د/ أحمد عبدالله الصعدي
كان إعلان الهدنة ، التي صار البعض يطلق عليها إسما آخر هو خفض التصعيد قد مد اليمنيين بقدر من الأمل بتوقف العدوان وبانتقال الأطراف اليمنية إلى مجال وأدوات السياسة لتسوية خلافاتها وتدبر حلول لمشاكلها في الشأن العام : الدولة والسلطة والثروة وغير ذلك . غير أن ما رأيناه حتى الآن قضى على بذرة الأمل ، بل ويوحي بعواقب خطيرة من وراء إدامة الأوضاع الحالية في مختلف جهات الجمهورية اليمنية ، وعلى وجه التحديد تمزيقها إلىكيانات مستقلة عن بعضها أو متناحرة فيما بينها . خطورة هذه الأوضاع تكمن في نشوء مصالح مهمة لأحزاب وجماعات وشلل وأشخاص يصبح الدفاع عنها مقدما على أية مصلحة وطنية ، وسببا كافيا لحروب داخلية لانهاية لها ، وهل من السهل أن يتنازل طرف ما عن سيطرته الكاملة منفردا على ميناء أو حقول نفط أو غاز ، أو أية مصادر أخرى للإثراء ، وبطبيعة الحال لا أستثني أي طرف من الوقوع في أسر هذه المصالح المغرية .
إن عواقب النزعات الجهوية التي تغذيها المصالح الخاصة واضحة في ما يحدث في العراق وليبيا وبعض مناطق سوريا ، أما في اليمن فربما تكون العواقب أكثر خطورة على مستقبل الكيان السياسي وعلى حياة اليمنيين أجمعين بسبب ما للتدخل الخارجي ، السعودي على وجه التحديد ، من تاريخ مديد وخبرة طويلة ونفوذ مقرر وأهداف بعيدة . وهنا يجب أن أضيف إن أي تدخل خارجي لا يختلق مشاكلنا من عدم خالص ، بل نحن من يصنعها ويديمها ويأتي هو للإستثمار فيها لما تقتضيه مصالحه.
* دكتور في جامعة صنعاء