مع أن إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عزمه إقامة جدار أمني متطور على طول الحدود الشرقية مع الأردن ليس الأول، إلا أنه يتزامن هذه المرة مع تصاعد عمليات تهريب الأسلحة من الأردن في ظل تزايد أعمال "المقاومة الفلسطينية" داخل الضفة الغربية.
تهريب الأسلحة والمتفجرات
وبصورة متكررة أصبحت السلطات الإسرائيلية تعلن عن إحباط عمليات لتهريب الأسلحة والمتفجرات من الأردن إلى الضفة الغربية وإسرائيل، متهمة إيران و"حزب الله" اللبناني بالوقوف وراء معظمها.
وترى إسرائيل أن الحدود الشرقية مع الأردنية أصبحت "خاصرة رخوة لها ومعقلاً لتهريب السلاح"، بعد الحد من تهريب الأسلحة على إثر إقامة سياج حدودي على الحدود الغربية مع مصر.
واعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي يؤاف غالانت أن إيران و"حزب الله" اللبناني وفصائل فلسطينية "حددت الضفة الغربية نقطة ضعف لإسرائيل، وخصصت كثيراً من الموارد هناك بهدف توجيه الهجمات"، مشيراً إلى أن "إيران كثفت جهودها لنقل الأسلحة إلى الجماعات الإرهابية الفلسطينية".
ومع أن إسرائيل تعلن عن عمليات إحباط التهريب إلا أنها تفرض رقابة مشددة على تفاصيل بعضها، كما حدث قبل شهرين عندما سمحت رقابتها العسكرية بالكشف عن إحباط "محاولة كبيرة واستثنائية" لتهريب أسلحة عبر الحدود الأردنية - الإسرائيلية.
طولكرم
كما كشف جهاز الأمن العام الإسرائيلي (شاباك) بداية شهر يوليو (تموز) الماضي عن "اعتقال ثلاثة فلسطينيين في إسرائيل يعملون في شبكة مهربين يجندها ويشغلها ’حزب الله‘ لتجارة المخدرات وتوزيعها على جهات مختلفة"، وأشار بيان لـ "شاباك" إلى أن "هذه القضية توضح جهود عناصر من ’حزب الله‘ وإيران لاستغلال المواطنين العرب في إسرائيل للقيام بأنشطة أمنية ضد الدولة، وبأن الخيط بين الأمن والجريمة في المجتمع العربي رقيق للغاية".
وقبل يومين أعلن جهاز "شاباك" اعتقال ثلاثة فلسطينيين قرب طولكرم مطلع أغسطس (آب) الماضي أثناء قيامهما بتهريب أسلحة على الحدود الأردنية وبحوزتهم أربع عبوات ناسفة وأربعة مسدسات، وأظهرت التحقيقات، وفق الجهاز، "تجنيد حركة الجهاد الإسلامي في مخيم جنين الشباب الثلاثة، إضافة إلى نقلهم أسلحة ومبالغ مالية إلى مسلحين في مخيم نور شمس للاجئين في طولكرم"، وخلال تلك الفترات اقتحم الجيش الإسرائيلي مخيمي جنين ونور شمس لاعتقال مطلوبين وتدمير مقار للفصائل الفلسطينية.
"الجهاد الإسلامي"
وأمس الثلاثاء قتل الجيش الإسرائيلي مسلحاً من حركة "الجهاد الإسلامي" خلال اقتحامه مخيم نور شمس حين استهدف "بناية بداخلها قنابل جاهزة للاستخدام، وانفجرت إحدى هذه القنابل خلال المداهمة"، وفق بيان للجيش الإسرائيلي.
وقبل سبعة أعوام أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن على إسرائيل "إحاطة نفسها بالجدران لنحمي الإسرائيليين من الحيوانات المفترسة"، مشيراً إلى "أن ذلك سيتم بصورة تدريجية من أجل تعزيز أمن إسرائيل".
والأحد الماضي عاد نتنياهو إلى طرح موضوع بناء سياج على طول الحدود مع الأردن لمنع التسلل وتهريب الأسلحة عقب تأجيل إقامته خلال الأعوام الماضية بسبب كلفته المالية المرتفعة.
وقال نتنياهو، "سنقيم سياجاً على حدودنا الشرقية مع الأردن وسنضمن عدم التسلل من هناك أيضاً، وسنحمي حدودنا وبلادنا كما فعلنا على طول الحدود مع مصر ومنعنا عمليات التسلل من هناك".
إطلاق النار
وأوضحت مصادر عسكرية إسرائيلية أن عمليات تهريب السلاح عبر الحدود مع الأردن "أسهمت في توفير بيئة أفضت إلى زيادة عمليات إطلاق النار في الضفة الغربية"، ورأى المحلل العسكري الإسرائيلي إيال عليما أن إسرائيل "قلقه للغاية من إمكان تهريب متفجرات إيرانية الصنع ووصولها إلى المسلحين"، مشيراً إلى ارتفاع عمليات التهريب خلال الأشهر الماضية.
ونوه عليما إلى أن تأجيل بناء السياج الأمني خلال الأعوام الماضية جاء بسبب ارتفاع كلفته الاقتصادية، مضيفاً أن الجدار الحالي قديم ولم يوفر الحماية لإسرائيل، وأن إقامة الجدار "ستحد بصورة كبيرة من عمليات التهريب لكنها لن تقضي عليها نهائياً".
مسار السياج الأمني
وعن مسار السياج الأمني أشار عليما إلى أنه سيكون وفق الحدود الحالية مع الأردن، لافتاً إلى أن وضع الضفة الغربية مع السياج الأمني لن يكون عائقاً حتى في ظل عدم حل القضية الفلسطينية.
وحول أسباب ازدياد عمليات تهريب الأسلحة من الأردن أوضح الباحث في الشؤون الإسرائيلية عماد أبو عواد إلى أن ذلك يعود "لوجود نفس شعبي إقليمي مناصر للقضية الفلسطينية"، إضافة إلى "استراتيجية قوى المقاومة بالتركيز على الضفة الغربية".
وأشار أبو عواد إلى أنه على رغم إحباط إسرائيل معظم عمليات التهريب لكن محاولات أخرى تنجح ويتم إدخال الأسلحة والمتفجرات بسبب الإصرار على ذلك.
نسبة التهريب
وأرجع مدير مركز "القدس" للدراسات السياسية عريب الرنتاوي ارتفاع نسبة التهريب "لتزايد اعتداءات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين على الفلسطينيين، وإلى الفارق الكبير في أسعار الأسلحة بين داخل فلسطين وخارجها"، مضيفاً "وجود قوة شرائية، وأن فارق الأسعار يغري المهربين بمواصلة عمليات التهريب على رغم ملاحقتهم، وابتداع أساليب جديدة للتغلب على المحاولات الإسرائيلية للقضاء على ذلك"، مشيراً إلى أن "إقامة السياج الأمني تنسجم مع عقلية الـ ’غيتو‘ والقلعة التي تتحكم في صانع القرار الإسرائيلي".
المصدر: اندبندنت عربية