خاص-النقار
عاد فخامته إلى عدن، وكأن العودة نفسها إنجاز مقدس. الإعلام الرسمي احتفل بالهبوط في المطار كما لو أن الطائرة لم تهبط بفعل قوانين الفيزياء، بل بفضل "إرادة القيادة". العليمي ونائبه ورئيس حكومته ومحافظ بنكه، جميعهم في مشهد واحد، وكأننا أمام إعلان تجاري أكثر من كونه حدثا سياسيا.
أما التصريحات، فكالعادة، مليئة بالوعود الغامضة: "المضي قدما في هذا المسار". أي مسار؟ لا أحد يعرف. ربما المسار الوحيد الواضح هو خط الرحلة الجوية من الرياض إلى عدن، أو من الفندق إلى المطار.
وكالة سبأ لم تقصر، فقد أضافت طبقات من الطمأنة والإنجازات الافتراضية: إصلاحات اقتصادية، مكافحة فساد، بناء شراكات، ردع تهديدات عابرة للحدود؛ وكأننا أمام ملخص لبرنامج انتخابي في دولة مستقرة، لا في بلد بالكاد يعرف من يملك صلاحية التوقيع على قرار تعيين مدير عام.
وبالطبع، لم يكن وصول العليمي مجرد عودة بروتوكولية، بل جاء متزامنا مع وصول "المنحة السعودية". وكأن الطائرة لا تقل العليمي فقط، بل تحمل معها شيكا مصرفيا. فالمنحة وصلت، إذن "الرئيس" عاد.
لكن خلف هذا المشهد الاحتفالي، تتكشف صورة أكثر تهكما: العليمي يتحدث عن "تحويل التحديات إلى فرص" لكونه حصل على منحة جديدة لن تصمد لشهر.
هكذا يبدو أن "الشرعية" ما زالت تبحث عن تعريفها بين قرارات الزبيدي وشروط بن بريك وبيانات العليمي. وفي النهاية، يبدو أن "المسار" الوحيد الذي يمضي فيه الجميع قدما هو مسار الخلافات، بينما "المنح" تواصل لعب دور الأكسجين الذي يبقي هذا الجسد السياسي الهش على قيد الحياة.
وهكذا يبدو المجلس الرئاسي وكأنه شركة مساهمة متنازعة على من يملك حق التوقيع، بينما المنحة السعودية هي رأس المال الوحيد الذي يبقي تلك الشركة قائمة. كل عضو يلوّح بتفويضه، وكل وزارة تختار من تعترف به، فيما المواطن يكتشف أن "المسار" الذي يتحدث عنه العليمي قد لا يكون سوى مسار طويل من الانقسامات، وأن المنحة ليست سوى جرعة إسعافية تؤجل إعلان الإفلاس السياسي.