كشفت صحيفة "واشنطن فري بيكن" عن تطورات جديدة في شأن القضايا المرتبطة بملف المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران روبرت مالي، وأشارت إلى أنه تغيب أواسط مايو (أيار) الماضي عن اجتماع سري لمجلس الشيوخ وكان منهمكاً في المفاوضات مع طهران، مما أثار شكوكاً وتساؤلات في أذهان كبار المقننين بالولايات المتحدة.
في تلك الفترة كان المسؤولون في إدارة بايدن أبلغوا المقننين في مجلس الشيوخ أن مالي يمضي فترة إجازة طويلة، وبعد شهر اتضح أنه يخضع للتحقيق بسبب سوء استخدام المعلومات السرية، وبسبب أهمية الاتهامات الجادة ضده تحول التحقيق فيها من وزارة الخارجية إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي).
ومنذ تلك الفترة وردت إشاعات وتفاصيل كثيرة حول الموضوع على رغم أن طبيعة انتهاكات مالي لم يعلن عنها بعد. "واشنطن فري بيكن" التقت عدداً من المسؤولين الحاليين والسابقين في الأمن الأميركي وبحثت معهم سيناريوهات مختلفة.
تسريب اجتماعات سرية إلى طهران
طبقاً للتقارير الواردة يتهم روبرت مالي بتسريب معلومات سرية إلى النظام الإيراني أو بلد أجنبي آخر. أما وسائل الإعلام الإيرانية، فأكدت بدورها أنه ربما التقى مسؤولين إيرانيين على هامش أعمال الأمم المتحدة من دون اطلاع الخارجية الأميركية.
التقرير الذي رفع ضد مالي يؤكد أنه شارك خلال فترات سابقة في اجتماعات مع أعداء بلاده، كما أشار إلى مفاوضات أجراها مع ممثلي "حماس" المجموعة التابعة للنظام الإيراني عام 2008، وأيضاً إلى طرده من لجنة الانتخابات التابعة لباراك أوباما خلال ترشحه للانتخابات السابقة.
وأوردت الصحيفة الأميركية أن ما سبق أضيف إليه عدم الاهتمام بالحفاظ على المعلومات السرية التي من المحتمل، ولفتت إلى ادعاءات نشرتها صحيفة "طهران تايمز"، المقربة من الحكومة الإيرانية، إذ أكدت أن روبرت مالي ارتبط بمستشارين غير رسميين من أصول إيرانية وألغي ترخيصه الأمني نهاية أبريل (نيسان) الماضي لهذا السبب، ويوحي نشر مثل هذه المعلومات في طهران أن وسائل الإعلام الإيرانية لها مصادر أوسع من نظيرتها الأميركية وأنها مطلعة على التفاصيل.
داعمو طهران
المصادر التي تحدثت إلى "فري بيكن" أكدت أن مالي ربما سلم معلومات سرية إلى شبكة من أنصار النظام الإيراني والداعمين للاتفاق النووي الذي أبرمه أوباما مع طهران.
وكان مالي وبعض المشاركين في الاتفاق النووي الإيراني التقوا بشكل منتظم هذه المجموعة لإبلاغ معلومات كانت ترغب إدارة أوباما في الترويج لها، وكتبت الصحيفة أن الداعمين لإيران باتوا يعرفون بـ"غرفة الهمس".
وتقول مصادر إن روبرت مالي ربما سرب في إطار مساعي جو بايدن لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، معلومات إلى "غرفة الهمس" وأفصح عن معلومات لم تخضع لتراخيص الأزمة.
وادعت "طهران تايمز" في تقرير نشرته في يونيو (حزيران) الماضي أن المسؤول الأميركي التقى بعض الأفراد المتهمين بدعم طهران، وأضافت أن هؤلاء الأفراد يعملون وسطاء في المفاوضات مع النظام الإيراني.
وكتبت "فري بيكن" أن هذا السيناريو حظي باهتمام وسائل الإعلام الأميركية وأشارت إلى مقالة الخبير الأمني الأميركي المعروف لي سميث في صحيفة "تابلت" جاء فيه، "جزء كبير من عمل مالي يرتكز على تدوير معلومات بين الإيرانيين المقيمين في أميركا وفي نهاية المطاف وصلت إلى طهران. وواقعياً فإن ما ورد حول تعليق عمل روبرت مالي في الصحافة الإيرانية قبل الأميركية شكل دليلاً كبيراً على أن موقف البيت الأبيض يتضمن عجزاً كبيراً".
أداء سيئ
وذكر التقرير أن الأداء السيئ لروبرت مالي ربما كان غير متعمد وناتجاً من عدم الدقة، مشيراً إلى أن هذا الاحتمال يتضمن كلفاً قليلة بالنسبة إلى المسؤول الأميركي المعني بالملف الإيراني.
وقال مسؤولون في الإدارة الحالية والسابقة إن قسم الرقابة الدبلوماسية التابع للخارجية الأميركية بإمكانه إلغاء الترخيص الأمني له إذا ما ثبت إهماله في الحفاظ على الوثائق الرسمية أو استخدامها في مكان خاطئ.
وذكر مسؤول في الأمن القومي الأميركي في حديث إلى الصحيفة أنه بعد مضي ثلاثة أشهر لم يعلن عن شرح وافٍ في شأن التستر على وضع روبرت مالي، وأفادت مصادر عدة بأنه لم تسبق إقالة دبلوماسي كبير مثل مالي لأسباب أمنية.
انتهاكات غير مرتبطة بملف إيران
الصحيفة الأميركية بدورها طرحت انتهاكات متعلقة بدول أخرى معادية وافترضت أن الترخيص الأمني لروبرت مالي ربما ألغي بسبب أداء غير مرتبط بملف إيران، ويخضع المسؤولون الأميركيون للتحقيق إذا اشتبه في ارتكابهم أعمالاً مثل استخدام المواد المخدرة أو المواجهة مع الشرطة.
وأشار التقرير نقلاً عن دبلوماسي مطلع على ملف مالي إلى أن الخارجية الأميركية أعلنت بعد شهرين من إلغاء الترخيص الأمني لروبرت مالي أنه في إجازة طويلة، في حين أنه كان مستمراً في عمله خلافاً لبروتوكولات وزارة الخارجية.
وقال مصدر آخر شارك في حفل عشاء جرى خلال مايو بمؤسسة "جيمس فولي" إن روبرت مالي حضر الحفل وتحدث إلى عوائل الرهائن الإيرانيين.
وكان روبرت مالي شارك في مقابلة مع إذاعة "أن بي آر" بصفته الممثل الخاص للإدارة الأميركية في الشؤون الإيرانية بتاريخ الـ 30 من مايو الماضي. كما أنه في وقت أعلن أنه يمضي إجازته غرد من حسابه الرسمي على "تويتر" آنذاك.
ويبحث أعضاء مجلس الشيوخ من التيار الجمهوري هذه الاتهامات وطالب 17 من المقننين، الخارجية الأميركية بالتحقيق في التزام جميع مسؤولي الخارجية بالقوانين خلال إقالة روبرت مالي.
وقال غابرييل نورونا، المستشار في الخارجية الأميركية للشؤون الإيرانية بإدارة ترمب، "يبدو أن الخارجية تريد الترويج بأنها لم ترتكب أي خطأ وكانت تأمل في التستر على إلغاء الترخيص الأمني لـمالي إلى الأبد، لكن القضية أخذت منحى آخر بعدما اتضح أن الأخير يستخدم الفضاءات المتعلقة بمسؤوليته الحساسة على رغم إعلان ذهابه في إجازة طويلة".