• الساعة الآن 03:41 PM
  • 22℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

السيسي في تركيا: كيف تغيرت العلاقات التركية-المصرية على مدار 11 عاماً؟

news-details

يلتقي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اليوم الأربعاء، مع نظيرهالتركي رجب طيب أردوغان بأنقرة، في زيارة هي الأولى من نوعها لرئيس مصري منذ 12عامًا، وذلك بعد تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عقب قطيعة استمرت لما يزيد على العقد.

يرافق الرئيس المصري في زيارته الأولى منذ توليه الحكم عام 2014 وفدٌ رسميٌ رفيعُ المستوى، حيث يتم تدشين أولى اجتماعات مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، والذي تم الاتفاق عليه خلال زيارة الرئيس التركي إلى القاهرة في فبراير/شباط الماضي.

ووفقا لوكالة أنباء الأناضول التركية، من المقرر توقيع نحو 20 اتفاقية بين مصر وتركيا في مجالات الدفاع والطاقة والسياحة والصحة والتعليم والثقافة، ويستهدف البلدان زيادة حجم التجارة بينهما من 10 مليارات دولار حاليا إلى 15 مليار دولار خلال المرحلة الأولى من خطة دعم العلاقات بين البلدين بعد قطيعة دامت لأكثر من 11 عاما بعد إطاحة الجيش بحكم الرئيس السابق محمد مرسي والذي كانت تنظر إليه أنقرة باعتباره أقرب حلفائها في المنطقة، وذلك بعد مظاهرات شعبية ساندها الجيش في 30 من يونيو/حزيران عام 2013 .

كما يتضمن جدول أعمال الزيارة بحسب وكالة الأنباء التركية تنفيذ مشروعات مشتركة في مجال الصناعات الدفاعية مع مصر، والتعاون في مجال الطاقة، لا سيما في مجالات الغاز الطبيعي المسال والطاقة النووية والمتجددة.

وأُجريت الاستعدادات على أعلى مستوى للاجتماع الذي سيعقد في أنقرة خلال الاجتماعات بين وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، ونظيره المصري الوزير بدر عبد العاطي في القاهرة في أوائل أغسطس/آب.

وأعلن الجانبان أن العمل جارٍ على قضايا مثل توسيع نطاق اتفاقية التجارة الحرة بين تركيا ومصر، وإعادة تشغيل خدمات النقل البحري بين مرسين والإسكندرية.

 

2013- 2024: التحول الكبير

تعد زيارة السيسي مهمة للغاية من حيث الرمزية التي تمثلها بقدر ما هي مهمة من حيث مضمونها. وبعد عام 2013، مرت الفترة الأكثر برودة في تاريخ العلاقات الدبلوماسية التركية المصرية، التي ستحتفل بالذكرى المئوية لها العام المقبل.

وأطاح السيسي، الذي كان من المتوقع أن يستقبل ببروتوكول رسمي في أنقرة، بأول رئيس مصري منتخب، محمد مرسي، في 3 يوليو/تموز 2013، وخلفه لاحقاً كرئيس.

وأرادت تركيا، التي كانت تربطها علاقات وثيقة مع جماعة الإخوان المسلمين في ذلك الوقت، تطوير علاقات شاملة مع مرسي وحددت ذلك بـ "محور أنقرة القاهرة".

وفي تلك السنوات، عندما كانت العلاقات بين البلدين في أشد حالاتها صعوبة وانقطع الاتصال الدبلوماسي تماماً، استهدف الرئيس أردوغان السيسي شخصياً في خطاباته وحتى في حملاته الانتخابية، واصفاً إياه بـ "القاتل" و"مخطط الانقلاب" وأشار إلى أنه "لن يصافح أبداً" زعيماً مثل السيسي.

وفي خطاب حملته الانتخابية قبل الانتخابات المتكررة لبلدية إسطنبول الكبرى في عام 2019، استخدم أردوغان المشكلة الدبلوماسية مع مصر لصالح السياسة الداخلية بقوله "هل سنقول السيسي أم بن علي يلدريم (مرشح الحزب الحاكم ورئيس الوزراء التركي السابق) يوم الأحد؟".

 

"العودة من العزلة الثمينة" جلبت التطبيع مع مصر

كانت فترة الخلافات بين تركيا ومصر خلال حقبة شهدت فيها السياسة الخارجية التركية مرحلة "عزلة ثمينة"، كما وصفها إبراهيم قالين، كبير المستشارين لرئيس الجمهورية آنذاك ورئيس جهاز المخابرات التركي حالياً.

كما كانت علاقات تركيا صعبة مع الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، بعد أن حملتهما المسؤولية عن محاولة الانقلاب في 15 يوليو/تموز 2016، وكذلك مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اللذين انتقداها بسبب فرضها حالة الطوارئ.

ومع ذلك، فإن التقدم الكبير الذي أحرزته اليونان وجمهورية قبرص في سياساتهما لعزل تركيا في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​منذ عام 2018، وتورط تركيا المباشر في الصراع في ليبيا، والتطورات الدولية الأخرى، دفعت أنقرة إلى السعي لتطبيع علاقاتها مع جميع الدول التي واجهت مشاكل معها، وخاصة إسرائيل ومصر.

واستمرت جهود التطبيع بين تركيا ومصر، التي بدأت في عام 2020، حتى عام 2023، عندما عيّن الطرفان سفراء متبادلين.

والتقى أردوغان والسيسي لأول مرة في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، في حفل افتتاح كأس العالم الذي أقيم في قطر وقررا مواصلة العملية.

 

تركيا لم تعد تصف الأمر بـ "الانقلاب"

أدى التحول الكبير في العلاقات التركية المصرية أيضاً إلى تغيير كيفية تعريف أنقرة للأحداث في يوليو/تموز 2013.

وصف الموقع الرسمي لوزارة الخارجية التركية أحداث عام 2013 في مصر، بأنها "انقلاب" طوال السنوات التي كانت العلاقات فيها باردة. كما أشارت إلى أن العلاقات التركية-المصرية تأثرت سلباً بسببه.

لكن منذ عام 2019، عندما اتُخذ قرار تطبيع العلاقات، أزال موقع وزارة الخارجية مصطلح "انقلاب".

مع ذلك، لا يزال الموقع يستخدم عبارة "بعد انتهاء حكم الرئيس مرسي في 3 يوليو/تموز 2013، جرى تنفيذ التمثيل الدبلوماسي في عاصمتي البلدين على مستوى القائم بالأعمال منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023".

وخلال عملية التطبيع مع مصر، أصبحت تركيا ترفض السماح بالأنشطة والدعاية المناهضة للسيسي من قبل أنصار الإخوان المسلمين المقيمين في تركيا، وخاصة في إسطنبول، ورحيل العديد منهم من البلاد من بين أهم الخطوات في الجهود الرامية إلى استعادة العلاقات الثنائية.

 

فترة اتصال مكثفة

بعد سنوات عديدة من ذوبان الجليد بينهما، دخلت تركيا ومصر مؤخراً في علاقات ثنائية مكثفة.

وكانت الزلازل التي ضربت تركيا وسوريا في 6 فبراير/شباط 2023 من أهم نقاط التحول في هذه العملية. إذ شاركت مصر إرسال مساعدات إنسانية إلى تركيا إضافة لدول أخرى، وجاء وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا لفحص الأماكن المتضررة من الزلزال وتنسيق المساعدات.

يشار إلى أن التطور الذي عزز الحوار التركي المصري هو الحرب التي اندلعت بعد أن شنت حماس هجمات على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وتحدث وزير الخارجية هاكان فيدان، الذي زار القاهرة عدة مرات خلال هذه الفترة، بتقدير عن جهود الإدارة المصرية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة ومساعي وقف إطلاق النار.

كما أن قضايا ليبيا وشرق البحر الأبيض المتوسط ​​مطروحة على الطاولة.

وعلى الرغم من التعافي في العلاقات، إلا أن هناك مجالات تختلف فيها وجهات نظر تركيا ومصر بشأن القضايا الإقليمية، وخاصة ليبيا.

وكانت تركيا ومصر على جانبين متعارضين في الحرب الأهلية في ليبيا، ولم يتغير هذا الوضع من حيث المبدأ.

لكن تركيا زادت مؤخراً اتصالاتها مع إدارة بنغازي التي تدعمها مصر ودول إقليمية أخرى، بل وأرسلت رسالة مفادها أن القنصلية العامة التركية في بنغازي، التي أغلقت منذ فترة، سيعاد فتحها قريباً.

ويؤكد الجانبان أنهما توصلا إلى اتفاق بشأن استمرار التعاون من أجل إجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن في ليبيا، حيث خفت حدة الصراع.

لكن من غير المعروف بعد ما إذا كانت تركيا ستواصل وجودها العسكري في ليبيا، ومصير اتفاقية الاختصاص البحري التي وقعتها مع ليبيا في عام 2019.

ومن المتوقع أيضاً أن يناقش أردوغان والسيسي قضايا مثل الحرب بين إسرائيل وحماس، وخطر انتشار التوترات إلى بقية المنطقة، والوساطة التركية المستمرة بين الصومال وإثيوبيا، والتوترات في السودان.

شارك الخبر: