ألقت السلطات التركية القبض على أبرز منافس سياسي للرئيس رجب طيب أردوغان يوم الأربعاء بتهم تشمل الفساد ومساعدة جماعة إرهابية، فيما وصفه حزب المعارضة الرئيسي بأنه “محاولة انقلاب على رئيسنا القادم”.
يأتي اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، الذي يحظى بشعبية كبيرة، في إطار حملة قانونية، مستمرة منذ شهور في جميع أنحاء البلاد على شخصيات من المعارضة، وُصفت بأنها محاولة مسيسة للإضرار بفرصها في الانتخابات.
وهوت الليرة التركية 12 بالمئة إلى 42 أمام الدولار لتصل إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق نتيجة لذلك، مما يُبرز المخاوف من تراجع سيادة القانون في السوق الناشئة الرئيسية والدولة العضو في حلف شمال الأطلسي التي يحكمها أردوغان منذ 22 عاما.
وكان حزب الشعب الجمهوري المنتمي إليه إمام أوغلو (54 عاما)، المتفوق على أردوغان في بعض استطلاعات الرأي، على وشك ترشيحه خلال أيام للرئاسة. ويواجه إمام أوغلو تحقيقين منفصلين يتضمنان أيضا تهما بتزعم منظمة إجرامية والرشوة والتلاعب في عطاءات.
وعلى الرغم من حظر السلطات الاحتجاجات مؤقتا وإغلاق الشرطة بعض شوارع المدينة، تجمع نحو 100 شخص في مركز الشرطة الذي اقتيد إليه إمام أوغلو وهتفوا “سيأتي اليوم الذي يُحاسب فيه حزب العدالة والتنمية”.
ومن المقرر أيضا تنظيم احتجاجات أكبر في محاولة لاختبار مدى استعداد السلطات لتوسيع نطاق حملتها القانونية التي تشمل بالفعل العديد من لوائح الاتهام وإقالة عدد من رؤساء البلديات المنتخبين من المعارضة وسجن زعيم حزب قومي.
ودعا أوزجور أوزيل زعيم حزب الشعب الجمهوري جماعات المعارضة إلى الاتحاد، وقال إن الحزب رغم ذلك سيختار إمام أوغلو للترشح للرئاسة يوم الأحد.
وقال “تشهد تركيا انقلابا على الرئيس المقبل. نحن هنا أمام محاولة انقلاب”.
وقال إمام أوغلو إنه لن يستسلم وسيقاوم الضغوط في مقطع فيديو منشور على مواقع التواصل الاجتماعي يعرض فيه استعداده لمغادرة منزله من أجل احتجازه صباح الأربعاء.
ومن المقرر إجراء الانتخابات المقبلة عام 2028، واستنفد أردوغان فرص الترشح للرئاسة المحددة بفترتين. وإذا رغب في الترشح مرة أخرى، عليه الدعوة إلى انتخابات مبكرة قبل انتهاء فترته الرئاسية الحالية أو تعديل الدستور.
ومني أردوغان بأسوأ هزيمة انتخابية له العام الماضي عندما فاز حزب الشعب الجمهوري باكتساح في المدن التركية الكبرى وهزم حزب العدالة والتنمية الحاكم في معاقله السابقة في انتخابات البلدية.
وقال وولفانجو بيكولي الرئيس المشارك في شركة تينيو الاستشارية “في نهاية المطاف، تسلط تطورات اليوم الضوء على أن أجندة أردوغان الشخصية تظل الأولوية القصوى، بغض النظر عن التكلفة، في حين يأتي كل شيء آخر في المرتبة الثانية”.
وتنفي الحكومة اتهامات المعارضة وتُؤكد أن القضاء مستقل وتواصل في الوقت نفسه الضغط لإنهاء تمرد حزب العمال الكردستاني المستمر منذ عقود بعد دعوة الزعيم المسجون عبد الله أوجلان جماعته المحظورة إلى إلقاء سلاحها الشهر الماضي فيما قد يكون خطوة كبيرة نحو تحقيق السلام في تركيا.
* هبوط الأسهم
وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش التهم الموجهة إلى إمام أوغلو بأنها “ذات دوافع سياسية وملفقة”، وطالبت بالإفراج عنه فورا.
ولم يعلق مكتب أردوغان بعد على طلب للرد على سؤال عن المزاعم بأن إلقاء القبض على إمام أوغلو إجراء سياسي.
وورد في بيان صادر عن مكتب المدعي العام في إسطنبول بشأن التحقيق الأول أنه يُشتبه في تورط 100 شخص إجمالا، بينهم صحفيون ورجال أعمال، في الأنشطة الإجرامية المتعلقة ببعض المناقصات التي قامت البلدية بترسيتها.
وذكر البيان أن تحقيقا ثانيا يتهم إمام أوغلو وستة آخرين بمساعدة حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه تركيا وحلفاؤها الغربيون منظمة إرهابية.
وأعلن حزب العمال الكردستاني الشهر الماضي وقف إطلاق النار استجابة لدعوة زعيمه المسجون عبد الله أوجلان إلى إلقاء السلاح، مما يمثل خطوة كبيرة نحو إنهاء التمرد الذي أسفر عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص.
وقد يحل شخص تعينه الحكومة محل رئيس البلدية نظرا لاعتقاله في إطار تحقيق إرهابي.
ويأتي الاعتقال بعد يوم من إلغاء جامعة إسطنبول شهادة إمام أوغلو العلمية، وفي حالة تأييد ذلك، فسيمنع من الترشح للانتخابات الرئاسية.
وأدى احتجاز إمام أوغلو إلى انخفاض أسهم إسطنبول بأكثر من خمسة بالمئة وأثار أحد أسوأ انخفاضات الليرة في يوم واحد على الإطلاق. وتوقع محللون أن تكبح هذه الصدمة دورة خفض أسعار الفائدة وتُبطئ انخفاض التضخم الذي هبط إلى 39 بالمئة الشهر الماضي.