أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي على لسان المتحدث العسكري دانيال هاغاري، أن إسرائيل تبحث بنشاط عن محمد السنوار، شقيق زعيم حركة حماس يحيى السنوار، وجميع القادة العسكريين للحركة، بحسب ما ذكرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل.
ولكن لماذا تبحث إسرائيل عن محمد السنوار؟ ومن هو هذا الرجل الذي تصفه وسائل إعلام إسرائيلية بأنه "أكثر وحشية" من يحيى؟
وفقا لصحيفة جيروزليم بوست الإسرائيلية، في مقال نشرته بعنوان "من هو محمد السنوار؟ زعيم حماس السري في القتال ضد إسرائيل"، فإن محمد يتمتع بدهاء ووحشية عززت دوره في القيادة العسكرية لحركة حماس.
ووصفت الصحيفة محمد بأنه "الإرهابي الرئيسي الغامض".
ووفقا لتقارير، فقد شغل محمد السنوار منصب قائد لواء خان يونس في كتائب القسام، مشيرة إلى أنه كان أحد خاطفي الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
وأشارت التقارير أيضا إلى أن محمد السنوار، هو أحد مهندسي أنفاق غزة وأنه اضطلع بتنفيذ أكبر مشاريع بناء شبكة الأنفاق تحت الأرض.
بالإضافة إلى ذلك يعد محمد السنوار أحد المرشحين المحتملين لخلافة يحيى السنوار في قيادة حماس، الأمر الذي وضعه مع قادة آخرين من حماس على لائحة الاستهداف الإسرائيلية، وهو مطلوب لإسرائيل حيث وضعت جائزة بقيمة 300 ألف شيكل للقبض عليه حيا أو ميتا، وهذا المبلغ هو ثاني أكبر جائزة مالية، بعد تلك التي وضعت على رأس يحيى (400 ألف شيكل).
من هو محمد السنوار؟
استهداف ومطاردة بلا طائل
على مدار السنوات، عمل محمد جنبًا إلى جنب مع كبار قادة حماس وحافظ على علاقات مع شخصيات رئيسية في الحركة، وسمحت له قدرته على العمل تحت الرادار بتجميع النفوذ والخبرة العملياتية، مما جعله لاعبًا رئيسيًا في الاستراتيجية العسكرية لحماس. وعلى الرغم من الجهود الإسرائيلية، إلا أن مطاردته ظلت غير ناجحة.
كشف مسؤول أمني سابق مطلع على استخبارات غزة خلال تلك السنوات أنه على الرغم من الافتقار إلى التغطية الإعلامية، فقد تم تنفيذ عمليات أكثر استهدافًا ضد محمد السنوار من أي شخصية بارزة أخرى في حماس اليوم.
ووفقا للمسؤول الأمني "لم يشارك محمد السنوار فقط خلال التطوير العسكري للمنظمة، من كتائب القسام إلى الجناح العسكري الكامل، بل لعب دورًا نشطًا وحتى قياديًا في بعض أجزاء العملية".
وأضاف "ليس من قبيل المصادفة أن منزله دُمر عدة مرات على مدى العقدين الماضيين. كانت العمليات للقضاء عليه هائلة ولكنها غير ناجحة".
قائد في عملية اختطاف شاليط
في عام 2006، أظهر محمد مرة أخرى ولاءه، أولاً وقبل كل شيء، لأخيه يحيى، الذي كان مسجونًا آنذاك في إسرائيل، ولسجناء أمنيين آخرين من خلال قيادة عملية اختطاف الجندي جلعاد شاليط واحتجازه لاحقًا حتى إطلاق سراح شقيقه في عام 2011.
كان كبار قادة حماس ومسؤولو الأمن الإسرائيليون على دراية بأن يحيى سيُطلق سراحه في صفقة شاليط إلى حد كبير بسبب تورط محمد في العملية.
وتابع المسؤول السابق: "المسألة لم تكن وجود يحيى على قائمة المفرج عنهم، ولكن يجب النظر في نقطتين: أولاً، كيفية الموافقة على الصفقة دون إطلاق سراح حسن سلامة،
الذي كان يُعتبر أعلى مرتبة من يحيى في النشاط الإرهابي؛ وثانيًا، رفض محمد التوقيع على وثيقة مع الشاباك والجيش الإسرائيلي يلتزم فيها بعدم العودة إلى الأنشطة الإرهابية".
وأضاف "بالمناسبة، لم تكن عملية اختطاف شاليط هي العملية الوحيدة التي نفذها محمد لصالح شقيقه. ففي عام 1992، شارك في مهمة قادها محمد ضيف لاختطاف وقتل الجندي ألون كرفاني".
وقال المحامي إيال بوردا، رئيس قسم الاستخبارات في مصلحة السجون الإسرائيلية حتى عام 2017، لموقع "والا" هذا الأسبوع إنه من المعروف أن محمد السنوار كان وراء اختطاف شاليط وكان يحتجزه، على الرغم من تورط فصائل أخرى.
محمد الأكثر قسوة
بعد إطلاق سراح السنوار، بدأ في تجميع السلطة والمكانة، ويرجع ذلك جزئياً إلى شقيقه محمد، الذي قدمه لشخصيات وعمليات رئيسية على الأرض. وبمرور الوقت، ومع القضاء على أعضاء كبار في الجناح العسكري لحماس، نمت قيمة محمد.
ووفقا للجيروزليم بوست، فإنه في صيف عام 2014، أثناء عملية "الجرف الصامد"، اغتيل اثنان من أقرب مساعديه، رائد العطار ومحمود أبو شمالة، اللذان اعتُبرا مرشحين لخلافة محمد ضيف. وفي نفس اليوم، انتشرت شائعات حول وفاة ضيف. وعزز القضاء على هذه الشخصيات مكانة محمد.
ومؤخرا، زار وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت القيادة الجنوبية وتلقى إحاطة عن الوضع في غزة بعد اغتيال رئيس الجناح العسكري لحماس محمد ضيف، وهو الأمر الذي تنفيه حركة حماس.
بعد فترة وجيزة، تم تداول صورة تظهر غالانت إلى جانب قائد القيادة الجنوبية اللواء يارون فينكلمان، مع شاشة كمبيوتر في الخلفية تعرض صورة الأخوين سنوار، يحيى ومحمد.
وقال مسؤول أمني سابق "الكثيرون لا يفهمون من هو محمد السنوار حقا. إنه إرهابي كبير قتل فلسطينيين شخصيا أثناء الاستجواب، بهدف معرفة كيفية عمل الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن الداخلي. لم يتردد في تعذيب وقتل شعبه".
وأضاف المسؤول "لقد ساعدته سلسلة الأعمال المروعة التي ارتكبها على فهم الجانب الإسرائيلي إلى الحد الذي حاول فيه تحويل العملاء ضد إسرائيل. يمكنه حتى التعرف على الطائرات من خلال الأصوات التي تصدرها. لا أحد في حماس يفهم أنماط العمليات السرية الإسرائيلية أفضل منه. لقد أجرى جميع الاستجوابات بنفسه، وتعلم كل شيء من البداية إلى النهاية".
وفقا لمصادر عسكرية، يعتبر محمد السنوار أكثر قسوة من شقيقه يحيى.
وقالت المصادر: "نشأ محمد في ظل شخصيات مثل ضيف وعياش وشحادة والعرابيد. لقد شهد تطور حماس واكتسب خبرة هائلة على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.. لن تجد حدثًا رئيسيًا في بناء حماس العسكري على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية لم يشارك فيه محمد السنوار".
وتابعت المصادر "لقد خدم كقائد لخان يونس، وهو دور رفيع المستوى للغاية، وحتى القادة الذين تبعوه عملوا تحت تأثيره. من المهم أن نفهم أنه كان ممثل محمد ضيف على الأرض، ويتحدث مع المقاتلين وقادة الألوية وقادة الكتائب عندما لم يكن ضيف قادرًا أو لم يرغب في الحضور، الأمر الذي أدى فقط إلى تضخيم قوته".
وقالت "من ناحية أخرى، كان مخلصًا بشدة لضيف، ولم يقوضه أبدًا، وكان الجميع يعلمون أن أي قرار يتخذه يحظى بدعم ضيف، وهي فائدة يتمتع بها محمد كثيرًا".
من بين مهاراته ليس فقط فهم الاستخبارات الإسرائيلية وتكتيكات الجيش الإسرائيلي، وهو ما ظهر في أحداث 7 أكتوبر، ولكن التوفيق بين مصالح الفصائل المختلفة.
أحد الأمثلة هو كيف جند عشيرة درموش، المسؤولة عن تهريب الأسلحة والمخدرات من سيناء إلى غزة، لتنفيذ عملية اختطاف جلعاد شاليط.
الخليفة الطبيعي ليحيى
يضع فهم محمد السنوار للعقائد القتالية والتدريب وقيادة النشاط العملياتي المركّز في موقع الخليفة الطبيعي لضيف، ولهذا السبب تشير التقييمات الإسرائيلية إلى أنه متورط ليس فقط في جهود الحرب الحالية ولكن أيضًا في المفاوضات مع إسرائيل بشأن إطلاق سراح المحتجزين لدى الحركة.
وقال مسؤول أمني سابق: "لن أتفاجأ إذا لعب محمد السنوار دورًا مهمًا في المفاوضات مع إسرائيل، بما في ذلك تحديد السجناء الذين سيتم إطلاق سراحهم.. إنه يفهم بشكل أفضل من أخيه ما قد تؤدي إليه التنازلات على الأرض من نتائج عكسية بالنسبة لحماس".
وأضاف المسؤول الأمني "ويعتقد البعض أن محمد أكثر دهاءً وقسوة من يحيى، ويفضل تحريك الخيوط من وراء الكواليس بينما يستفيد شقيقه من المكانة التي اكتسبها خلال عقود من الزمان في السجون الإسرائيلية".
وتابع "هناك نقطة حاسمة أخرى وهي أن كثيرين يعتقدون أن محمد مسؤول عن أمن يحيى الدائم، وهي المهمة التي تتطلب طاقة هائلة ومسؤولية. ولكن الواقع في غزة يعلمنا أن الجميع يمكن استبدالهم، وأن الخليفة ليس أقل قسوة أو خطورة من سلفه".