لفت زعيم تحالف فصائل المعارضة السورية المسلحة، أبو محمد الجولاني، الأنظار خلال الأيام الماضية بعد أن نجحت مظلة "إدارة العمليات العسكرية" التي تنضوي تحتها فصائل مسلحة معارضة عدة من ضمنها "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقا) بالسيطرة على ريف ومدينة حلب وعلى مدينة حماة وريفها وبدء التوغل داخل الريف الشمالي لمدينة حمص، وفي ظل التطورات الراهنة نقدم فيما يلي نبذة عن الجولاني.
بداية النشاط وانتمائه للقاعدة
أبو محمد الجولاني، واسمه الحقيقي أحمد الشرع، هو قائد عسكري اكتسب خبرة كمقاتل شاب في صفوف تنظيم القاعدة ضد الولايات المتحدة في العراق خلال الغزو الأمريكي قبل القبض عليه وسجنه في العراق.
وبعد إطلاق سراحه، سافر إلى سوريا لإنشاء "جبهة النصرة"، الفرع السوري لتنظيم القاعدة، وقام بقيادة عمليات الجماعة حتى الانفصال العلني عن القاعدة في عام 2016 بسبب الخلافات الأيديولوجية ومعارضة داعش. ثم شكل الجولاني ما تُعرف بـ"هيئة تحرير الشام" في أوائل عام 2017.
وفي إبريل/نيسان 2013، بايع الجولاني زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري وامتدح التنظيم وزعيمه في مقطع فيديو نٌشر على الإنترنت، وفقا لصفحة "مكافآت من أجل العدالة" التابعة للخارجية الأمريكية.
تصنيفه إرهابيا
وعلى الرغم من جهود الجولاني لإبعاد مجموعته الجديدة عن تنظيم القاعدة وداعش، فقد صنفت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى "هيئة تحرير الشام" منظمة إرهابية أجنبية في عام 2018 ووضعت مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يأتي بالجولاني.
وصُنف الجولاني كـ"إرهابي عالمي" في 16 مايو/أيار من عام 2013 بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224، وبموجب ذلك تم "حظر جميع ممتلكات الجولاني، والفوائد العائدة عليها التي تخضع للولاية القضائية الأمريكية، وتم منع الأمريكيين بوجه عام من إجراء أي معاملات مع الجولاني"، وفقا للخارجية الأمريكية.
وحذرت واشنطن من أنه "يدخل في إطار الجريمة كل من الدعم المتعمد عن علم، أو محاولة توفير الدعم المادي، أو الإمكانيات المادية، أو التآمر لتوفيرهما لجبهة النصرة، التي صنفتها الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية أجنبية".
ما بعد خسارة حلب
على مر السنين، توسع نفوذ الجولاني على الرغم من نوبات الاقتتال الداخلي والخصومات المحلية. وتلقت فصائل المعارضة ضربة قاسية بعد خسارة حلب لصالح النظام السوري في عام 2016.
وتم حصر هيئة تحرير الشام في إدلب، وهي مدينة في شمال غرب سوريا يبلغ عدد سكانها 4 ملايين نسمة، معظمهم من النازحين بسبب الاقتتال الداخلي في جميع أنحاء البلاد.
وفي مقابلة مع شبكة PBS عام 2021، رفض الجولاني تصنيفه إرهابيا، قائلا إن جماعته لا تشكل "تهديدا للمجتمع الغربي أو الأوروبي".
ما تقوله أمريكا عنه
تقول وزارة الخارجية الأمريكية إن جبهة النصرة نفذت عدة عمليات "إرهابية" تحت قيادة الجولاني "مستهدفة المدنيين في الكثير من الأحيان".
وتضرب الخارجية الأمريكية أمثلة حول تلك العمليات مثل إعلان مسؤولية "جبهة النصرة" عن اختطاف "ما يقرب من 300 مدني كردي من إحدى نقاط التفتيش في سوريا ثم أطلقت سراحهم. وفي يونيو/حزيران 2015".
كما أشارت واشنطن على صفحة "مكافآت من أجل العدالة" إلى أن مسؤولية جبهة النصرة عن أحداث "قلب لوزة" في إدلب التي راح ضحيتها 20 شخصا من الأقلية الدرزية.
قيادة إدارة العمليات العسكرية
برز الجولاني في الأيام الماضية كقائد عسكري لعمليات فصائل المعارضة المسلحة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد والتي أدت إلى بسط السيطرة على حلب وحماة.
وظهر الجولاني في كلمة متلفزة للمرة الأولى خلال الأحداث الأخيرة في خضم العمليات العسكرية على ريف حلب الغربي ومدينة حلب، قبل أن يظهر مؤخرا في قلب المدينة بزيارة لقلعتها الشهيرة.
وفي مقابلة حصرية مع شبكة CNN، لم يترك الجولاني مجالاً للشك في أن طموحات هيئة تحرير الشام لا تقل عن وضع حد لنظام الأسد، وفي أول مقابلة إعلامية له منذ سنوات، في مكان غير معلن في سوريا، تحدث عن خطط لتشكيل حكومة قائمة على المؤسسات و"مجلس يختاره الشعب".