تقارير عن تحركات عسكرية روسية في سوريا، تتزامن مع التقدم الذي حققته المعارضة ضد قوات بشار الأسد، حليف موسكو الذي تدعمه منذ نحو 10 سنوات.
فما هي خريطة التواجد العسكري الروسي في سوريا؟ وماذا تكشف عنه التحركات المعلن عنها، في حال صحتها؟
هذه التحركات التي أوردها معهد دراسات الحرب في واشنطن، ولم تؤكدها مصادر رسمية، تتعلق بأسطولها البحري في قاعدة طرطوس، إذ كشفت صور الأقمار الصناعية عن سحب روسيا لكامل أسطولها من هناك "في خطوة قد تشير إلى أن موسكو لا تنوي إرسال تعزيزات كبيرة لدعم رئيس النظام السوري".
وأظهرت الصور التي التقطت، في الثالث من ديسمبر الجاري، إخلاء روسيا لثلاث فرقاطات حربية وغواصة وسفينتين مساعدتين من القاعدة البحرية، وهو " ما يعادل جميع السفن الروسية التي كانت متمركزة في طرطوس منذ نشرها هناك".
في الوقت ذاته، أشار تقرير المعهد إلى أن المديرية العامة للاستخبارات العسكرية الأوكرانية قالت إن موسكو نشرت قوات من "فيلق أفريقيا" في سوريا في الثالث من ديسمبر، وهي القوات التي أنشأتها لتحل محل مجموعة "فاغنر" في القارة الأفريقية بعد مقتل مؤسسها، يفغيني بريغوجين.
لكن المعهد لم يؤكد نشر هذه القوات، ويشير إلى أنه إن كانت هذه التقارير دقيقة، فهي تعني أن القيادة العسكرية الروسية تتجنب إعادة نشر القوات العسكرية الروسية النظامية من مسرح عملياتها ذي الأولوية في أوكرانيا إلى سوريا.
واعتبر المصدر ذاته، أن الإخلاء الروسي لطرطوس والتقارير عن نشر هذه القوات، يشير إلى قلق موسكو من أن قوات المعارضة السورية قد تتقدم جنوباً نحو حماة (على بعد حوالي 80 كيلومتراً شمال شرق طرطوس) وتهدد قاعدة طرطوس.
ودخلت روسيا على خط الأزمة السورية عسكريا في نهاية سبتمبر 2015 بهدف وقف انتصارات المعارضة العسكرية المتتالية التي هددت وجود النظام في الشمال الغربي.
ونشرت روسيا هناك قوات وأسلحة، بما في ذلك الطائرات الحربية والمروحيات الهجومية والشرطة العسكرية والجنود المنتشرين عبر 20 قاعدة، وفق مجلس العلاقات الخارجية الأميركي.
مركز "جسور" السوري للدراسات أوضح في تقرير نشر في يوليو الماضي أن لروسيا 21 قاعدة و93 نقطة عسكرية في سوريا.
وهذه النقاط العسكرية تنتشر بواقع 17في حماة، و15 في اللاذقية، و14 في الحسكة، و13 في القنيطرة، و12 في حلب، و8 في ريف دمشق، و8 في الرقة، و8 في دير الزور، و6 في إدلب، و4 في حمص، و3 في محافظة درعا، وموقعين اثنين في كل من محافظات دمشق والسويداء وطرطوس.
وأنشأت روسيا قاعدة حميميم لتكون أول قاعدة جوية دائمة لروسيا في الشرق الأوسط والقاعدة الجوية الدائمة الوحيدة خارج الاتحاد السوفييتي السابق.
ويشير مركز "جسور" إلى أن روسيا عززت وجودها العسكري في سوريا بين منتصف عام 2023 ومنتصف عام 2024، مضيفة 9 مواقع إلى 105 منشآت قائمة.
وجاء ذلك بعدما خفضت انتشارها في سوريا خلال الأشهر الأولى من حرب أوكرانيا.
وجاء ذلك بعد التراجُع النسبي في عدد المواقع العسكرية الروسية في سوريا خلال الأشهر التي أعقبت انطلاق حرب أوكرانيا.
وتعود معظم الزيادة في عدد المواقع الروسية التي جرت خلال النصف الأول من عام 2024 ضمن المواقع التي انسحبت منها الميليشيات الإيرانية في محافظة القنيطرة.
وكانت روسيا قلّصت انتشارها العسكري في سوريا خلال العام الأول من غزوها لأوكرانيا نتيجة نقل جزء من قواتها التي شاركت في سوريا إلى أوكرانيا للاستفادة من خبراتها التي اكتسبتها من التجربة في العمليات القتالية ولخفض المجهود الحربي في سورية لصالح الصراع في أوكرانيا.
لكن روسيا لا تزال تحافظ على تفوُّقها العسكري مقارنةً بالقوات الإيرانية في سوريا، وهو ما يدل عليه انتشار قواتها في مواقع عسكرية جديدة في سوريا خلال عام 2024 واستمرارها في حرمان القوات الإيرانية من الانتشار في المواقع الاستراتيجية.
ويَبدو أن روسيا باتت تخشى الخسائر البشرية في صفوفها، لذلك تميل إلى الاعتماد بشكل أكبر على مجموعات المرتزقة في تنفيذ بعض الأعمال العسكرية، خاصة عمليات التمشيط البرية في البادية السورية.
ويقول مجلس العلاقات الخارجية إن الدعم الأساسي للأسد من روسيا تم في صورة قصف عشوائي لمناطق المتمردين من الجو، في حين دعم حزب الله النظام على الأرض، وفق المنظمة.
لكن من غير المرجح أن تكون القوة الجوية وحدها كافية لصد المعارضة، حاليا، ومع عجز القوات الحكومية، أو عدم رغبتها في محاربة التمرد وعدم قدرة حزب الله على حشد القوات بنفس القوة، كما كان يفعل من قبل، يجد الروس أنفسهم في موقف صعب في سوريا.
ولا شك أن موسكو سوف ترغب في الدفاع عن موقفها في سوريا، ولكن من غير الواضح حتى الآن ما إذا كان هذا يشمل الدفاع عن الأسد.
وتقول شبكة "سي بي أس" الأميركية إن الأسد دخل في مواجهة مع المعارضة بينما "روسيا الآن في العام الثالث من حربها الشاملة باهظة التكلفة في أوكرانيا، وحلفاء إيران، حزب الله وحماس، ضعفا بشكل كبير بعد عام من الصراع مع إسرائيل.