• الساعة الآن 11:27 PM
  • 20℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

الفشل المركب.. المجلس الرئاسي وبدعة الحكم من الخارج

news-details

 

خاص - النقار 
منذ تشكيله في أبريل 2022، لم يُفلح مجلس القيادة الرئاسي في تجاوز عقدة التأسيس، ولا استطاع تقديم نفسه كسلطة فعلية تمارس الحكم وتمثّل مناطق سيطرتها كدولة، وما كان يُفترض -عند انصار الشرعية- أن يكون لحظة تصحيح للمسار السياسي، تحوّل إلى استمرار للفشل ذاته ولكن بصيغة أكثر تفككا، بل إن رئاسة المجلس، التي كان يتوقع الناس منها إدارة انتقالية رشيدة، أنتجت حالة انقسام داخلي عميق قد تودي بالمجلس نفسه لولا الغطاء الدولي الذي يحول دون ذلك.

إن أبرز اشكال العبث والفساد السياسي هو أن يدير رئيس المجلس الرئاسي الدكتور رشاد العليمي شؤون البلاد من خارجها منذ تنصيبه رئيسا، كما لو أنه سفير فوق العادة، يُصدر القرارات ويعقد الاجتماعات عبر تطبيق (زوم) الذي يمثل اليوم عصب الرئاسة وعمود خيمتها.. هذا الغياب يعكس ضعف الاتصال بالواقع، ويعمّق من عزلة المجلس عن المواطنين الذين لم يروا من سلطتهم سوى العجز وبيانات مكررة تبرر هذا العجز.. لهذا فشلت رئاسة المجلس في بناء جهاز تنفيذي حقيقي، وتشكيل حكومة قادرة على تلبية الحد الأدنى من الخدمات، ووضع حد لانهيار العملة، وإيجاد رؤية سياسية تنسق مع الداخل والخارج لفرض واقع دستوري جديد.

من يتأمل مشهد اليوم، سيرى دولة تموت ببطء، بين مطرقة رئاسة المغتربين وسندان جماعة أنصار الله.. المواطن في صنعاء يصارع الجوع والظلم، وفي عدن بلا كهرباء، وفي تعز بلا أمن، وفي حضرموت بلا ماء نظيف، وبينما تتآكل الثقة بما تبقى من مؤسسات، يواصل المجلس تقديم خطاب مكرر عن الاستقرار، دون أن يجرؤ على النظر في المرآة.

قال المؤرخ البريطاني إدوارد غيبون إن “الفساد في القمة ليس إلا انعكاسا لسقوط الإرادة في القاعدة”. لكن في اليمن، الإرادة الشعبية لم تسقط، إنما تُركت دون حامل سياسي جدير بها. وما دام المجلس يُرأس من الخارج، فإنه سيظل خارج حسابات الناس، وخارج نطاق الفعل التاريخي.

شارك الخبر: