• الساعة الآن 02:37 AM
  • 14℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

ما الجديد في كتاب زعيم تنظيم القاعدة الجديد؟

news-details

أصدر تنظيم "القاعدة" كتاباً في الذكرى الأخيرة لهجمات 11 سبتمبر/ أيلول بقلم محمد صلاح الدين زيدان، وهو الاسم الحقيقي للزعيم الجديد المحتمل للتنظيم والذي يُعتقد أنه خلف الزعيم السابق أيمن الظواهري.

ولم يؤكد التنظيم بعد مقتل الظواهري الذي قالت الولايات المتحدة إنها قتلته في كابول في 31 يوليو/ تموز 2022، ولا تعيين "سيف العدل" (أحد ألقاب زيدان) الذي يعتقد أنه في إيران، خلفاً له.

الكتاب الذي جاء بعنوان "قراءة حرة في كتاب 33 استراتيجية" مستوحى من كتاب المؤلف الأمريكي روبرت غرين "33 استراتيجية للحرب" الصادر عام 2007.

 

وكانت "القاعدة" قد أصدرت أيضاً عدداً جديداً من مجلتها الرئيسية "أمة واحدة" مخصصة لذكرى هجمات 11 سبتمبر/ أيلول، هددت فيه "بهجمات أكبر بكثير من هجمات سبتمبر".

وجادل مقال في العدد يُعتقد أن زيدان كتبه، بأن تلك الهجمات "لم تكن كافية لإجبار الولايات المتحدة على تغيير سياساتها، وحث الجهاديين على مواصلة هجماتهم لتحقيق أهدافهم".

 

تكيّف مع التغييرات؟

بحسب الفريق المختص بالإعلام الجهادي في خدمة "بي بي سي مونيتورنغ"، يوصي زيدان في كتابه الجديد الجهاديين بـ"الابتعاد عن التفكير التقليدي وأن يكونوا مبدعين ورشيقين وناقدين للذات لتحقيق النجاح"، في ما يبدو أنه محاولة للتكيّف مع التغيّرات التي شهدها عمل التنظيم والظروف المحيطة به في السنوات الأخيرة والخسائر التي مُني بها.

وبرغم تأثره بكتاب روبرت غرين، ينتقد زيدان بعض جوانب الكتاب الأمريكي "التي لا تتطابق مع مبادئنا وتعاليمنا الإسلامية"، لا سيما في ما يتعلق بالمفاهيم الغربية للحكم و"ترويج غرين القبيح للانتهازية والفردية"، كما يقول.

ومع ذلك، يصر زيدان على أنه لا يزال بإمكان الجهاديين "الاستفادة بشكل كبير من النظريات والتعاليم التي يقدمها الكتاب حول الاستراتيجية والقوة والحرب".

ويجادل زيدان بأنه على الجهاديين أن "يكونوا مبدعين ويفكروا خارج الصندوق، وتجنب الالتزام بخطة أو استراتيجية لمجرد أنها آمنة أو مألوفة".

ويؤكد أن العدو "يجب ألا يكون قادراً على التنبؤ بالخطوة التالية للجهاديين".

ما الذي يميّز زيدان عن الظواهري؟

أيمن الظواهري الزعيم السابق لتنظيم القاعدة
أيمن الظواهري الزعيم السابق لتنظيم القاعدة

 

تشير وجهات النظر والكتابات السابقة المماثلة لزيدان والأسماء المستعارة الأخرى التي يعتمدها (مثل أبو خالد الصنعاني) إلى أن الرجل استراتيجي أكثر من سلفه المحتمل الظواهري.

وتختلف كتاباته كثيراً عن كتابات الظواهري الذي على الرغم من تأثيره أيضاً على الاستراتيجية، إلا أنه ركز بشكل كبير على المسائل النظرية والدينية، وتصرف أحياناً كداعية أكثر من كونه قائداً متشدّداً من خلال محاضراته التعليمية والدينية.

وفي هذا السياق، يشمل الكتاب مجموعة واسعة من المواضيع المتعلقة بالاستراتيجية، من مهارات القيادة وبناء الفريق إلى تكتيكات حرب العصابات والحرب النفسية.

كما يتحدث عن أهمية أن يكون عناصر تنظميه "أكثر انفتاحاً على الأفكار الجديدة والتغييرات والتقدم في التكنولوجيا والاستراتيجية والحرب".

ويكتب، كجزء من توصيته للابتكار وتغيير المسار، متوجهاً إلى الجهاديين: "اذهب بعيداً، حيث لا يتوقع العدو أن تكون. اترك الساحة لهم ثم هاجمهم من حيث لا يتوقعون".

ويدافع المؤلف بقوة عن فكرة عقد اجتماعات بأثر رجعي بعد أي مشروع أو عملية معينة، سواء كانت ناجحة أم لا، لتحليل الخطة والتنفيذ والنتيجة.

ويأسف لأنه بعد النجاحات، "غالباً ما يكون الجهاديون مشغولين جداً بالاحتفال بحيث لا يمكنهم الجلوس والتفكير في كيف سار المشروع".

تجنّب الأهداف المدنية

ينتقل زيدان للحديث عن حرب العصابات، خاصة في المناطق الحضرية، ويقول زيدان إن الهجمات لا يمكن أن تكون ناجحة أو أن يكون لها تأثير حقيقي على "الحكومة المستهدفة أو العدو"، بحسب توصيفه، ما لم تتم كسلسلة.

في هذا السياق، يوصي عناصر تنظيمه بشن هجمات متتالية، مصحوبة بآلة دعاية قوية للمساعدة في بث الرعب في الحكومة أو المجتمع المستهدف، "حتى يشعروا أنه لا يوجد مكان آمن". كما يركز كثيراً في كتابه على أهمية الحرب النفسية لكسر الأعداء.

وبينما يوصي بضرب "الأهداف السهلة"، يقول إنه من الأفضل تجنب الأهداف المدنية، "سواء على أراضينا أو أراضي الأعداء"، والتركيز على أفراد الأمن والجيش وكذلك المؤسسات الحيوية للحكومة، في ما قد يوحي بتغيير في استراتيجية التنظيم الذي أسفرت عملياته عن مقتل آلاف المدنيين منذ تأسيسه.

ويعلّق على ذلك بالقول: "لدينا واجبان: الدعوة والجهاد. إذا كنا نستهدف عامة الناس، فكيف نتوقع من شعوبهم أن تقبل دعوتنا إلى الإسلام؟".

أسامة بن لادن (يسار) وأيمن الظواهري
أسامة بن لادن (يسار) وأيمن الظواهري

 

ماذا يعني بـ"خيانة الشركاء"؟

يأسف زيدان في كتابه لـ"خيانة الشركاء" من دون تسمية أي منهم.

ويمكن تفسير هذا الجزء على أنه إشارة إلى شركاء سابقين لتنظيم "القاعدة" قطعوا علاقاتهم معه وأصبحوا أعداء في ما بعد، مثل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) و"هيئة تحرير الشام"، وكلاهما له جذوره في تنظيم القاعدة.

ويقول إن هؤلاء الشركاء كانوا يعرفون "بسبب مبادئنا وأخلاقنا" أن "القاعدة" لن تفضح أسرارهم أو تتحدّث عنها بشكل سيئ علناً، ولذلك استغلوا ذلك للهجوم.

ويشدد على أنه يجب عدم التسامح مع "الشركاء السيئين"، وعدم تبرير أفعالهم، وأنه يجب على قيادة المجموعة أن تكون استباقية وحازمة في الشروع في قطع العلاقات مع هؤلاء الشركاء، أو طرد العناصر المشتبه فيها على الفور داخل صفوفها.

 

ما هو وضع التنظيم اليوم؟

ويحيل الحديث عن الشركاء السابقين للتنظيم على الحرب التي اندلعت في عام 2013 داخل الحركة الجهادية بين القاعدة وفرعه الناشئ، تنظيم الدولة الإسلامية.

وفي العديد من البلدان، وأبرزها أفغانستان وأجزاء من الساحل الأفريقي وسوريا، شن تنظيم القاعدة وحلفاؤه حرباً مباشرة ضد تنظيم الدولة الإسلامية المنافس وما يسمى بـ"ولاياته". واليوم في أفغانستان، تخوض حركة طالبان معركة دموية مع فرع الدولة الإسلامية هناك (ولاية خراسان).

وتعد أفريقيا اليوم الساحة الأولى لتنظيم القاعدة، إذ تحتل حركة "الشباب" التابعة للتنظيم في الصومال صدارة المجموعات الجهادية من حيث عمليات العنف.

وباتت أفريقيا ساحة معركة جديدة للجماعات الجهادية مثل القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، لا سيما في المنطقة المحيطة بالساحل في شمال غرب أفريقيا.

ولا تقاتل تلك الجماعهات اليون فقط لإسقاط ما يصفونه بحكومات "مرتدة"، بل يقاتلون بعضهم البعض أيضاً، مما يترك المدنيين عالقين في مرمى نيرانهم.

ويثير هذا الواقع أسئلة عديدة حول ما إذا كانت "الرؤية" الجديدة التي يتضمنها كتاب زيدان.

 

من هو سيف العدل؟

يوصف سيف العدل أو محمد صلاح الدين زيدان، بأنه أحد أكثر عناصر القاعدة فاعلية، وأحد القادة الأحياء من حقبة ما قبل هجمات 11 سبتمبر الذين يمكنهم تولي زمام أمور التنظيم.

وتعود جذور زيدان إلى محافظة المنوفية في مصر، وهناك تضارب في المعلومات بشأن تاريخ ميلاده حيث تقول بعض المصادر إنه من مواليد عام 1960 وأخرى تقول أنه ولد عام 1963.

تبنى الأفكار المتطرفة خلال فترة المراهقة لكن الظروف المحيطة بانتمائه الى "حركة الجهاد الاسلامي" المصرية لا تزال غامضة.

في أواسط ثمانينيات القرن الماضي، وصل زيدان إلى رتبة عقيد في القوات الخاصة المصرية وكان ناشطاً في صفوف الجماعات الإسلامية المتطرفة المناهضة لحكم الرئيس المصري الراحل حسني مبارك.

واعتُقل عام 1987 ضمن حملة اعتقالات واسعة شملت ستة آلاف شخصاً، على خلفية تعرض وزير الداخلية المصري آنذاك حسن أبو باشا لمحاولة اغتيال. ثم أطلق سراحه لعدم كفاية الأدلة ضده لكنه س من الجيش.

بعد الإفراج عنه، غادر زيدان مصر متوجهاً إلى السعودية حيث يعتقد أنه التقى أسامة بن لادن خلال إحدى رحلات الأخير إلى مسقط رأسه لجمع التبرعات للجهاد الأفغاني.

 

ويرجح أن سيف العدل انتقل من هناك إلى افغانستان حيث شارك في المعارك ضد القوات السوفيتية.

في أعقاب سقوط الحكومة التي كانت تحظى بدعم السوفييت في أفغانستان عام 1992 ودخول المجاهدين إلى العاصمة كابول، نقل بن لادن نشاطات القاعدة إلى السودان وساعده سيف العدل في إقامة معسكرات تدريب هناك كما درب المقاتلين في الصومال لمواجهة القوات الأمريكية.

وقد أقنع سيف العدل أسامة بن لادن بتقديم المساعدة المالية لمجموعة الأردني أبو مصعب الزرقاوي لإقامة معسكر تدريب في ولاية هيرات الأفغانية بالقرب من الحدود الإيرانية.

ولعب المعسكر دوراً كبيراً في تسهيل حركة الجهاديين من وإلى افغانستان عبر إيران بعدما بدأت الحكومة الباكستانية في ملاحقة "الأفغان العرب" الذين كانوا ينشطون على أراضيها.

وأقامت القاعدة محطتين في إيران، واحدة في طهران والأخرى في مدينة مشهد، لتسهيل سفر عناصرها من والى افغانستان.

وفي أعقاب هجمات سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة وقبيل الغزو الأمريكي لأفغانستان، يعتقد أن سيف العدل نجح في نقل عناصر القاعدة الى إيران عبر المسالك نفسها.

وحسب شهادة خالد الشيخ محمد، العقل المدبر لهجمات سبتمبر، فإن بن لادن والمسؤول العسكري في التنظيم محمد عاطف ( أبو حفص المصري) وافقا في ربيع 1999على تنفيذ هجمات 11 سبتمبر وتم إطلاع سيف العدل على المخطط في أبريل/ نيسان 2001.

وحسب تقرير الحكومة الأمريكية عن هجمات سبتمبر فإن سيف العدل كان ضمن مجموعة قليلة من مسؤولي القاعدة الذين أبدوا تحفظات على المخطط لأن الهجمات قد تهدد حكم حركة طالبان في أفغانستان حسب رأيهم.

ومع انطلاق العمليات الأمريكية لغزو افغانستان عام 2001 قاد سيف العدل جهود القاعدة لتهريب نشطاء التنظيم من أفغانستان إلى إيران مستفيداً من المحطتين اللتين أقامهما في ايران وشبكة البيوت الآمنة التي أسسها هناك.

وبعد ضغوط أمريكية وسعودية كبيرة على طهران ألقي القبض على سيف العدل وأبو محمد المصري عام 2003 فتراجع دوره في عمليات وأنشطة التنظيم الى أن أطلق سراحه عام 2015 في عملية تبادل أسرى بين التنظيم والجانب الإيراني حسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز عام 2015.

ويعتقد أن سيف العدل لا يزال مقيماً في إيران ويخضع لبعض القيود.

ونفت إيران ذلك جملة وتفصيلاً وهو ما يعزوه بعض المحللين إلى الصراع الدامي بين التنظيم وإيران في سوريا حينذاك.

ورصدت وكالتا المخابرات الأمريكية والبريطانية، مكافآت مالية بمقدار 7.5 مليون جنيه إسترليني، و10 ملايين دولار، لمن يدلي بمعلومات عنه بسبب دوره في تفجيرات السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام عام 1998 والتي خلفت 224 قتيلاً.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 1998، اتُهم زيدان بالتآمر على قتل مواطنين من الولايات المتحدة، وعلى قتل مواطنين آخرين، وتدمير مبانٍ وممتلكات تعود للولايات المتحدة، وتدمير بعض مرافق الدفاع الوطني للولايات المتحدة.

 

المصدر: bbc

شارك الخبر: