجمعه بالراحلة من أيام الدراسة في كلية الإعلام عام 1980 وكتب “ارتحلت ذاتُ العينين، الْكل منهما بلون. وداعًا جيزال…”.
ونشرت المستشارة الاعلامية لرئيس حزب القوات اللبنانية انطوانيت جعجع صورة جيزيل وأرفقتها بتعليق: “جيزلا الحلوة يا رفيقتي وصديقتي وأختي، كم كان عمرك قصيراً، كم تحملت وجعك وأحزانك بكبرياء وصبر، جيزلا الحلوة هيك كنت سمّيكي ورح ضل سمّيكي”.
وكتبت الوزيرة السابقة مي شدياق “خبر مفجع هالصبح! جيزيل خوري فليّتي كيتر بكير صديقتي! قضيتي حياتك نجاحات إعلامية بس كمان وعذاب ونضال بحياتك الخاصة والوطنية. واجهتي كل التحديات بس المرض اللعين تغلب عليك! بقدر ما عم تغلي الدنيا حولنا يمكن استعجلتي تروحي تواسي حبيبك سمير قصير بس نحن هون منحبّك ورح نشتقلك”.
ونعت “مؤسسة سمير قصير” الراحلة ببيان جاء فيه: “بقلوب دامعة وعيون خاشعة، تنعى مؤسسة سمير قصير إلى الأصدقاء والأوفياء وعشاق الحرية، مؤسستها الحالمة ورئيستها الدائمة، الإعلامية جيزيل خوري، بعد حياة من النضال والالتزام والإنجازات.” وأضاف: “إن أعضاء مؤسسة سمير قصير وفريق عملها، ففقدوا مَن كانت البوصلة والإلهام. بعد اغتيال زوجها الصحافي والمؤرّخ الكبير سمير قصير في 2 حزيران/يونيو 2005، أبَت إلا أن تجعل من الألم حافزاً للدفاع عن الحرية. فأطلقت المؤسسة رسمياً في 1 شباط/فبراير 2006 وحوّلتها إلى إحدى أبرز المؤسسات الإقليمية المتخصصة في رصد الانتهاكات ضد الحريات الإعلامية والثقافية في المشرق العربي، ودعم الأصوات الإعلامية المستقلة في لبنان ودول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، موضحاً أن “بقيادتها، بنت مؤسسة تغرف من إرث سمير قصير الفكري لتتطلع نحو المستقبل وتساهم في بناء فكر عربي متجدد ومتحرر من القمع”. وتابع البيان “جعلت من المؤسسة حاضنةً لمهرجان ربيع بيروت، الذي قدّم، على مدى 15عاماً، أهم الانتاجات الفنية اللبنانية والعالمية مجاناً للجميع، في كافة أنحاء المدينة. حملت قضية حرية الصحافة إلى المحافل العالمية، دافعةً الاتحاد الأوروبي لإطلاق جائزة سمير قصير لحرية الصحافة عام 2006، والتي أصبحت أكثر جوائز الصحافة عراقةً وجذباً للصحافيات والصحافيين العرب. انتُخِبت عضواً في مجلس إدارة المنتدى العالمي لتطوير الإعلام بين 2016 و2020، وعضواً في لجنة تحكيم جائزة “غيلرمو كانو” لحرية الصحافة التي تمنحها اليونسكو. نالت وسام الفنون والآداب الفرنسي من رتبة ضابط عام 2012، ووسام جوقة الشرف الفرنسية من رتبة فارس عام 2019″. وختم “جيزيل خوري أسلمت الروح فجر الأحد 15 تشرين الاول/أكتوبر 2023. وما لمؤسّسة سمير قصير إلا تسلم الأمانة والشعلة ليبقى اسمها مُرادفاً للحرية والإبداع”.