• الساعة الآن 01:43 AM
  • 20℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

فوضى التكليف الإلهي

news-details

 

خاص - النقار 
من المشروع أن نسأل: ما الذي يمنح شخصا أو جماعة حق الحكم باسم الله؟ ومن قال إن الله يحتاج إلى ذلك؟

عبر التاريخ، كلما لبس الحاكم ثوب الإله، خلع عن نفسه ثوب المسؤولية. الحاكم المقدس لا يُسأل، لا يُحاسب، لا يُنتقد. يكفي أن يقول: “أنا ظل الله”، ليُخرس الخصموم، ويكمّم الإعلام، ويُعلّق القوانين، ويعلن الحروب.

تحولت هذه الفكرة في اليمن إلى غطاء سميك للظلم والفقر والقمع. مشرفون بلا كفاءة، وحكومة فاشلة في التغيير والبناء، وجبايات غير دستورية، وممارسات مناطقية وعرقية، وشعارات كونية تُغطّي واقعا بدائيا غارقا بالفساد،  أصبح فيه الاعتراض على نهب المال العام مساسا بـ”القيادة القرآنية”، فصرنا نجبر أن نسكت عن الظلم، لا لأنه خطأ، بل لأنه جزء من “المسيرة”!

الجمهورية لا تعني المدينة الفاضلة، لكنها تعني أن الشعب هو من يمنح السلطة، وأن الحاكم يمكن تغييره، وأن الفكرة مقدسة لا الشخص. في ظل الجمهورية، يخطئ المسؤول لكنه يُحاسب، ويُخطئ البرلمان لكنه يُنتخب من جديد،  أما في نظام التكليف الإلهي فالخطأ غير وارد، حتى وإن انهارت الدولة، وجاع الناس، وتحوّل الوطن إلى ثكنة.

في ظل الحكم الديني المغلق، لا أحد يُسأل عن المجاعة، لأن الله لا يُسأل عما يفعل، ولا أحد يُحاسب على الحرب، لأنها “جهاد”. ولا أحد يُراجع أداء الدولة، لأن الدولة ليست دولة، بل تجلٍّ أرضي لمشيئة عليا لا تُناقش.

في كل تجربة حكم ترفع شعار “نحن وكلاء الله”، ينتهي الأمر بشعبٍ مسحوق، وفسادٍ مقدّس، ودولة تُدار كمزرعة. لا شيء يُطلق يد المستبد أكثر من وهم “النيابة عن السماء”، فحين يتحدث باسم الله، لا يعود بحاجة لسماع أحد من خلقه.

شارك الخبر: