سحر الخولاني امرأة وأم لأطفال، وأخت لشقيقات بُحت أصواتهن في وجه السجان، والسجان على حاله لا يلتفت. ولكونه سجانًا بحجم سلطة، فإنه فقط يثبت نظره في شاشة التلفاز ليدين ويُندّد بما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي من اعتقال للنساء والأطفال الفلسطينيين، معتبرًا ذلك جريمة عار لن تُمحى من وجه ذلك المحتل الغاصب والجبان، كما يسميه أو كما هو كذلك بالفعل. إنه على درجة عالية من التأثر بحيث قد تدمع عيناه لما يحدث في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي، ولا يلتفت إلى ما يحدث في معتقلاته.
ليست حالة انفصام حتى يُقال بأن المسألة مسألة مرض هنا، بل تلك هي سلطة صنعاء، والتي تكبر في عيون ناشطيها إلى الحد الذي يرونها على استعداد لمواجهة العالم من أجل صرخة مظلوم هنا ومنتهَك هناك، ثم تصغر في عين نفسها إلى الحد الذي تقوم فيه بسجن امرأة فقط لأنها طالبت برواتبها المنقطعة منذ عقد من الزمن.
وتلك هي سحر الخولاني، التي لا تمتلك سلاحًا نوويًا ولا باليستيًا، ولا تملك المتفجرات والأسلحة الفتاكة التي تجعلها تقوم بانقلاب ضد تلك السلطة أو تشكل خطرًا كبيرًا على جماعتها الحاكمة. كل ما لديها هو صوتها الذي يبث من أوجاع اليمنيين ما تستطيع التعبير عنه قليلًا أو قليلًا جدًا. ومع هذا، لا يبدو أن سلطة صنعاء في وارد أن تحتمل حتى ذلك الصوت الذي يطالبها فقط ببعض مسؤولياتها كسلطة. فإذا بها تستعرض أقصى ما لديها من عضلات على سحر الخولاني، منتزعةً إياها من بين أطفالها وزاجة بها في السجن.
أكثر من أربعين يومًا حتى الآن، وما تزال سحر الخولاني في السجن. كل مناشدات شقيقاتها وأسرتها لم تشفع حتى الآن لدى سلطة صنعاء، على الأقل بأن تنظر إلى مسألة كونها امرأة وأمًا ينتظرها أطفال ويتوق لعودتها منزل لم يعد يتسع حتى لحلم.