خاص-النقار
يبدو أن دفاية لندن ليست مجرد جهاز للتدفئة، بل أصبحت مركزا لإنتاج فتاوى الأمن القومي، حيث يذوب العرق على جبين الأكاديمي والسياسي أحمد المؤيد كلما ارتفع صوت يطالب بحرية رجل ثمانيني في صنعاء. فبينما يتجمد العودي في زنزانته، يواصل المؤيد إذابة نفسه دفاعا عن "أمن قومي" لجماعته يصل إليه حارا عبر أنابيب التدفئة المركزية في بلاد النصارى "الكفرة".
وبتعبير آخر، الأكاديمي والسياسي أحمد المؤيد، المقيم في لندن تحت دفاية مركزية تجعله ينضح عرقا ونضالا، لا يروقه أن يسمع أصواتا تطالب سلطة صنعاء بإطلاق سراح الأكاديمي الدكتور حمود العودي، لأن في ذلك خدشا للبرد وإساء لسمعة المنفى.
يكتب المؤيد: "سيكون منصفاً من يطالب بمعرفة اسباب اعتقال العودي.. لأنه بذلك سيكون منطقياً ومحترماً لأجهزة بلده الأمنية، مقدراً لجهودها في تأمين المجتمع.. لكن من ينطلق بلا فرامل .. اطلقوه .. اطلقوه .. كبير سن .. دكتور .. !!! بصراحة اول مرة اسمع بهكذا معايير في حياتي !!".
هو طبعا صادق في كونه يسمع ذلك لأول مرة، حيث لا يمكن لمثل هذه الأصوات أن تصل إليه في لندن، على الأقل نظرا للمسافة الهائلة بين اليمن وإنجلترا، حيث يقيم المؤيدا مؤيدا بروح القدس لا يمسه نصب ولا عذاب.
ويبدو أنه على ثقة تامة بما يقوله حيث يواصل: "لو يحصل هذا الكلام في اي دولة اخرى سيقولون له بكل اللغات: انت عبيط !! ما دخلك في قضايا الامن القومي .. !! بصفتك من تطالب بإخراجه .. هل تعرف لماذا اعتقل ؟؟ طالما لا تعرف لماذا تتدخل في عمل المخابرات والامن ؟!".
إذن على أولئك المطالبين بإطلاق سراح العودي أن يعرفوا خطورة ما يدعون إليه وما يريدونه من سلطة صنعاء، فهذا عدم احترام منهم لأجهزة بلدهم الأمنية وجهل منهم بمعنى أمن قومي.
وهنا لا بد للمؤيد من توضيح مسألة في غاية الأهمية، حيث "سيفهم البعض وخصوصاً ضعاف العقول انني هنا أدافع عن الامن والمخابرات او احرض على العودي .. وهنا أؤكد انني لست مدافعاً ولا محرضاً .. أنا مصدوم بعقلية من يطالب من الباب للطاقة بإطلاق سراحة دون السؤال عن سبب اعتقاله او التبين"، وبالتالي رجاء من الإخوة المطالبين بإطلاق سراح الدكتور العودي ألا تصدموا الدكتور المؤيد بمطالبكم هذه من الطاقة، وأن تظل من الباب فقط. إذ "يحق لهم فيما بعد شن اقوى الانتقادات على الامن والمخابرات عندما يكون سبب اعتقاله تافه او اعتقل ظلماً، ساعتها سأكون إلى جانب المنتقدين ونطالب برد اعتباره".
الرجل منصف، وعلى المطالبين التشبث بما قاله من أنه سيكون إلى صفهم إن ثبت أن سبب اعتقال العودي من قبل سلطة صنعاء كان تافها أو أنه قد اعتُقل ظلما، وحتى ذلك الحين سينتظر المؤيد بصمت تحت مدفأته.
لكن ما أغفله المؤيد أو تغافل عنه في منشوره" المحايد" المتعلق باعتقال العودي قد تطرق إليه الكاتب والسياسي محمد المقالح وهو يرد على منشوره. فطالما أنه "سيكون منصفاً من يطالب بمعرفة اسباب اعتقال العودي"، فلماذا لا تكون أنت يا دكتور أحمد ذلك المنصف؟! وبتعبير المقالح "لماذا لا تطالب الاجهزة الامنية التي تثق بها انت ان تخبرك عن اسباب اعتقال الرجل؟!".
المقالح يجيب بدلا عن المؤيد قاىلا له: "لن يخبروك لانهم لا يزالون في اعداد التهمة المناسبة له، وسيخبروك لاحقا بعد أن تصبح جاهزة".
يتنازل المقالح عن ذلك السؤال المحرج للمؤيد، بالقول: "والا بلاش هذا ... انت ايش تفسيرك لاعتقاله؟ما هي الجريمة التي ارتكبها غير رأيه وموقفه المعلن وهي الدعوة الى المصالحة والسلام؟ هل هذه جريمة بنظرك كون المصالحة التي يقصدها مع المرتزقة؟ أم أن هناك جريمة أخرى تعرفها؟ أخبرنا بها حتى نطمئن ونثق بك وبأجهزتنا الامنية بعد ان تكررت تلفيقاتها على عديد من الابرياء ثم عادت واطلقتهم دون اي تهمة او محاكمة!".
فهل سيستجيب المؤيد بثلج لندن ودفئها المركزي إلى عرض المقالح بأن يتولى هو استفسار سلطة صنعاء التي يؤيدها عن سبب اعتقال أكاديمي عجوز في الثمانين من عمره وفي زنزانة قارسة بلا دفاية مركزية ولا فراش يقيه برد آخر العمر؟