خاص - النقار
انتهى المشاط أخيرا من رسالته الماجستير التي شغلته كثيرا عن أعماله ومسؤولياته كرئيس. إنما ها هو ذا سرعان ما تدارك ما فاته مستأنفا عمله في القصر الجمهوري ببعث برقية إلى إمبراطور اليابان يهنئه فيها بالعيد الوطني. حيث جاء في صفحة مكتب رئاسة الجمهورية اليمنية على منصة إكس، اليوم، هذا الخبر: “بعث فخامة المشير الركن مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى، برقية تهنئة إلى إمبراطور اليابان ناروهيتو، بمناسبة احتفالات بلاده بالعيد الوطني”.
صحيح أن الصورة المصحوبة بالخبر هي نفسها التي كانت له قبل زراعة الشعر وقبل حصوله على الماجستير، لكنها تحتفظ له بمهابة كبيرة كرئيس معتبر. وبهذا الصدد، يقال إن صورة رسمية للمشاط بعد زراعة الشعر لم يتم تحضيرها بعد، وذلك لصعوبة الأمر بالنسبة للمصور، فكانت التوجيهات بأن يتم العمل بالصور السابقة حتى إشعار آخر.
إمبراطور اليابان قد تصله البرقية متأخرة قليلا، باعتبار أن عليها أن تعبر حدودا كثيرة حتى تصل، فسفارة بلاده التي كان عليها أن توصل البرقية، أغلقت أبوابها في صنعاء وانكفأت على نفسها في الرياض، مثلها مثل باقي السفارات التي غادرت ذات يوم على مجيء القوم إلى الحكم.
كما أن السفير (يونتشي ناكاشيما)، وبحسب خبر وكالة سبأ التابعة لحكومة العليمي في 11 فبراير الجاري، أي قبل 11 يوما فقط، التقى في الرياض بـ”نائب وزير الخارجية وشؤون المغتربين السفير مصطفى نعمان”، وأكد “دعم بلاده المستمر للحكومة (العليمية) والشعب اليمني بما يسهم في تخفيف الأزمة الإنسانية في اليمن”، فيما ثمن نعمان بدوره “موقف اليابان الداعم لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية”؛ وبالتالي من الصعب أن تصل برقية المشاط إلى إمبراطور اليابان عن طريق هذا السفير القابع في الرياض.
حتى أن وكالة سبأ التابعة للمشاط، وعلى غير عادتها، أوردت الخبر مقتضبا وبنفس الصيغة التي أوردها مكتبه الرئاسي. وبعيدا عن مسألة من استقى من الآخر، فإن الجهتين لم تجدا من المعطيات ما تملآن به الفراغ فاكتفيتا بخبر مكون من سطرين أو أقل. حتى اسم الإمبراطور الذي أوردتاه قد لا يكون صحيحا. ومن يدري ربما إن المشاط ذيل برقيته هكذا: (المشير الركن مهدي المشاط.. رئيس الجمهورية اليمنية.. الحاصل مؤخرا على ماجستير علوم سياسية).
لكن تلك مسألة جانبية قياسا بالمسألة الأهم والتي مفادها: كيف ستصل برقية المشاط إلى إمبراطور اليابان؟ وأمام هذه المسألة ثمة عدد من الاحتمالات، أولها أن المشاط ربما يكون قد علم من مصادر موثوقة في لبنان أن وفدا سيمثل إمبراطور اليابان للمشاركة في تشييع جنازة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، فكلف وزير الإعلام هاشم شرف الدين، ودون علم رئيس الوفد يحيى الرزامي، بالمهمة.
والاحتمال الثاني هو أن المشاط عثر، ومن مصادر موثوقة أيضا، على الإيميل الخاص بإمبراطور اليابان، فأبرق له التهنئة وتلقى إشعارا منه بأنه تم الاستلام.
وإما أن نشر الخبر في وكالة سبأ وصفحة مكتب رئاسة الجمهورية يكون بمثابة أن البرقية قد أرسلت وتهنئة اليابانيين وإمبراطورهم بالعيد الوطني قد وصلت.
أما الاحتمال الأخير -وهو الأقوى- فهو أن المشاط أراد أن يلفت أنظار اليمنيين إلى أن مشاغل الماجستير وزراعة الشعر لم تمنعه عن متابعة اليوم الذي سيحتفل به اليابانيون بعيدهم الوطني هذا العام. فبما أنه على ثقافة واسعة ويعرف أن العيد الوطني الياباني يتغير مع ذكرى ميلاد الإمبراطور الذي يعتلي العرش، فقد عرف، بفضل شهادة الماجستير التي حصل عليها، أن العيد الوطني لليابانيين هذا العام سيكون في 23 فبراير، باعتبار هذا اليوم هو عيد ميلاد الإمبراطور الحالي الذي بعث له ببرقية التهنئة قبل الموعد بيوم، ليكون بذلك أول المهنئين. وهنا ليس على الشعب اليمني إلا أن يعترف للمشاط بجدوى شهادة الماجستير التي انشغل عنهم بتحصيلها، وأن من بركاتها معرفتهم بعيد ميلاد إمبراطور اليابان، بصرف النظر عن وصول برقية المشاط إليه أم لا.