• الساعة الآن 07:33 PM
  • 18℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

أين ذهبت مدونة السلوك لانصار الله؟!

news-details

 

 

في تشرين الثاني نوفمبر 2022، وجه رئيس المجلس السياسي لأنصار الله مهدي المشاط، باعتماد ما سماها "مدونة السلوك الوظيفي وأخلاقيات العمل" في وحدات الخدمة العامة، وبدء تطبيقها.

كانت المدونة، التي تؤكد مصادر مطلعة أنها من فكريات أحمد حامد مدير مكتب المشاط، قد أخذت سجالا كبيرا في أوساط اليمنيين. ففيما اعتبرها غالبية الموظفين بمثابة "صك عبودية" يمنحها الموظف لسلطة أنصار الله، اعتبرتها الأخيرة أنها "وجدت لخدمة المواطن وتؤسس لإصلاح مؤسسي راق"، مضيفة بأن المدونة "تمثل بداية الطريق لثورة إصلاح إداري شامل سيتنامى ويرتقي"، حد تعبير أحمد حامد في كلمة له عند تدشين المدونة.

بصرف النظر عما تحويه مدونة السلوك الوظيفي التي أخرجها أنصار الله إلى المجتمع كواحدة من أفكارهم الخالصة، والضجة التي أثارتها حينها في أوساط الموظفين، يبقى السؤال الملح هو: لماذا جاءت؟ وأين ذهبت؟

أما لماذا جاءت فثمة إجابة يمكن الحصول عليها في أوساط أنصار الله، وهي أن السلطة الحاكمة في صنعاء ومن خلال تشكل مجموعة مصالح شخصية لقياداتها، ومنهم المشاط وحامد وأبو أحمد الحوثي وأبو علي الحاكم وأبو يحيى الرزامي وغيرهم، لم تعد مستعدة للتخلي عن تلك المصالح التي قد تتقاطع وقد تفترق لكنها أصبحت منتظمة بالنسبة لهم، بل وأصبحت هي المنظومة الحاكمة. فيما زعيم الجماعة مضطر من حين لآخر لأن يصدر في خطاباته توجهات عامة للبناء عليها، فتصطدم بتلك المنظومة التي خلقت حول نفسه جدارا يمتص الصدمات ويحولها إلى لقاح مناعي. والمدونة السلوكية هي إحدى اللقاحات المناعية التي استطاعت تلك المنظومة أن تحمي نفسها من خلالها.

فبمجرد أن تحدث زعيم الجماعة عن فساد مستشر يجب محاربته، واصفا وضع مؤسسات الدولة بالمزري، سارعت منظومة الحكم في صنعاء عبر جدارها المناعي إلى "ترجمة توجيهات القائد" في مطان بعيد عنها، فالتفتت إلى الموظف الذي هو أصلا بلا راتب ولا معاش ولا وظيفة لتقول له: "أنت هو الفاسد الذي وجهنا القائد حفظه الله بمحاربته".

تماما كما في تعاملهم مع ما سمي "عهد الإمام علي للأشتر"، والذي تناوله زعيم أنصار الله في مجموعة من خطاباته، حيث تحول إلى سوط لجلد المواطن بدل أن يجلد السلطة الحاكمة.

وأما أين ذهبت مدونة السلوك الوظيفي، فلأن سلطة صنعاء أزاحت عن نفسها تهمة الفساد وحولتها عبر جدارها المناعي نحو الموظف المسحوق، فإنها لم تكن في نظرها أكثر من مادة للاستهلاك الزمني، وذلك حتى تخفت حرارة محاربة الفساد وينقضي توقيتها فتنتهي بذلك مدونة السلوك الوظيفي كواحد من مشاريع أنصار الله الخطابية.

وربما أن أوضح مقاربة لحقيقة ما حدث ويحدث هي تلك التي ذكرها أحد ناشطي أنصار الله أنفسهم، وهو أحمد الهادي، بالقول: "السيد القائد يحفظه الله قال قبل تقريبا سنتين الوضع في الجانب الرسمي مزري. وقبل أسابيع قال الجانب الرسمي يحتاج تغييرات جذرية.

على العموم الكلمة الأولى عملوا لها مدونة السلوك الوطني. الكلمة الثانية عملوا لها تشكيل لجان للنزول إلى مؤسسات الدولة.

وكل هذا إسلاءً للسيد. هذا رأيي وبس".

شارك الخبر: