سلطت إميلي ميليكين المحللة المتخصصة في شؤون اليمن وليبيا والخليج الضوء على محاولات الصين إقامة علاقات مع أطراف متعددة في اليمن في السنوات الأخيرة، بينها فصائل متحاربة مثل جماعة الحوثي والحكومة اليمنية.
واستشهدت ميليكين في تحليل نشرته مجلة "ريسبونسبل ستيت كرافت" التابعة لمعهد كوينسي لفن الحكم الرشيد، بتوقيع الحوثيين في مايو/ أيار الماضي مذكرة تفاهم (ألغيت لاحقا) مع مجموعة أنتون لخدمات حقول النفط الصينية والحكومة الصينية للاستثمار في التنقيب عن النفط في البلاد.
لكن وفقا لميليكين فإن الصين ليست منخرطة فقط مع الحوثيين، إذ التقى القائم بالأعمال الصيني تشاو تشنج مع سفير السعودية في اليمن محمد بن سعيد الجابر لمناقشة آخر التطورات في اليمن وكيفية الوصول إلى حل سياسي.
وجاء الاجتماع مع الجابر بعد سلسلة اجتماعات بين تشنج وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي، بمن فيهم رئيس المجلس التشريعي رشاد العليمي، وزعيم المقاومة الوطنية طارق صالح، وزعيم المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي.
وبينما تعارض الصين علنًا قضية استقلال الجنوب، فقد تمكنت من الاستفادة من علاقتها مع المجلس الانتقالي الجنوبي لتشجيعها على التمسك باتفاقيات تقاسم السلطة مع الحكومة اليمنية.
بعد الاتفاق الإيراني السعودي، أثنى مسؤولو المجلس الانتقالي الجنوبي على الصين بسبب الدور البناء الذي لعبته في الشرق الأوسط.
انخراط متجدد
بحسب ميليكين، فإن العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والصين ليست جديدة بل تعود إلى عام 1956 عندما كانت اليمن في الواقع أول دولة في شبه الجزيرة العربية تعترف بجمهورية الصين.
منذ توحيد اليمن في عام 1990، وقعت الصين اتفاقيات لبناء محطات لتوليد الطاقة بالغاز الطبيعي في اليمن، وتوسيع موانئ الحاويات في عدن والمخا، ونشطت في قطاع إنتاج النفط في اليمن.
بدأت الصين أيضًا في تطوير اتصالات مع الحوثيين في وقت مبكر من عام 2011.
توسيع نفوذ
يأتي انخراط بكين في اليمن على خلفية الزيادة الكبيرة في نشاطها الدبلوماسي عبر الشرق الأوسط وأفريقيا، ويبدو أنها تضع نفسها كبديل غير تدخلي للولايات المتحدة.
من أجل توسيع نفوذها في المنطقة، قامت الصين بغزوات دبلوماسية متعددة، بما في ذلك التوسط في اتفاقية التطبيع السعودية الإيرانية الأخيرة وكذلك استضافة قمم الصين والدول العربية وقمة مجلس التعاون الصيني الخليجي.
مع احتفاظ الصين بعلاقات إيجابية مع جميع الأطراف في اليمن وكذلك مع داعمي الحرب - الرياض وأبو ظبي وطهران - يمكن أن تكون عملية السلام في اليمن أحدث ريشة في القبعة الدبلوماسية لبكين.
ولكن بينما تتطلع بكين بالتأكيد إلى تعزيز علاقاتها الدبلوماسية في المنطقة للتنافس مع الولايات المتحدة، فقد يكون هناك المزيد على المحك عندما يتعلق الأمر بتدخلها المحتمل في اليمن.
مكاسب اقتصادية
وتعتبر الصين تأمين الوصول إلى الموارد والأسواق الحيوية بمثابة مكاسب مالية غير متوقعة، إذ تدرك بكين أنه بعد انتهاء الحرب بين الحوثيين والحكومة، سيحتاج اليمن إلى ملايين الدولارات لإعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية.
ومن خلال الانخراط في جميع جوانب الحرب، فإنه يضمن أنه بغض النظر عن النتيجة، فإن الشركات الصينية - مثل شركة الصين لهندسة الموانئ - في وضع مناسب للفوز بهذه العقود المربحة.
ولعل الأهم من ذلك أن موقع اليمن الاستراتيجي في الخليج يجعلها جذابة لبكين. إذ يمر جزء كبير من تجارة الصين مع أوروبا عبر خليج عدن والبحر الأحمر بينما يمر النفط الصيني المستورد من الشرق الأوسط وأفريقيا عبر باب المندب ومضيق هرمز.
بينما تتمتع الصين بالفعل بإمكانية الوصول إلى هذه الممرات المائية الاستراتيجية، فإن تأمين الوصول إلى الموانئ اليمنية يمكن أن يساعد في تعزيز مبادرة الحزام والطريق الصينية الطموحة ويضمن الدخول إلى طرق التجارة العالمية.
*موقع "ريسبونسبل ستيت كرافت" الأمريكي المعني بالدراسات الاستراتجية