• الساعة الآن 11:56 AM
  • 19℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

في اليوم العالمي للمعلم.. واقع مرير لا يحتمل التأجيل

news-details

“كاد المعلم…”، هكذا يحدث أن تتردد هذه العبارة على كل حنجرة، إبراءً للذمة بأن هناك يومًا مخصصًا للمعلم يحتفي به العالم، ومن ضمن ذلك العالم، بلد اسمه اليمن. “كاد” هنا من أفعال الشروع والمقاربة، وبالتالي لا محل لها كثيرًا في اليمن؛ باعتبار أن المعلم ينتقل من وضع سيئ إلى أسوأ بسرعة لم تعد تُحسب زمنيًا. وبالتالي، لا يحتاج إلى أفعال شروع ومقاربة ليفهم أن تخصيص يوم واحد فقط من أيام السنة كعيد تكريمي لهذا المعلم هو أمر مجحف، حيث إن كل أيامه أعياد لدرجة أنه لم يعد يعرف بأيها يحتفل وبأيها يفرح؛ هل بالراتب أم بالمكافآت أم بالحوافز أم بشهادات التقدير والتكريم، أم ببقائه حيًا طيلة عقد من الزمن بلا أي مقومات للحياة.

تتفنن السلطات، شمالًا وجنوبًا، في امتهان هذا المعلم، ليس فقط بعدم إعطائه أيًّا من حقوقه، بل بالحديث عن المعلم كما لو كان مشروعًا استثماريًا للبحث عن إيرادات وجبايات جديدة. فالسلطة في صنعاء لا تستحي من أنها جعلت من المعلم إنسانًا يعيش أعلى درجات البؤس في مأكله ومشربه ومعيشته، وجعلته عرضة لكل أشكال الامتهان، بل وراحت تفرض الجبايات والإتاوات على كل شريحة وعقار ومحل باسم “صندوق المعلم”، الذي أصبح وصمة عار بكل ما للكلمة من معنى. لكن هذا ربما هو آخر ما تفكر به سلطة صنعاء. فكم من الوصمات أصبحت بالنسبة لها أشبه بنياشين تتقلدها بكل فخر، فهي في حالة حرب أبدية مع “العدو” الذي لم يعد أحد يدري ما طبيعته ولا هويته ولا مكمنه بالضبط.

عام بأكمله مرّ منذ عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر، تعرضت فيه غزة لأبشع أنواع القتل والتدمير من قبل آلة القتل الصهيونية، لكن المعلم هناك سيحتفل بيومه العالمي، وذلك ببساطة لأن كل حقوقه تصله من دون أن يحتاج إلى أن يطالب بشيء. فلا السلطة الفلسطينية ولا حركة حماس تجرؤان على أن تقولا للمعلمين ولا لغيرهم في القطاع المنكوب بأن رواتبكم عند العدو الصهيوني، وأن عليكم أن تطالبوه هو بتسليم مرتباتكم. لم نسمع من “حماس” أن جعلت يحيى السنوار أو محمد الضيف يصعد ليتحدث عن رواتب منقطعة، لأن هذا، بكل بساطة، يُعدّ عيبًا كبيرًا في أدبيات أي سلطة حاكمة.

أما سلطة صنعاء “المبجلة” فهي، ليس فقط لا تستحي بأنها قامت منذ عقد من الزمن بقطع مرتبات الموظفين، بل وتصر بكل صلف على أن تعتبر كل من يطالبها بتسليم مرتباته خائنًا عميلًا يعمل لصالح العدو. أما الكلمة الأثيرة التي أصبح مسؤولوها يحفظونها عن ظهر قلب، بدءًا برئيس مجلسها السياسي الأعلى مهدي المشاط، ومدير مكتبه أحمد حامد، مرورًا بمحمد علي الحوثي، وليس انتهاءً بنصر الدين عامر، فهي أن كل من سيطالبها بمرتباته عليه أن يذهب هو إلى “العدو” ويطالبه بها وينتزعها منه. والمشكلة أن هذا “العدو” الذي تقصده سلطة صنعاء لم يعد كذلك بالنسبة لها، بل أصبح شيئًا آخر، أو على الأقل عاد إلى توصيفه الأول كشقيق كبير سيهديه الله يومًا. فإلى أن يهديه الله، على اليمنيين أن يصبروا ويصابروا ويرابطوا ويتقوا الله لعلهم يفلحون.

شارك الخبر: