• الساعة الآن 11:02 PM
  • 15℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

انفصال الاقتصاد الأمريكي عن الصين ليس سهلاً

news-details

بعثت أنباء منع تشارلز وانغ تشونغي، أحد كبار مسؤولي بنك نومورا من مغادرة الأراضي الصينية، بإشارات للشركات والمستثمرين الأجانب في البلاد. ورغم أن ملابسات المنع لا زالت غامضة، وقد تكون مرتبطة بالتحقيقات بشأن اختفاء باو فان في فبراير الماضي، أكبر صانع للصفقات التكنولوجية في الصين، ولكنها تذكر بحجم صعوبة توقع بيئة العمل بالنسبة للشركات الأجنبية في البلاد.

وجاء حظر سفر المصرفي الصيني تشونغي، عقب التشديد الملحوظ على نشاط الشركات الأجنبية في الصين. بما في ذلك الحملات التي شنتها السلطات في شهر مايو الماضي على شركات الاستشارات الأمريكية كابفيجن وباين آن كومباني، ومينتز، بعد اتهامها بنقل معلومات حساسة إلى خارج البلاد، وتهديد الأمن القومي.

وتقود حالة «عدم اليقين» المتزايدة حيال العمل التجاري في الصين إلى ضغط الحكومات على الشركات من أجل «تقليص المخاطر» المحتملة في علاقاتها، وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية، والرغبة في الحد من نقاط الضعف التي كشف عنها انتشار وباء كورونا.

واختارت عدد من الشركات نقل أعمالها إلى خارج الصين، أو تحويلها إلى وحدات أعمال مستقلة، ورغم ذلك، فقد ثبت صعوبة تنفيذ «تقليص المخاطر»، وتحديداً بالنسبة لأصحاب المصانع؛ حيث يوجد عدد قليل من البدائل الخارجية الأخرى؛ في حين تعتمد الشركات متعددة الجنسيات على مجموعة من الموردين المقيمين في الصين، الذين بإمكانهم إنتاج المدخلات بأسعار أقل من أي مكان آخر في العالم، بينما يؤدي تقليص التصنيع في الصين لارتفاع تكلفة الإنتاج، وخسارة القدرة على المنافسة.

من بين خيارات التحوط، اتباع استراتيجية «الصين + 1»، وهي استراتيجية تعمل بمبدأ الاحتفاظ بالمصانع الحالية في الصين، مع تدشين استثمارات جديدة في الهند، أو دول جنوب شرق آسيا مثل فيتنام، كشركة «آبل»، التي صنعت أحدث هواتفها «آيفون 15» في الهند، وكذلك الصين. ولكن الشركة واجهت عراقيل أمام مهمتها في تنويع أماكن التصنيع، مثل قضايا مراقبة الجودة والكفاءة.

خيار آخر يشهد إقبال الشركات الغربية في الآونة الأخيرة، وهو اعتماد استراتيجية «الصين من أجل الصين»، القائمة على إعادة تشكيل عمليات التصنيع في الصين، لتخدم السوق المحلي في الصين فقط. هذه الاستراتيجية مدفوعة بسلوك الصين في التعامل مع الشركات الأجنبية، بقدر ما هي مدفوعة بضغوط الحكومات الغربية على تلك الشركات، حيث من الممكن لهذه الاستراتيجية أن تتسبب بعزل مجموعات الأعمال الدولية عن الإجراءات التي تتخذها الصين. من المحتمل أيضاً أن يؤدي توطين سلاسل التوريد، إلى تقليل الاعتماد على المواد الخام من خارج الصين، والتي قد تتعطل بسبب العقوبات الأمريكية. أما بالنسبة لأصحاب الاستثمارات، فإن إنشاء سلاسل توريد منفصلة للشركات الصينية وغير الصينية أمر مكلف، حتى لو كان ذلك ممكناً.

وقد لا يكون أمام شركات الخدمات، لا سيَّما تلك التي تستخدم البيانات في مجالات مثل التمويل أو الاستشارات أو تكنولوجيا المعلومات، خيار آخر سوى التحرك نحو استراتيجية «الصين من أجل الصين». ولكن بيئة العمل في الصين باتت أكثر صعوبة بالنسبة لتلك الشركات، خاصة بعدما دخل العمل بقانون موسع لمكافحة التجسس في بكين حيز التنفيذ، لتقييد المشاركة الدولية للبيانات الحساسة. شركة «سيكويا» الأمريكية تقول إنها تعتزم فصل أعمالها في يونيو المقبل، مشيرة إلى التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، تليها هذا الأسبوع نظيرتها «جي جي في كابيتال»، كما تخطط وحدة خدمات تكنولوجيا المعلومات السابقة «كيندريل»، التابعة لشركة «آي. بي. إم»، لفصل أعمالها في الصين.

بالمقابل، يكمن الخطر الحقيقي في أن وحدات الأعمال الصينية المنفصلة تصبح منفصلة عن إشراف المجموعة -وأكثر عرضة للنفوذ الرسمي أو الانجرار إلى طرق صينية غامضة لممارسة الأعمال.

ليس هناك سوى خيارات قليلة أمام الشركات الأجنبية لتقليل الاحتكاك بالصين. وفي حين على بكين الحذر من طرد الشركات التي جلبت استثمارات حيوية إلى البلاد، على الحكومات الأمريكية والأوروبية إدراك أن مواقفها المتغيرة بسرعة، تولّد ضغطاً حقيقياً على الشركات. كما تحتاج مجالس الإدارة إلى مزيد من الوضوح بشأن الاتجاهات المستقبلية للسياسة الصينية، حتى تتمكن من التخطيط طويل المدى. قد يكون «تقليص المخاطر» أمراً لا يمكن تجنبه، ولكنه لن يكون سريعاً أو سهلاً.

شارك الخبر: