عبد اللطيف المناوي
لم يدخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كلمته الافتتاحية أمام القمة الروسية- الإفريقية في مدينة سان بطرسبورج، مناطق الاحتكاك مع غرمائه، وهم كُثُر، بل فضل أن ينطلق مما اعتقد أنه نقاط القوة التي يمتلكها للتأثير، حتى لو كانت قوة غير خشنة، ولكن المكسب فيها أقرب إلى التحقيق.
ولم يخذل بوتين المنتظرين لما سوف يقدم في محاولته خلق أرضية من الدعم، أقله عدم إعلان العداء، فقدم مبادرات وخطوات ولغة خطاب ليست محل جدل. بل وقدم مبادرات ثقافية وإنسانية وحتى دينية.
لغة الخطاب العام بين المسؤولين الروس، وعلى القمة رئيسهم، هو التأكيد المستمر على عدم التدخل في الشؤون الداخلية وإعطاء الانطباع بالتعامل على قدم المساواة. وهم هنا يلمسون وترًا مهمًا وخللًا واضحًا في علاقات الغرب بإفريقيا.
بوتين وصف علاقة بلاده مع إفريقيا بعلاقة الشراكة، والانفتاح على التعاون في كافة المجالات. بل ودعم انضمام الاتحاد الإفريقي لمجموعة العشرين. وتوقع أن يحدث ذلك في القمة المقبلة في الهند. وأن إفريقيا ستصبح أحد الشركاء الرئيسيين لروسيا «في عالم جديد متعدد الأقطاب».
تقريبًا، تجاهل بوتين الحديث عن الحرب مع أوكرانيا، إلا الحديث عن توريد الحبوب. وهو الموضوع الذي «امتطاه» بوتين ليستخدم أسلحته الناعمة فيتعهد بأن تولى روسيا اهتمامًا خاصًا بتوريد الحبوب إلى إفريقيا، بما في ذلك المساعدات الإنسانية عبر الأمم المتحدة.
مؤكدًا أن روسيا قادرة على تعويض إفريقيا عن الحبوب الأوكرانية، مع استعدادها لتقديم جزء من الحبوب للدول الفقيرة «مجانًا»، بعد أن استغل الغرب اتفاق الحبوب للحصول على احتياجاته وحرم الدول الفقيرة من حقوقها، على حد قوله.
وبينما هو حريص على عدم الظهور بمظهر المدافع أو المبرر لموقف أو سياسة، متجنبًا الحديث عن العقوبات التي تتعرض روسيا لها إلا باعتبارها عائقًا لم يمنع روسيا من زيادة حجم التبادل التجاري والاقتصادي العام الماضي مع إفريقيا بزيادة قدرها 35%. بينما استمر في هذا التوجه تحدث عن مناطق تعاون وتعميق العلاقات التجارية والإنسانية مع إفريقيا.
طور بوتين التنافس على إفريقيا إلى مستوى مختلف، حرصه على استخدام أسلوب «مغر» و«مختلف» سيطر على كلمته. حديثه عن إنشاء جامعة إفريقية- روسية، تعليم اللغة الروسية وإدراجها في نظام التعليم العالي في الدول الإفريقية. البحث عن نطاق مشترك لنشر معلومات حيادية عن الأحداث في العالم بمختلف اللغات. تطوير الأعمال الإغاثية مع الدول الإفريقية.
يبدو أن التنافس قد اتخذ منحى مختلفًا قابلًا للاستفادة الإفريقية منه إن أُحسن استغلال الحالة.