"العدوان" حرب دامية و"المرتزقة" خصوم محليون، ذاك هو التحول الجديد في خطاب رئيس المجلس السياسي الأعلى لأنصار الله مهدي المشاط، عشية الذكرى التاسعة لثورة جماعته، وما عدا ذلك ليس أكثر من تغن بتلك "الثورة".
يقول المشاط إنه كان قد أعد خطابا مختلفا تماما، لكنه أجله في اللحظة الأخيرة على أمل ألا يضطر للعودة إليه في أي مناسبة قادمة، حسب قوله.
فإذا اعتبرنا أن المصطلحات المكررة في خطاباته كـ(العدوان، تحالف العدوان، مملكة الشر، الخونة، العملاء، المرتزقة... الخ) هي التي كانت حاضرة في خطابه المؤجل، فربما لم يكن ليحمل من أمر سوى التهديد بالمنظومة الصاروخية. لكن سلم الله كما يبدو وجاء الخطاب معدا من مكان ما قد يكون صعدة أو جهة أخرى، ولا بأس أن تتحول المصطلحات من عدوان إلى حرب دامية ومن تحالف العدوان إلى تحالف، ومن مملكة الشر إلى القيادة السعودية، ومن خونة وعملاء ومرتزقة إلى خصوم الداخل أو خصوم محليين، كما أنه لا بأس أن يعبر المشاط عن سروره "بما نقله الوفد عن القيادة السعودية باعتبارها قيادة التحالف الذي نشتبك معه في حرب دامية منذ العام 2015"، طالما أن "نقاشات وفدنا الوطني في الرياض وصفت بالإيجابية".
بل لقد ذهب إلى القول بأن "صنعاء جاهزة لمعالجة أية مخاوف لدى الرياض بقدر جاهزية الرياض لمعالجة مخاوف صنعاء"، وليس ثمة من رسالة تطمينيه للسعوديين أكثر من ذلك، فلا حديث عن دماء ولا شهداء ولا ضحايا ولا حصار ولا تجويع.
أما الداخل فهو أيضا لم يعد جزء كبير منه محتلا ولا تحت سيطرة الاحتلال، إذ إن من فيه ليسوا سوى خصوم محليين دعاهم المشاط "للعودة إلى جادة الصواب والكف، والمضي معنا في السلام واحترام وطنهم وشعبهم على أساس من قداسة السيادة والاستقلال"، وكذا "للخروج على نحو فوري من تحت عباءة الخارج ومغادرة أي اصطفافات خارجية ضد أبناء بلدهم"، باعتبار أن "صنعاء كانت وما تزال تقاتل وتناضل من أجل السلام وإنهاء هذه الحرب (العدوانية) التي فرضت عليها من دون أي مسوغ منطقي ومن دون سابق إنذار".