خاص | النقار
اغتُصبت مرتين: الأولى من قبل وحش بشري، والأخرى من قبل قضاء أكثر وحشية. هكذا وصف حقوقيون وناشطون الحكم الصادر بحق مغتصب الطفلة جنات طاهر السياغي، ذات التسع سنوات.
قبل يومين، وتحديدًا يوم السبت الموافق 12 أكتوبر/تشرين الأول 2024، صدمت المحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة التابعة لسلطة صنعاء، برئاسة القاضي يحيى المنصور، الطفلة الضحية وأسرتها والشارع اليمني بأسره، من خلال إصدار حكم وُصف بأنه جريمة أخرى بحق الطفلة جنات السياغي.
نص الحكم على سجن الجاني، علي أحمد حسن نجاد، لمدة 15 عامًا، ودفع تعويض مالي قدره 6 ملايين ريال لأسرة الطفلة التي اختطفها واعتدى عليها جنسيًا.
لاقى الحكم استياءً واستنكارًا شعبيًا واسعًا من قبل المواطنين، وفي مقدمتهم والد الطفلة جنات، طاهر عبدالواحد السياغي، الذي دعا اليمنيين إلى التضامن معه. وطالب، ومعه جموع غفيرة من المواطنين، من أمام المحكمة الجزائية في صنعاء بعد النطق بالحكم، بتنفيذ حكم الإعدام بحق الجاني.
ظهر والد الطفلة في مقطع فيديو مع العشرات من المواطنين الذين تجمعوا أمام المحكمة بصنعاء، مطالبين بتنفيذ حكم الإعدام وتطبيق شرع الله بحق المجرم. وأكدوا أن ما حكمت به المحكمة يخالف القانون والشريعة الإسلامية، معتبرين القضاء فاسدًا.
وقد اتهم والد الطفلة جنات القاضي يحيى المنصور بمخالفة القانون والشريعة الإسلامية، وقال: "غريمي يحيى المنصور"، في إشارة إلى أن القاضي قد تواطأ في القضية وأصدر حكمًا غير شرعي.
من جانبه، قال محامي الطفلة، توفيق الأسدي، إن الحكم ظالم وجائر ولا يقبله أي إنسان. وأكد أنه حكم لا تقره شريعة سماوية ولا قانون أرضي. وأضاف الأسدي أن الجاني اغتصب الطفلة واختطفها، وأن عقوبته يجب أن تكون الإعدام قتلًا وتعزيرًا.
وفي منتصف يونيو/حزيران الماضي، أقدم المدعو أحمد حسن نجاد على اختطاف الطفلة جنات طاهر عبد الواحد السياغي، التي كانت تبلغ من العمر 9 سنوات، واغتصبها في منطقة أرتل بصنعاء.
أكد ناشطون أن الحكم الصادر بحق الجاني لا يرقى إلى مستوى الجريمة، بل يعد دفاعًا عن المجرم ووقوفًا إلى صفه، ما أشعر أسرة الضحية بالقهر وتخلي القضاء عنهم.
وطالبوا بتطبيق حكم الإعدام تعزيرًا بحق مغتصب الطفلة جنات السياغي، كما تم تطبيقه بحق مغتصب الطفل في رداع، ليكون عبرة لكل من تسوّل له نفسه ارتكاب مثل هذه الجرائم. ووجهوا رسالة إلى مجلس القضاء الأعلى ورؤساء وقضاة محاكم الاستئناف، قائلين: "لو كانت جنات ابنة أحدكم، هل ستقبلون بحكم السجن لمدة 15 عامًا؟"
من جهتها، دعت الناشطة سكينة حسن زيد إلى سن عقوبة رادعة لمغتصبي الأطفال، مستغربة من عدم وجود قانون خاص بمثل هذه الجرائم في الدستور اليمني. وقالت في تغريدة لها على منصة إكس: "العلاج الأنجع لجرائم الاغتصاب هو سن عقوبة رادعة، كما هو الحال في بعض الدول العربية أو الأوروبية، التي قد تصل فيها العقوبة إلى الإعدام، مع الحرص على التعجيل في تنفيذ العقوبة."
وأضافت: "أما اغتصاب الأطفال فينبغي أن تكون العقوبة أشد. هذا يثبت أن الانحراف سببه غياب العقاب، وليس لون العباية أو الاختلاط. فالطفلة جنات السياغي، ذات التسع سنوات، وغيرها من مئات وربما آلاف الأطفال حول العالم، لا يوجد في حركاتهم أو أجسامهم ما يلفت النظر أو يثير أحدًا. لكن الانحراف موجود في عقل المجرم فقط. حتى أن أغلب المعتدين على الأطفال، كما نقرأ ونسمع في القصص والأخبار من العالم كله، هم من بعض أقارب هؤلاء الأطفال!"، مؤكدة أن "الانحراف والإجرام علاجه العقاب والتعزير، لردع البقية الذين في نفوسهم أمراض وانحرافات."
الجدير بالذكر أن قضية الطفلة جنات لاقت تضامنًا واسعًا من قبل الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أُنشئت هاشتاغات تطالب بإنصاف الضحية وأسرتها، ووجهت انتقادات شديدة لجهاز القضاء في سلطة صنعاء، متهمة إياه بالتغطية على المجرمين.