النقار - خاص
ظاهرة الغش في مناطق سلطة صنعاء لم تقتصر على البنزين، وإنما تتعداها إلى كثير من السلع، ما يشي بأنها سياسة ممنهجة تتبعها الجماعة للاستحواذ على الاقتصاد بعقلية بدائية.
أثيرت قضية البنزين المغشوش، بسبب كثرة الأعطال التي تعرضت لها سيارات المواطنين، ما حولها إلى قضية رأي عام، أجبرت السلطة على الاعتراف بها، لتغطية الفضيحة وتحميلها كباش فداء.
كما حصل "النقار" على معلومات من مزارعين في ضواحي صنعاء، أكدوا تعطل مضخات مزارعهم خلال يناير وفبراير الماضيين، وافادهم المهندسين أن الاعطال سببها كمية الرواسب في الديزل وخلطه بمواد اخرى، ما يؤكد دخول شحنات ديزل مغشوش خلال تلك الفترة.
ووصلت عمليات الغش الى الغاز المنزلي المستورد عبر ميناء الحديدة، والمعروف ان اسطوانة الغاز المستخدمة في اليمن تتسع لـ"26.5" لتر، لكن الجماعة حددت سعرها بـ6500 ريال على أساس 20 لتر فقط، ما يعني أن هناك 6.5 لتر يتم نهب قيمتها.
ويشكو الكثيرين من نفاد اسطوانة الغاز بشكل مفاجئ، قياسا بما عهدوه قبل عام. يقول لـ"النقار" فتح ردمان، يعمل في محل حلويات أنه كان ينتج بالاسطوانة 70 كجم، لكنها خلال السبعة الأشهر الاخيرة تنتج بالكاد 55 كجم. أما بليغ دحان يعمل في بيع السمك المطبوخ بالزيت فيقول: العام الماضي كنت استخدم الاسطوانة لـ5 أيام، حاليا تنفذ خلال 3 أيام، رغم تراجع العمل.
حصلت "النقّار" على معلومات من مصادر فنية تفيد بدخول شحنات غاز منزلي منخفضة الجودة، جرى التلاعب في مكوناتها عبر تقليل نسبة المادة القابلة للاشتعال، وزيادة مكونات أخرى لا تشتعل بسهولة. ووفقًا للمصادر، فإن بعض هذه الأسطوانات تصل إلى المستهلكين وهي تحتوي على غاز لا يشتعل، رغم امتلائها، مما يتسبب في تعطل المواقد المنزلية، ويدفع البعض للاعتقاد بوجود خلل في الأجهزة، بينما تكمن المشكلة في تركيبة الغاز نفسها.
وأضاف: هناك شحنات لا يضاف لها مادة "ميركابتان" التي نشمها عند تسرب الغاز، موضحا ان عدم إضافتها يعد من أهم أسباب حوادث انفجار الاسطوانات.
كما يعد وقف معايرة محطات تعبئة الوقود صورة اخرى للغش، وهذا الاجراء من صلب اختصاص هيئة المواصفات والمقاييس وضبط الجودة. وأكد لـ"النقار" مصدر رقابي ان الهيئة اوقفت معايرة طرمبات تعبئة الوقود منذ اربع سنوات، مشيرا الى ان الهدف هو التغطية على استيراد طرمبات غير دقيقة، وغير مطابقة للمواصفات، وتدخل مقابل رشاوي لنافذين، ما يوفر أرباح طائلة للمحطات الجديدة التي أنشأها نافذين في الجماعة.
والغش لا يقتصر على المحروقات، بل يتعداها إلى المواد الغذائية التي تدخل إلى الأسواق، سواء من خلال ادخال مواد مهربة غير مطابقة للمواصفات، او التلاعب بمدة الصلاحية، وتقليد وتزييف العلامات التجارية.
يقول مصدر مطلع لـ"النقار": منذ 3 سنوات يجري تطفيش الكوادر المؤهلة والنزيهة في هيئة المواصفات بصنعاء، وإحلال غير مؤهلين مرتبطين بنافذين في الجماعة.كاشفا أن شحنات يتم إيقافها في المنافذ بسبب عدم مطابقتها للمواصفات، لكنها تدخل بتوجيهات عليا، وبعضها بتقارير فحص مزورة لا تصدر عن مختبرات الهيئة
وكشف مصدر اخر لـ"النقار" عن نموذج من الفساد في هيئة المواصفات، حيث قال: قبل 5 سنوات تم شراء جهاز لفحص المواد البترولية في الهيئة، لكن لم يتم استخدامه، ولا يعلم اين اختفى؟! رغم شرائه بالاف الدولارات.
وقال مصدر ثان إن الهيئة تغض الطرف عن عشرات المعامل التي تعمل في بدرومات بأمانة العاصمة صنعاء، وتقوم باعادة تغليف مواد مهربة، واخرى منتهية الصلاحية، بعد أن يطبع عليها علامات تجارية معروفة وتواريخ صلاحية جديدة.
وكمثال على عدم الاكتراث بصحة المجتمع يتم السماح بانتشار مئات المحلات الصغيرة التي تبيع سلع صلاحياتها أوشكت على الانتهاء، وبعضها انتهت قبل شهرين أو ثلاثة، بعضها تحمل علامات تجارية غير مسجلة، واخرى بعلامات ومدة صلاحية مزيفة، ويقبل عليها المستهلك لرخص ثمنها، ورغم ضررها على صحة المجتمع، وتأثيرها على المنتجات ذات الجودة، إلا ان غض الطرف عنها يشي بأن هناك من يستخدمها لضرب سلع معينة تتبع تجار غير مرضي عنهم.
يقول مروج كان يعمل لدى شركة عريقة أوقفت نشاطها بسبب التضييق عليها: قبل 3 سنوات تفاجئنا بمنتج حليب مقلد لعلامتنا التجارية، ومواصفاته رديئة، يباع في الأسواق بسعر أقل، ورغم إبلاغ الجهات المعنية، تفاجئنا بعد أقل من شهرين بحجز منتجاتنا في الجمارك، بمبرر عدم تجديد الترخيص، الذي رفضت الوزارة تجديده متذرعة بشكوى بعض المساهمين، رغم صدور حكم بات بشرعية الادارة القائمة.