• الساعة الآن 04:19 PM
  • 21℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

السودان: معارك ضارية في بابنوسة والجيش يفشل هجوما لـ"الدعم السريع"

news-details

شهدت مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان أمس الثلاثاء، ولليوم الثالث على التوالي، معارك ضارية بين الجيش ممثلاً في قوات الفرقة 22 مشاة وقوات "الدعم السريع" على محاور عدة، في محاولة من الأخيرة للسيطرة على هذه المدينة وقاعدتها العسكرية التي تعد آخر معقل عسكري للجيش في هذه الولاية، وذلك لتوسيع نطاق نفوذها الميداني في إقليم كردفان بعد إحكام نفوذها على دارفور إثر سيطرتها على مدينة الفاشر نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وبحسب مصدر عسكري، فإن "الدعم السريع" بدأت في الصباح الباكر بقصف مدفعي باتجاه الفرقة 22 مشاة استمر لفترات متقطعة، ثم أعقبه هجوم على عدد من المواقع العسكرية في المدينة، لكن تمكن الجيش من صد هذا الهجوم بعد معركة استمرت لساعات استخدمت فيها المدفعية الثقيلة والأسلحة النوعية.

وأشارت منصات على مواقع التواصل الاجتماعي تؤيد الجيش إلى أن قوات الفرقة 22 مشاة تمكنت من تدمير عدد من المركبات القتالية التابعة لـ"الدعم السريع"، فضلاً عن مقتل عشرات في صفوف تلك القوات.

ودفعت "الدعم السريع"، وفق صفحتها على تطبيق "تيليغرام"، بحشود وصفتها بالضخمة من قواتها صوب مدينة بابنوسة، وذلك للسيطرة على الفرقة 22 التابعة للجيش. ونشرت صوراً لجنودها في غرب كردفان يتوعدون بالسيطرة على هذه الفرقة.

وتحاصر "الدعم السريع" مدينة بابنوسة منذ أكثر من عام، وظلت قوات الجيش في المدينة تتلقى الدعم عبر الإسقاط الجوي، وتصدت خلال هذه الفترة لهجمات عدة شنتها الأخيرة عليها.

احتجاز مدنيين

في الأثناء، اتهمت شبكة أطباء السودان قوات "الدعم السريع" باحتجاز سبع أسر مدنية، من بينها نساء وأطفال، في المناطق المحيطة بمدينة بابنوسة.

وأفادت الشبكة في بيان بأن "قوة تابعة لـ(الدعم السريع) احتجزت تلك الأسر بتهمة انتماء ذويهم إلى الجيش، وذلك في استمرار لنهجها القائم على الاعتقال التعسفي والعقاب الجماعي في حق المدنيين الأبرياء".

وتشهد مدينة بابنوسة معارك ضارية بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" خلال هذه الأيام، إذ تسعى هذه القوات إلى السيطرة على المدينة المهمة في غرب كردفان.

وعد البيان هذا السلوك انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني، وخرقاً لمبادئ حماية المدنيين في أوقات النزاع، مؤكداً أن استهداف الأسر على أساس الاشتباه أو الانتماء يشكل جريمة حرب.

وحمل البيان "الدعم السريع" المسؤولية الكاملة عن سلامة المحتجزين، وحث المنظمات الحقوقية والأممية على التدخل الفوري لإطلاق سراحهم، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات في حق المدنيين في غرب كردفان وسائر مناطق البلاد.

ووفقاً لتقارير إنسانية وحقوقية، فإن مدينة بابنوسة والمناطق المحيطة بها شهدت عمليات نزوح واسعة جراء المعارك العنيفة التي تشهدها المنطقة، وتواجه آلاف الأسر ظروفاً بالغة السوء في ظل انعدام الغذاء والدواء.

 

غارات على بارا

في المحور نفسه، شن طيران الجيش غارات جوية مكثفة استهدفت مواقع لقوات "الدعم السريع" في منطقة أم كريدم بقطاع غرب بارا في ولاية شمال كردفان، التي تسيطر عليها الأخيرة منذ الـ25 من أكتوبر الماضي.

وبحسب مصادر ميدانية، فإن الغارات أحدثت انفجارات في مواقع عدة، تصاعد على إثرها دخان كثيف في سماء المدينة.

وشهدت بارا، التي تقع على بعد 40 كيلومتراً من مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، طوال الأشهر الماضية تبادلات عسكرية متكررة بين طرفي الصراع، في وقت يسعى فيه الجيش للسيطرة عليها لكونها تشكل عمقاً استراتيجياً يمكنه من التحكم في التحركات العسكرية ومراقبة الطرق المؤدية إلى العمقين الغربي والشمالي من البلاد.

نزوح من الفاشر

أما في محور دارفور، فلا تزال مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، التي سيطرت عليها "الدعم السريع" أخيراً، تشهد حركة نزوح بسبب تردي الأوضاع واستمرار الانتهاكات من الأخيرة في حق المدنيين. ووفقاً للمديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة إيمي بوب، فإن تدهور الأمن بصورة حادة والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك القتل الجماعي والعنف العرقي والجنساني في مدينة الفاشر، أدت إلى تصاعد كبير في موجات النزوح وتفاقم الأزمة الإنسانية في السودان.

وقالت بوب في بيان "فرقنا تبذل قصارى جهدها للاستجابة، لكن حالة انعدام الأمن ونفاد الإمدادات تعني أننا لا نصل إلا إلى جزء محدود من المحتاجين. ومن دون وصول آمن وتمويل عاجل، فإن العمليات الإنسانية معرضة للتوقف في اللحظة التي تكون فيها المجتمعات بأمس الحاجة إلى الدعم".

مقاتلون أجانب

من جانبه، أكد حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، في منشور على منصة "إكس"، أن قوات "الدعم السريع" تقاتل داخل السودان بأكثر من 85 في المئة من عناصر أجنبية تم استقدام معظمهم من دول الجوار.

وأضاف مناوي "هذه الحقيقة قد لا يعرفها كثيرون، لكنها تمثل جوهر الأزمة الأمنية الحالية"، لافتاً إلى أن اعتماد هذه القوات على مقاتلين أجانب يكشف عن طبيعتها غير الوطنية وخطورتها على مستقبل البلاد ووحدتها.

ويأتي هذا الاتهام في وقت أشارت فيه تقارير أممية سابقة إلى تدفق مستمر للمقاتلين عبر الحدود الغربية للسودان، للمشاركة في القتال بدعم من أطراف إقليمية.

 

نداء عاجل

من جهته، حث المنسق العام لحكومة إقليم دارفور الطاهر آدم الجهات الحكومية والمنظمات المحلية والدولية والفاعلين في المجال الإنساني على الإسراع في تقديم الدعم الصحي والغذائي والمأوى اللازم للنازحين من مدينة الفاشر، الذين وصلوا أخيراً إلى مدينة الدبة في الولاية الشمالية.

وأكد آدم، خلال زيارته مخيماً للنازحين بمدينة الدبة، أن أعداد النازحين في تزايد مستمر، مما يستدعي تكاتف الجهود الرسمية والشعبية والمنظمات الدولية لضمان توفير الإيواء والرعاية الصحية والتعليمية لهم، فضلاً عن تحسين ظروفهم المعيشية بصورة مستدامة.

وتأتي هذه الدعوة في وقت تواجه فيه الولاية الشمالية ضغوطاً متزايدة بسبب موجات النزوح من إقليم دارفور، عقب تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية في مدينة الفاشر.

قصف مقر عسكري

إلى ذلك، قصف الطيران الحربي التابع للجيش مقراً عسكرياً لـ"الدعم السريع" في بلدة بليل، جنوب شرقي مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور.

وأشار مصدر عسكري إلى أن عملية القصف جرت في الساعات الأولى من صباح أمس الثلاثاء، واستهدفت مقراً عسكرياً تستخدمه "الدعم السريع" لحشد وتدريب مقاتليها.

ولفت المصدر إلى أن هذا القصف يأتي في إطار الحملات العسكرية المستمرة التي ينفذها الجيش لتعزيز الأمن والاستقرار في مناطق النزاع.

ويواصل الطيران تنفيذ عمليات عسكرية مكثفة ضد مواقع وقوات "الدعم السريع" في مختلف أنحاء البلاد، مع التركيز على المناطق الاستراتيجية التي تشكل تهديداً للأمن الوطني.

وشهدت جبهات القتال خلال الأيام القليلة الماضية تصعيداً ملاحظاً لطيران الجيش، إذ نفذ ضربات مركزة على معسكرات وتجمعات "الدعم السريع" في إقليمي دارفور وكردفان، مستهدفاً مركبات وآليات قتالية.

أخطار كبيرة

إنسانياً، أكد قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، خلال لقائه أمس الثلاثاء وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية توم فليتشر، حرص بلاده على التعامل مع المنظمات الدولية في القضايا ذات الصلة بالشأن الإنساني، لكن مع ضرورة مراعاة سيادة السودان ومصالحه القومية، وذلك بالنظر إلى ما حدث في مدينة الفاشر من فظائع وجرائم ارتكبتها "الدعم السريع".

فيما قال فليتشر في تصريحات صحافية، "الأزمة الإنسانية في السودان تنذر بأخطار كبيرة".

وأوضح أن مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، الذي التأم الأسبوع الماضي لمناقشة الوضع في السودان، عبر عن صدمته من الانتهاكات والفظائع التي ارتكبت في حق المدنيين في الفاشر.

وأشار إلى أن المجتمع الدولي يتطلع إلى تحقيق السلام في السودان، مؤكداً التزامه بتوفير المساعدات الإنسانية، لا سيما الغذاء والأدوية المنقذة للحياة لملايين النازحين واللاجئين.

ومنعت "الدعم السريع" وصول الغذاء والإغاثة إلى الفاشر منذ أبريل (نيسان) 2024 بفرضها حصاراً برياً، لتبدأ بعده بشن هجمات متواصلة انتهت بسيطرتها على المدينة في الـ26 من أكتوبر الماضي، فضلاً عن ارتكابها أثناء محاولاتها السيطرة على الفاشر طوال 18 شهراً انتهاكات مريعة وصلت ذروتها بعد الاستيلاء عليها.

محادثات عبدالعاطي

سياسياً، بحث وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، خلال زيارته أمس الثلاثاء إلى بورتسودان، مع قائد الجيش السوداني، مساعي إنهاء الأزمة في السودان وسبل دعم العلاقات الثنائية.

وقال عبدالعاطي، في تصريح صحافي، "إن مصر على تواصل مع الأطراف الإقليمية والدولية كافة لتعزيز الجهود الرامية إلى الوصول إلى تسوية شاملة للأزمة السودانية، بما يصون مقدرات الشعب السوداني، ويحقق تطلعاته في الأمن والاستقرار".

وأوضح أن بلاده تنخرط بصورة فاعلة في الجهود الهادفة إلى وقف إطلاق النار، سواء في الإطار الثنائي أو في المحافل الإقليمية والدولية، وفي مقدمها الآلية الرباعية التي تضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات.

وأشار وزير الخارجية المصري إلى أنه استمع إلى شرح من البرهان حول الأوضاع الميدانية على الأرض والوضع الإنساني، مؤكداً وقوف القاهرة إلى جانب الخرطوم ودعمها لمؤسساتها الوطنية، ومن بينها القوات المسلحة، وذلك انطلاقاً من موقفها المبدئي الداعم لوحدة السودان وسيادته.

وتسعى "الرباعية" إلى تسوية النزاع السوداني، إذ طرحت في الـ12 من سبتمبر (أيلول) خريطة طريق تقوم على تأمين إنساني لمدة ثلاثة أشهر، يعقبه وقف لإطلاق النار والدخول في عملية سياسية.

وقدمت الحكومة السودانية رؤيتها حول مقترح الهدنة، وسط ترحيب بما تسميه جهود إنهاء معاناة الشعب السوداني، لكنها أكدت في الوقت ذاته الاستمرار في التعبئة العامة والاستنفار لهزيمة "الدعم السريع" عسكرياً.

شارك الخبر: