أثارت تفجيرات أجهزة البيجر واللاسلكي المفخخة في لبنان حالة من الذعر والاندهاش، ما يطرح تساؤلات عن الكيفية التي تمت بها هذه العملية من الناحية التقنية والتكنولوجية، وعن إمكانية تفجير أجهزة أخرى مثل الموبايلات والهواتف الذكية.
ولم تعترف إسرائيل رسميا بتفجير الأجهزة، إلا أن عدة مصادر غربية نقلت عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين قولهم إن الموساد وجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية مسؤولان عن تخطيط وتنفيذ هذه العملية المعقدة.
وأشارت بعض المصادر إلى أن هذه العملية تم التخطيط لها مسبقا منذ فترة طويلة، وكان من المفترض تفجير الأجهزة في حال اندلاع حرب شاملة بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، كخطوة مفاجئة وضربة استباقية، إلا أن ما سرع من تنفيذها هو الشك الإسرائيلي بأن مسؤولين في حزب الله شككوا بالأجهزة وأرادوا فحصها مما سرع من عملية تفجيرها.
أساليب تقنية
وأكد الخبير التكنولوجي، عمر سامي، أن "تفجير أجهزة البيجر والووكي توكي الخاصة بحزب الله تم عن طريق زرع متفجرات داخل الأجهزة بعد تصنيعها وقبل تصديرها إلى لبنان".
وأضاف في حديثه لموقع "الحرة" أنه "وفي نفس عملية وضع المتفجرات داخل الأجهزة تم تعديل البرمجيات، بحيث يتم إصدار أمر بالتفجير فور وصول رسالة محددة من الجهة التي قامت بهذا العمل (في الغالب وحدة 8200 للحرب الإلكترونية بالجيش الإسرائيلي)".
وأوضح أن "الأجهزة التي تم تفجيرها خاصة بشحنة تم تصديرها إلى لبنان منذ بضعة أشهر، ويوجد داخل جهاز البيجر المستخدم مكان يتسع من 30 إلى 60 غراما من المتفجرات بالإضافة لوحدة المفجر".
وأشار إلى أنه "لا يمكن لأي تكنولوجيا تفجير أي جهاز إلكتروني محمول عن طريق زرع برنامج خبيث أو فيروس أو اختراق إلكتروني مهما كان تطوره"، مما يؤكد أن الأجهزة تم تفخيخها بالمتفجرات قبل تفجيرها بالرسائل.
وتابع "لتفجير أي جهاز إلكتروني محمول مثل البيجر أو الووكي توكي أو حتى الهاتف المحمول، يجب وضع عبوة متفجرة داخله ثم يتم بعد ذلك تعديل برمجياتها كما حدث في التفجيرات الأخيرة".
وتسببت عمليات التفجير بمقتل العشرات من المقاتلين والمدنيين وإصابة الآلاف بجروح، في وقت فتحت فيه شركة مصنعة للبيجر في تايوان تحقيقا، وكذلك فعلت شركة يابانية أخرى مصنعة لأجهزة اللاسلكي.
تحقيقات
وقالت شركة غولد أبولو التايوانية، الأربعاء، بعد التحقيقات الأولية، إن أجهزة البيجر المنفجرة من صنع شركة مجرية.
وقالت في بيان إن غولد أبولو تقيم "شراكة طويلة الأمد" مع شركة بي إيه سي BAC ومقرها في بودابست لاستخدام علامتها التجارية، مضيفة أن الطراز المذكور في تقارير إعلامية "إيه آر 924" (AR924) "تصنعه وتبيعه بي إيه سي".
"آيكوم" تعلق على انفجار أجهزة اتصال لاسلكي في لبنانقال مسؤولٌ في الفرع الأميركي لشركة صناعة أجهزة الراديو اليابانية "آيكوم"، الأربعاء، إن أجهزة الراديو التي انفجرت في لبنان تبدو كمنتجات مقلدة وليست مصنوعة من قبل "آيكوم".
وأعلنت بودابست، الأربعاء، أن شركة "باك" BAC المجرية التي قدمت على أنها تنتج أجهزة الاتصال المستخدمة من قبل حزب الله والتي انفجرت، الثلاثاء، في لبنان، هي "وسيط تجاري بدون موقع إنتاج أو عمليات في المجر".
بدورها قالت شركة آيكوم اليابانية: "نحقق بشأن تقارير انفجار أجهزة اتصال لاسلكية تحمل شعار الشركة في لبنان".
وأضافت: "لا يمكن تأكيد ما إذا كانت شركتنا شحنت منتجا لاسلكيا مرتبطا بانفجارات لبنان، والبطاريات اللازمة لتشغيل الجهاز (V82) الذي تم إيقاف مبيعاته منذ نحو 10 سنوات تم إيقافها أيضا".
وتابعت أن المنتجات التي تصدرها إلى الخارج تخضع لعملية تنظيمية صارمة وضعتها الحكومة اليابانية.
وأدانت وزارة الاتصالات اللبنانية في بيان ما وصفته بـ"العمل الإجرامي الذي اقترفته إسرائيل" بحق لبنانيين، عبر تفجيرها أجهزة Icom V82 كانت بحوزتهم.
وأعلنت الوزارة أن "أجهزة Icom V82 التي تم تفجيرها، لم يتم شراؤها عن طريق الوكيل، ولم يتم ترخيصها من قبل وزارة الاتصالات، علما بأن الترخيص يتم بعد أخذ موافقة الأجهزة الأمنية".
موجات غير مشفرة
من جهته يوضح الخبير التكنولوجي، سلوم الدحداح، أن هناك عدة أنواع من أجهزة البيجر، فمنها ما يعمل على موجات "يو أتش أف" (UHF) أو موجات "في أتش أف" (VHF) أو موجات 900 ميغاهيرتس (900 MHz band).
وقال في حديثه لموقع "الحرة" إن "مشكلة أجهزة البيجر أنها تعمل عبر موجات غير مشفرة، وسهلة الاختراق أكثر من غيرها".
وأضاف أن "هناك عدة أنواع من البطاريات التي تستعمل في البيجر ومنها ألكالاين ونيكل كادميوم، وليثيوم"، وأوضح أن "أول نوعان من البطاريات لا ينفجران، ومن الصعب رفع حرارتها (over heat)، أما النوع الثالث فيمكن أن ينفجر بعد رفع حرارته"، مما يرجح أن الأجهزة تم تفجيرها بعد رفع حرارة البطاريات.
بدورها ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، وفقا لأشخاص مطلعين على تحقيقات حزب الله، أن التقييم الأولي يشير إلى أن أجهزة البيجر انفجرت لأن متفجرات زرعت في الطرازات الجديدة.
ويشير هذا السيناريو إلى أن إسرائيل تمكنت من الوصول إلى سلسلة توريد حزب الله لتفخيخ الأجهزة التي تم تسليمها، وفقا للصحيفة.
ويرى غراهام أن السيناريو الأكثر ترجيحا هو أن شحنة من أجهزة البيجر تم اعتراضها أثناء نقلها إلى وجهتها، وتم زرع المتفجرات بداخلها بالإضافة إلى شفرة ضارة، بحيث يتم تفجيرها بإرسال رسالة معينة.