• الساعة الآن 04:50 PM
  • 20℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

الإثيوبيون وصراعاتهم الإثنية ملف متفاقم في اليمن

news-details

توفيق الشنواح

"كالمستجير من الرمضاء بالنار"، هذا أبرز ما يمكن أن يوصف به حال المهاجرين الإثيوبيين إلى اليمن فإضافةً إلى الواقع الصعب الذي يكابدونه في طرق البحث عن فرص جديدة للحياة، يكتشف هؤلاء أن البلد الذي لجأوا إليه كمحطة عبور إلى دول الجوار الخليجي، يخبئ لهم ظروفاً إنسانية وأمنية لا تقل عما عانوه في بلدهم الذي فروا منه بحثاً عن حياة أفضل.
 
انتقال الصراع 

مع استمرار تدفق آلاف المهاجرين الأفارقة إلى اليمن، خصوصاً محافظات عدن ولحج وشبوة، برزت إشكاليات تعدت المأوى والغذاء وأحلام بحثهم عن حياة أفضل إلى نقل الصراع خارج بلدهم.

ودعت السلطات الأمنية في عدن، أول من أمس السبت، إلى تحرك دولي عاجل لمعالجة مشكلة الهجرة غير الشرعية إلى البلاد، في أعقاب مقتل مهاجرين اثيوبيين وجرح العشرات جراء اندلاع مواجهات بين قوميتين إثيوبيتين في العاصمة اليمنية الموقتة، التي ينتشر داخلها وحولها آلاف المهاجرين غير الشرعيين من القرن الأفريقي.

الاشتباكات بين قوميتي الأورومو والأمهرة بدأت في مديرية الشيخ عثمان (شمال شرقي عدن) على خلفية مقتل أحد الأشخاص، وامتدت إلى منطقة الهاشمي في المدينة نفسها، لتتوسع لاحقاً في عدد من المديريات، ومنها منطقة صبر، التابعة لمحافظة لحج، إذ سجلت السلطات الطبية سقوط قتيلين على الأقل وإصابة عشرات في مواجهات استخدمت فيها العصي والحجارة والسكاكين.
 
منحى تصاعدي

وفي بيان يكشف عن تطور الصراع العرقي بين المجاميع الإثيوبية المهاجرة، قالت شرطة العاصمة الموقتة إنها تابعت الأحداث التي شهدتها المدينة، الخميس والجمعة، الناتجة من شجار بين مجاميع من المهاجرين غير الشرعيين من القرن الأفريقي، قبل أن تأخذ منحى تصاعدياً وأعمال شغب تسببت في أضرار بالغة في الممتلكات الخاصة والعامة.

وأكدت الشرطة أنها أمام هذه الأحداث الأمنية ومن منطلق مسؤوليتها تدخلت لفض الاشتباك حفاظاً على الأرواح والسكينة العامة للمواطنين وفق القواعد والإجراءات القانونية، وقالت إن ما شهدته المدينة جراء هذه الأحداث المؤسفة يتطلب معالجة جذرية لمشكلة المهاجرين غير الشرعيين. ‏

ويشير المشهد في إثيوبيا إلى أن الصراع السياسي الذي بدأ في تيغراي خلال الفترة الأخيرة اتخذ منحى عرقياً على خلفية اتهامات متبادلة بين هذه العرقيات حول تطبيق سياسات انفرادية بالسلطة.
 
3 أضعاف

حاولت "اندبندنت عربية" الحصول على تعليق من منظمة الهجرة الدولية لمعرفة مزيد عن أحداث عدن وواقع هؤلاء المهاجرين بشكل عام، إلا أننا لم نتلق رداً.

وفي وقت سابق كشفت منظمة الهجرة في تقرير لها عن عدد المهاجرين الأفارقة الذين وصلوا إلى اليمن خلال النصف الأول من عام 2023 وقالت إنه يزيد بثلاثة أضعاف على الأعداد التي وصلت خلال السنوات الثلاث الأخيرة. وأوضحت أن أعداد المهاجرين الأفارقة الذين وصلوا إلى اليمن حتى شهر يونيو (حزيران) 2023 شهد ارتفاعاً قياسياً برقم تجاوز 77 ألف مهاجر، وهو رقم يفوق ما سجلته خلال العام الماضي، إذ بلغ عدد المهاجرين الواصلين نحو 73 ألف مهاجر، فيما كانت الأعداد في العام الذي سبقه 27 ألفاً فقط مقابل تسجيل وصول 37 ألف مهاجر خلال عام 2020.

ويعيش في إثيوبيا أكثر من 80 قومية تتوزع على مساحة الأراضي الإثيوبية، لعل أهمها الأورومو التي تعد أكبر القوميات، وتمثل نسبة 38 في المئة من عدد سكان البلاد المقدر بنحو 110 ملايين نسمة. وقومية أمهرة تمثل نسبة 26 في المئة من عدد السكان، في حين تشكل قومية تيغراي نسبة سبعة في المئة من عدد السكان العام.

رحلات الهجرة

عذابات رحلات الهجرة التي تستغرق شهراً بدءاً من إثيوبيا، مروراً بميناء جيبوتي الصومالي، ومنه إلى السواحل اليمنية، لا تنتهي عند هذا الحد، فالمغامرة المحفوفة بالموت تخفي خلفها أخطار أخرى تبدأ من الشريط الجنوبي للساحل اليمني الممتد من منطقة ذوباب إلى منطقة بئر علي بمحافظة شبوة، الذي يشهد بشكل يومي تدفق مئات المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي لتنتظرهم رحلة عذاب أخرى تبدأ من تلك المناطق، مروراً بعدد من المحافظات اليمنية الوعرة في سبيل الوصول إلى الحدود مع السعودية، وهي الوجهة التي يودون الوصول إليها بحثاً عن العمل.

ويشكو المهاجرون من غياب دور المنظمات المعنية في توفير المأوى والغذاء عدا ما يتلقونه من فاعلي الخير أو عملهم في مهن بسيطة نظير أجر زهيد.

يقول آدم موسى، وهو شاب عشريني من عرقية الأورومو، يوجد في محافظة شبوة التي وصل إليها قبل أسابيع عديدة، إنهم "اضطروا إلى ترك بلادهم والسفر لمدة شهر جراء العنصرية والعنف والصراع هناك". وأوضح آدم خلال حديثه لـ"اندبندنت عربية" أنه يرغب بالهجرة إلى السعودية للعمل هناك. 

وفي حين رفض الإدلاء برأيه عن الصراع العرقي الذي شهدته عدن، لم يخف الخشية من انتقاله بين القوميات الإثيوبية إلى بلدان المهجر.

ويختم حديثه القليل بالإشارة إلى أن المنظمات الدولية لم تقدم لهم أي دعم لازم غير بعض الملابس وقطع من الصابون.
 
الصراع يدفع بمزيد

الزيادة الكبيرة في تدفق المهاجرين أرجعتها المنظمة إلى استمرار الصراع في دول القرن الأفريقي، خصوصاً إثيوبيا والصومال، وتدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية والاقتصادية، إضافة إلى انتهاء القيود التي كانت مفروضة على التنقل بسبب جائحة كورونا، حيث يعتزم معظمهم الوصول إلى دول الخليج للبحث عن عمل، لكنهم يواجهون انتهاكات وصعوبات في اليمن، إضافة إلى وصول محدود للغاية إلى الخدمات الأساسية، مثل المأوى والغذاء والمياه والرعاية الصحية.

وكانت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ونائبة منسق الإغاثة في حالات الطوارئ جويس مسويا قد قالت إن مئات الآلاف من المهاجرين وطالبي اللجوء في اليمن يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية العاجلة خلال العام الحالي، وحذرت من فقدان مليون مهاجر وطالب لجوء الوصول الخدمات الأساسية إذا لم تحصل الأمم المتحدة على تمويل إضافي.

 

المصدر: اندبندنت عربية

شارك الخبر: