في عملية غير مسبوقة، تحولت أجهزة "البيجر" التي يستخدمها عناصر من حزب الله اللبناني، من وسيلة آمنة لتجنب تكنولوجيا المراقبة الإسرائيلية المتطورة إلى عبوات ناسفة متنقلة، انفجرت في أيدي مستخدميها، ما أسفر عن عدد من القتلى وآلاف الإصابات.
وتكررت العملية في اليوم التالي، ولكن من خلال تفجير أجهزة اتصالات لاسلكية من نوع "ووكي توكي آيكوم".
وفي أول رد فعل رسمي، ألقت الحكومة اللبنانية باللوم على إسرائيل في التفجيرات واصفة إياها بالـ"عدوان الإسرائيلي الإجرامي"، في حين توعد حزب الله" إسرائيل بـ"قصاص عادل".
ولم تعلق إسرائيل حتى الآن على الاتهامات اللبنانية، إلا أن هيئة البث الإسرائيلية نقلت عن مجلس الوزراء ما قالت إنه "أوامر للوزراء بعدم الإدلاء بأي تصريحات".
بعض الصحف الإسرائيلية، من جهتها، ذكرت أن إسرائيل عادة ما تتابع نشاطات حزب الله وتحركاته عن كثب، معتبرة أن العملية قد تكون جزءاً من المواجهات المتكررة بين الطرفين.
وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت إنه إذا كانت إسرائيل وراء الضربة ضد حزب الله، فإنها تعد من أكثر العمليات المفاجئة والمؤلمة التي قامت بها.
ورغم تباين التفسيرات بشأن هذا الهجوم، إلا أنه أثار تساؤلات جدية حول الأمن السيبراني والقدرات التقنية الهجومية، وأعاد إلى الواجهة ذكرى عمليات نُسبت إلى إسرائيل وإلى جهاز استخباراتها الخارجي "الموساد" تحديدا على مدار العقود الماضية.
عمليات ناجحة
ثمة قائمة طويلة من العمليات التي تُنسب للموساد وأجهزة المخابرات الإسرائيلية، أبرزها:
مطاردة الضابط النازي أدولف أيخمان
تُعد عملية اختطاف الضابط النازي، أدولف آيخمان، من الأرجنتين في عام 1960 واحدة من أشهر العمليات الاستخباراتية الناجحة التي نفذها الموساد.
وكان آيخمان أحد المهندسين الرئيسيين للهولوكست التي راح ضحيتها حوالي 6 ملايين يهوديخلال الحرب العالمية الثانية.
طارد فريق من الموساد، مكون من أربعة عشر شخصاً، الضابطالنازي الذي استقر في الأرجنتين بعد تنقله بين عدة دول، وتمكنوا من اقتياده إلى إسرائيل حيث حُوكِم وأُعدم.
عملية عنتيبي
ينظر لعملية "عنتيبي" على أنها واحدة من أكثر العمليات نجاحاً في تاريخ إسرائيل.
وقعت هذه العلمية في تموز/ يوليو عام 1976 في مطار "عنتيبي" بأوغندا وحملت اسمه لاحقا.
وتمكنت قواتكوماندوز إسرائيليةبناءً على معلومات للموساد، من تحرير 100 رهينة كانوا محتجزين في طائرة متجهة من تل أبيب إلى باريس عبر أثينا، وكان على متنها حوالي 250 مسافرا، من بينهم 103 إسرائيليين.
بدأت الأزمة عندما اختطف أربعة مسلحين - فلسطينيان من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وشريكان لهما من جماعة "بادر ماينهوف" الألمانية - الطائرة وحولوا وجهتها نحو أوغندا، حيث انضم إليهم شركاء آخرون.
وانتهت العملية بمقتل الخاطفين وثلاث رهائن، بالإضافة إلى جنود أوغنديين، كما قُتل قائد العملية يوناتان نتنياهو، شقيق رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو.
محمود الهمشري .. زمن الاتصالات القاتلة
في عام 1972، قامت جماعة أيلول الأسود الفلسطينية المسلحة بقتل عضوين من الفريق الأولمبي الإسرائيلي في أولمبياد ميونيخ واحتجزت 9 آخرين قُتلوا لاحقاً في محاولة إنقاذ فاشلة قامت بها شرطة ألمانيا الغربية.
وبعد ذلك، استهدف الموساد عدداً من أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية، ومن بينهم محمود الهمشري. قُتل إثر انفجار عبوة ناسفة زرعت في الهاتف في شقته في باريس. وفقد الهمشري ساقه في الانفجار وتوفي في النهاية متأثرا بجروحه.
يحيى عياش والهاتف المفخخ
وفي عملية مشابهة عام 1996، اغتال "الشاباك" صانع القنابل في حركة حماس يحيى عياش عبر هاتف محمول من طراز "موتورولا ألفا"،تم تفخيخه بنحو 50 غراما من المتفجرات.
يحيى عياش كان قائدا بارزا في كتائب عز الدين القسام التابعة لحماس، واشتهر بقدرته الفائقة على تصنيع المتفجرات وتنفيذ هجمات معقدة ضد أهداف إسرائيلية، ما جعله هدفا رئيسيا لأجهزة الأمن الإسرائيلية.
وفي أواخر عام 2019، رفعت الرقابة الإسرائيلية الحظر عن بعض تفاصيل عملية الاغتيال، ونشرت القناة 13 الإسرائيلية تسجيلا صوتيا للمكالمة الأخيرة بين عياش ووالده.
وتُعد عمليات تصفية الهمشري وعياش جزءاً من تاريخ طويل ومعقد في استخدام التقنيات الحديثة لتنفيذ الاغتيالات.
محمود المبحوح
عام 2010، وُجدت جثة المسؤول العسكري البارز في حركة حماس محمود المبحوح، في غرفة بفندق بدبي.
بدا الأمر كأنه يتعلق بوفاة طبيعية في البداية لكن شرطة دبي تمكنت في النهاية من التعرف على فريق الاغتيال بعد مراجعة كاميرات المراقبة.
وأعلنت الشرطة آنذاك أن المبحوح قُتل صعقاً بالكهرباء ثم خنق في عملية اشتُبه أنها من تدبير الموساد وأثارت حينها غضباً دبلوماسياً إماراتياً.
لكن الدبلوماسيين الإسرائيليين قالوا إنه لا توجد أدلة على تورط الموساد في العملية رغم أنهم لم ينكروا ذلك اتساقاً مع سياسة الحكومة الإسرائيلية في إبقاء الأمور "غامضة".
عمليات فاشلة
رغم ما يُعرف عن تفوق إسرائيل التكنولوجي والاستخباراتي، فإن سجلها يتضمن سلسلة من الإخفاقات الكارثية والعمليات الفاشلة التي أحرجتها على الساحة الدولية.
محاولة اغتيال خالد مشعل
عام 1997، تعرض رئيس حركة حماس السابق، خالد مشعل لمحاولة اغتيال فاشلة في الأردن.
وحُقن بمادة سامة أثناء سيره في أحد شوارع العاصمة عمّان في واحدة من العمليات التي تسببت في أزمة دبلوماسية كبيرة.
وأُلقت السلطات الأردنية القبض على العملاء الإسرائيليين المتورطين، وطالب ملك الأردن الراحل الحسين بن طلال إسرائيلبتوفير المصل المضاد للمادة السامة.
هددت العملية معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل، مما دفع الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، للتدخل والضغط على نتنياهو الذي أرسل رئيس الموساد إلى عمان ومعه الترياق الذي أنقذ حياة مشعل.
محاولة اغتيال محمود الزهار
في عام 2003، حاولت إسرائيل اغتيال القيادي في حركة حماس محمود الزهار عبر قصف منزله. نجا الزهار من العملية، لكن ابنه وزوجته قُتلا.
"من لافون إلى 7 أكتوبر.. "فشل في التقييموالتنفيذ""فضيحة لافون"
عام 1954، أحبطت السلطات المصرية عملية تجسس لصالح إسرائيل تُعرف بعملية "سوزانا".كانت العملية تهدف إلى زرع قنابل في منشآت أمريكية وبريطانية في مصر لمحاولة إقناع بريطانيا بإبقاء قواتها المتمركزة في قناة السويس.
وسُميت القضية بفضيحة لافون، نسبة إلى وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، بنحاس لافون، الذي يُعتقد أنه كان له دور في التخطيط للعملية.
حرب أكتوبر أو هجوم"يوم كيبور"
في 6 من أكتوبر/ تشرين الأول 1973، شنت مصر وسوريا حربا ضد إسرائيل، لاستعادة أرض سيناء المصرية وهضبة الجولان.
وكان اختيار هذا اليوم الموافق السبت، الذي يطلق عليه اليهود اسم يوم كيبور، أو عيد الغفران، أحد عناصر المفاجأة التي شلت حركة إسرائيل في الأيام الأولى للحرب.
هجوم 7 أكتوبر 2023
بعد حوالي 50 سنة، فوجئت إسرائيل بهجوم مباغت شنته حركة حماس علىبلدات إسرائيلية في غلاف غزة.
يصنف هذا الهجوم في قائمة إخفاقات الموساد، ويعكس بحسب محللين ضعف سياسة الردع التي اعتمدتها المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تجاه حماس.
وأدى هجوم 7 أكتوبر إلى مقتل حوالي 1200 شخص،، بحسب السلطات الإسرائيلية. كما تُقدر الحكومة الإسرائيلية أن 251 رهينة تم اقتيادهم إلى غزة بعد الهجوم.
ورداً على هجوم حماس شنت إسرائيل حرباً على قطاع غزة أسفرت حتى الآن عن استشهاد أكثر من 40 ألف شخص معظمهم مدنيين، حسب وزارة الصحة في القطاع.