الغوص في أعماق طفل معوق يحاول أن يكون علي عبدالله صالح
خاص-النقار
يقال إن المصور الخاص بالمشاط بذل مجهودا كبيرا في أن يلتقط له الصورة الرسمية المتعارف عليها ذات الخلفية الزرقاء كرئيس للجمهورية، فلا هو يمتلك وجها مدورا كالصماد ولا كارزمياً كصالح.
وكلا الرجلين عقدته الكبرى. أما صالح فهو عقدته الشكلية ربما، حيث يحاول المشاط، ودون أن ندري بطبيعة الحال، أن يقلده في كل شيء، حتى في تلك الحركة التي كانت تبدر من رأسه ويده بنفس التزامن.
هي حركة عفوية لا شك عند صالح، أما عند المشاط فيعتقدها من ضروريات البروتوكول الرئاسي.
يكاد المشاط أن يتخلى عن لكنته الصعدية، حتى أنه يوما ما قد ينطقها صعطة، حيث يملك شحبة صوت قد تنفع إن هو طورها لتصبح صوت صالح.
هو يكرهه لا شك، لكن يعتقد أن كل خصال الرجل هي من أساسيات أن تكون رئيسا.
حتى البذلات العسكرية ربما هي نفسها التي كان صالح يلبسها، بعد تعديلات أجريت عليها عند خياط خاص. وجد الرتب والنياشين معلقة هي أيضا فأوكل للراعي تقليده رتبة مشير، ثم المشير الركن.
يتخلى عن النظارة تأسيا بصالح، فيقال له إنه يشبه الفنان المرشدي، ولا يروقه التشبيه. قد يمازحه مدير مكتبه حينها بأن يغنيه، ليرد عليه باستهجان: اسمع عيسى الليث!
يحدث أن يخرج للشارع فجأة، فيرفع ذراعه اليمنى بالطريقة ذاتها لصالح، ليكتشف أنه لا أحد على الضفة الأخرى من السايلة يشاهده وهو يتفقد أضرار السيل.
ينقصه بروتوكول الكرافتات الذي تُحرّمه جماعته باعتبارها ميزة للأعداء، لكن يقال إنه قد يلبسها أمام المرآة من وقت لآخر.
أكثر ما يزعجه من ميزات صالح هو أن شعرا كان قد تبقى في رأس الأخير رغم كل ما مر به من تجارب وسنوات، فيما هو قد بلغ به الصلع مبلغه ومازال في سن مبكرة، ولا مكان للبس باروكة أو زراعة شعر. ومع كل تلك الاستحالات يظل اسمه (المشاط) يلح عليه أن يبحث للمعضلة عن حل.
يعرف ويدرك تمام الإدراك بأن صالح لم يكن قديسا وبأنه كان مراوغا كأفعى، فيروح يراوغ هو أيضا، لكن كسلحفاة، إذ عادة ما يورط نفسه بكثير من التفاصيل المزعجة لدرجة أنها أصبحت تُخجل حتى زعيم الجماعة نفسه عبد الملك الحوثي، والذي يدعو المشاط ربه كل يوم أن يساعده في التسليم الكامل له، لكنه مع ذلك لا يحاول تقليده بسبب غنة أنفه المملة إلى درجة السأم.
لا شك أنه قد سمع بتعريف صالح للسياسة يوماً ما بأنها "لعص احذي" (لوك أحذية)، فإذا به من باب التجربة يلوك فيبلع، فيما ذاك كان يبصق ما يلوك على الفور.
وأما عقدته الأخرى (الصماد) فلا شيء من خصال الرجل يلفته على الإطلاق، فالصماد مازال بالنسبة له ذلك المقوتي القادم من بني معاذ ومَعادل القات على ظهره ينثرها أمام حسين الحوثي، فيما المشاط منشغل بلقط البوري لسيده.
لكن يزعجه كثيرا أن يسمع كلمات الناس وتغنيهم بسيرة الصماد، فيحدث له أن يبادر إلى القول بأنه هو أيضا لا بيت له ولا أرصدة، وأنه يضطر من حين لآخر للطلب من صاحب المنزل أن يمهله في دفع الإيجار، فيحظى بتصفيق حار من مجلس النواب برئاسة الراعي، وبالسخرية ذاتها ربما التي قلده فيها رتبة مشير..