في صنعاء، إب، الحديدة، حجة، المحويت، ريمة، مأرب، وأبين، يسقط عشرات الضحايا جراء الأمطار والسيول. من يتحمل المسؤولية؟
يموت المواطنون في بيوتهم نتيجة الأمطار، يموتون في الشوارع والقرى والمرتفعات والصحاري، يموتون بالعشرات. لقد صار الأمر اعتياديًا؛ أخبار الغرقى والمتضررين صارت يومية دون أن يتحمل أحد مسؤوليته. السيول تجرف المواطنين وبيوتهم في الحديدة، وتجرفهم في ريمة وإب والجوف وحجة والمحويت ومأرب وأبين. أطفال يموتون في سائلة صنعاء، والعدد يتزايد. نازحون تُطْمَسُهم مياه السيول في مأرب وتشتت منازلهم في تهامة وأبين، وهكذا منذ أيام. شعب يموت فقط، وتجرفه السيول من نومه، دون إجراءات أو حملات أو تعويضات، ودون دولة تتحمل مسؤوليتها. دولة وحكومات وهالات كبرى من الضخامة والخطابات، لكنهم لا يعترفون بتقصيرهم وعجزهم.
في محافظة المحويت، توفيت أسرة بأكملها جراء سقوط منزلهم على رؤوسهم وهم نائمون بسبب الأمطار. أسرة المواطن حسين الدروبي وزوجته وأربعة من أطفاله قضوا نحبهم فجر هذا اليوم. وفي صنعاء القديمة انهار منزل في حارة الحسوسة جوار الجامع الكبير نتيجة استمرار الأمطار. وفي محافظة الحديدة توفي وأصيب عشرات المواطنون وتضررت آلاف المنازل جراء السيول والفيضانات. وفي محافظة ريمة، عشرات الوفيات ومئات المنازل المتضررة. وفي محافظة إب، توفي شابان بعد إنقاذهما لطفلين من الغرق، أيهم سليم ووديع قناف، ونجت عشرات الأسر من السيول الجارفة. وفي محافظة الجوف، توفي ثلاثة أطفال غرقًا بمديرية المطمة بعد أن جرفتهم السيول المتدفقة. وفي صنعاء مساء اليوم، توفي الطفل محمد أحمد يحيى الديلمي غرقًا في السائلة.
وهكذا منذ أيام يموت اليمنيون وأطفالهم في مأرب وأبين والمحويت وتهامة وبقية المدن والقرى المترامية. يموتون غرقى بصمت، شباب ورجال وأطفال مكلومون، تاركين خلفهم لحظات هلع ومعاناة، وأسرًا تعاني مرارة الفقد والفقر والضياع، دون أن تظهر دولة أو حكومة تعيلهم وتعوضهم وترعاهم. تنهار منازل الناس وتتضرر بيوتهم وتذهب حياتهم ولا يجدون من يتحمل ولو قليلًا من مأساتهم. نحن اليوم بحاجة ماسة إلى حملات توعية مجتمعية على مستوى المدن والقرى للتحذير من السيول والأمطار وكوارث التهاون معها. يجب أن يعي المواطنون أهمية الحذر والحيطة والاستعداد لتجنب الأضرار، إلى جانب إنشاء مخصصات مالية للمتضررين من السيول والأمطار. يجب أن يتحمل المسؤولون مسؤولياتهم تجاه مواطنيهم وضحاياهم.
ضحايا المناطق التي يسيطر عليها أنصار الله هم الأغلب، وفي المقابل لم يتحرك أحد. مشغولون بقضايا بعيدة عن أحقية اليمنيين في الحياة. رئيس المجلس السياسي وحكومات التغيير والبناء، وقيادات تلو قيادات، ومتحدثون رسميون وقضايا غريبة. لكنهم، فيما يخص المواطنين اليمنيين، بعيدون تمامًا عن تحمل المسؤولية. لقد تفاقم الأمر، وزاد الجنون، ومات الناس بلا حسيب أو رقيب. الشعب لا ينسى شيئًا مما يحدث له، ولا ينسى أيضًا من يتحمل مسؤوليته تجاههم. وسيتذكر الجميع كيف غرق اليمنيون وأطفالهم في وطن متروك ومصير ميؤوس وواقع يبتلع الناس من حلوقهم.