خاص-النقار
"أخي المواطن: تصويرك لأماكن القصف خدمة مجانية لكيان العدو الإسرائيلي"، هذا كل ما استطاعت سلطة صنعاء أن تقوله عبر وزارة داخليتها بعد خمسة أيام من الفشل التام والمطبق في التعامل مع الكارثة التي خلفتها الغارات الإسرائيلية على مبنى ومحيط التوجيه المعنوي في حي التحرير.
وإذا كان بيان نعي بحق الضحايا الإعلاميين الذين سقطوا يستغرق من سلطة وحكومة صنعاء خمسة أيام بلياليها، فكيف برفع الأنقاض وانتشال الضحايا من بين الركام وتوفير العلاج للمصابين والجرحى الذين لم يعرف عددهم حتى الآن؟!
هي سلطة فقط وُجدت لتعتقل وتقطع المرتبات وتفرض الجبايات وتسوق الخلق إلى الجبهات والساحات، وتصدر البيانات والتحذيرات، وماعدا ذلك ليست معنية به.
حجم الكارثة يتكشف من يوم لآخر، يتحدث الناس عن ضحايا مازالوا مدفونين حتى الآن. يتساءلون: ما الذي يحدث تحت الأنقاض وفوق الأنقاض؟! فيأتيهم الجواب سريعا من قبل سلطة صنعاء: ممنوع التصوير لأن ذلك خدمة للعدو!
هي فقط لا تريد أن تقول إن ذلك سيفضحها ويجعلها عارية من كل التزاويق التي تحاول من خلالها أن تبدو مسيطرة على الوضع. فسلطة بهذا التعري والتكشف والفشل في القيام بمسؤولياتها لن تجد أفضل من تلك الأعذار للتستر على فشلها. وإلا كيف لها أن تصف ما حدث بالجريمة ثم تمنع الناس من تصوير تلك الجريمة لأنها تعتبر تصوير الجريمة جريمة؟
هذا التناقض العجيب يجعل المرء يتساءل: ما الجريمة هنا بالضبط؛ هل هي الحدث نفسه المتمثل في قصف مبان ومؤسسات مدنية ومنازل مواطنين؟ أم التصوير؟ أم منع التصوير؟
أيا يكن الأمر تبدو سلطة صنعاء قادرة على فرض منطقها بالقوة من خلال ذلك التحذير الناري الذي صدر أمس على لسان وزارة داخليتها باعتقال كل من تسول له نفسه تصوير الأماكن المستهدفة، لأن ذلك يقدم خدمة للعدو الصهيوني. وطالما أن الأمر كذلك، فلن يحصل ذلك الصهيوني اللعين على أية معلومات يستفيد منها، من مثل أن لدى سلطة صنعاء معدات ضخمة (بوكلين وعربات يد وكريكات) تعمل منذ خمسة أيام على رفع الأنقاض من مبنى التوجيه المعنوي والمنازل المجاورة له في حي التحرير وسط العاصمة صنعاء، وقد يتطلب الأمر أياما أخرى ليتم الانتهاء من كل ذاك. وعلى الإخوة المواطنين المدفونين تحت تلك الأنقاض أن يموتوا بصمت وأن يتركوا السلطة تقوم بعملها دون أي منغصات، وبحيث لا تكون مضطرة إلى إصدار تحذير آخر مفاده: أخي المدفون: خروجك حيا من تحت الأنقاض خدمة مجانية لكيان العدو الإسرائيلي.