يأتي حمود الأهنومي، الدكتور وعضو رابطة علماء اليمن كما يقدم نفسه، ليتحدث في منبر مُهَيَّأ عن إمام الزيدية في اليمن يحيى بن الحسين بمناسبة ذكرى قدومه. لكنه لا يجد ما يملأ محاضرته في المناسبة إلا أن يجعل من اليمنيين ما قبل إمامه الهادي موطئًا للفحش. تحدث عن عاهرات بالمئات وربما بالآلاف، وعن مجون وفسق ودعارة كانت تعم المشهد اليمني، لولا أن منَّ الله على ذلك المشهد بما يعيد إليه بعض انتمائه إلى القيم الإسلامية. فلا “الإيمان يمان” ولا “الحكمة يمانية”، وإنما “الهادي” فقط هو الذي منح اليمنيين هويتهم الإيمانية التي تبحث عنها جماعة أنصار الله الآن.
بعيدًا عن ألقاب الهادي والمهدي والمنصور… إلخ، وهي التوصيفات التي أخذها يحيى بن الحسين ومن بعده من القواميس العباسية في بغداد، من حق الأهنومي أن يمجد إمامه الزيدي كيفما يشاء وأن يحتفي بذكرى قدومه هو وجماعته كما يريدون. لكن ليس من حقه أن ينتزع من كتاب زيدي متعصب تحدث صاحبه عن سيرة الهادي بذلك النحو الذي ينتهجه المتمذهبون في تمجيد أصحابهم والنيل من خصومهم ليأتي ويكرس تلك التخرصات كما لو أنها حقيقة محضة. فأن يجد في سيرة الهادي كلامًا يتحدث عن شيوع العهر في المجتمع اليمني عند مجيء الهادي، وخصوصًا عندما يتحدث عن خصوم ذلك الهادي، كان عليه أن يعرف بأن النيل من الخصوم هو عادة درج عليها كتاب السير المتمذهبون في شتى الملل، فيستحي أن يستشهد بها هنا، فيتناول الأمر من منطلق ورؤية جديدين عصريين، لا أن يأتي بعقلية تلك الفترة التي كتبت فيها سيرة الهادي ويستقي منها السخافة ذاتها، ليتحدث على سبيل المثال عن قرية اسمها بيت زود، وأنه كان فيها 400 عاهرة! هذه قرية واحدة، فكم ترى كان عدد سكان تلك القرية حتى يكون لديها هذا العدد الضخم من العاهرات؟
مقطع الفيديو الذي اجتزئ من محاضرة الأهنومي أمام متعصبيه المحتفين بقدوم إمامهم الأول إلى اليمن، أثار استهجانًا كبيرًا لدى سياسيين وناشطين.
فبحسب السياسي والكاتب في جماعة أنصار الله محمد المقالح، يجب محاسبة الأهنومي، إذ “ليست المشكلة في ما يكتبه التاريخ عن الطرف الآخر في الصراع السياسي على السلطة، فالجميع يعرف أن فيه الكثير من الزيف في تشويه الآخر، ولكن المشكلة أنك تتبناه اليوم بكل وقاحة في نظرتك إلى خصومك اليوم”، مخاطبًا الرجل بالقول: “أنت بهذا تثير الفتنة وتستفز مشاعر ملايين اليمنيين ويجب أن تُحاسب على ذلك”.
ويعلق السياسي المقيم في سويسرا والمقرب مؤخرًا من جماعة أنصار الله ياسر اليماني، بالقول: “هذا طعن في شرف اليمنيين وإذا كان هناك عدل يفترض أن يُقدَّم للمحاكمة. وكان الأجدر به (بالأهنومي) أن يدرك أنه بمثل هذا الحديث يشتم نفسه وأهله”، مضيفًا: “مؤسف أن نسمع مثل هذا الحديث من شخص يدعي أنه ينتمي لأنصار الله”.
أما السفير والبرلماني السابق فيصل أمين أبو راس فيقول بأن “نثرة الأهنومي أم النثرات، والعتب على الرزامي وقرشة والحباري وقطينة ورسام وغيرهم من مشائخ المسيرة من حملوا الجماعة على أكتافهم ثم يُهان أجدادهم وآباؤهم.. هذا إذا عاد فيهم قليل ناموس”.
يضيف أبو راس في تغريدة أخرى: “الأهنومي ما زال متمسكًا بالدعاية والافتراء الذي نشرته الزيدية على القرامطة الإسماعيلية بقيادة علي بن الفضل في حروبهم السياسية على الحكم آنذاك، ومع أنه متأكد أنها كانت بروباجندا سياسية، إلا أن له ومن يدفعه أهدافًا مكشوفة. ورب ضارة نافعة، والقادم يحمل الكثير”.
بدوره كتب الصحفي خليل العمري معلقًا على ما ورد في محاضرة الأهنومي: “هذا الكلام يسيء للإمام الهادي قبل أن يسيء للقبيلة اليمنية في صنعاء ومحيطها، لأنه إذا كانوا (فتالين) كما تقول، فهذا ربما يفسر سبب ذهابهم إلى الحجاز للمجيء به إلى اليمن”.
وتابع في تغريدة أخرى رد بها على الذين عاتبوه: “يريدون تحميلي وزر ما اقترفه غيري. شوفوا… من اليوم كل واحد يضبط سلوكه ويصون لسانه ويحسب ألف حساب لعواقب ما يصدر عنه من قول أو فعل، ويتحمل المسؤولية كاملة. قضينا أعمارنا ونحن نرقّع بعدكم”.
الناشط عبد العزيز قاسم كتب أن “هذا الشخص (الأهنومي) ومن وراءه لا يمثل الإمام الهادي، وكاتب سيرة الهادي نفسه لا يمثل الهادي لأنه كان متعصبًا ولم يكتب سيرة الإمام الهادي وهو حي. فلو أن هذا الأهنومي تحدث عن سبب حروب الهادي، أنها كانت ضد القرامطة والمكارمة والفاطميين الذين كانوا يشكلون خطرًا حقيقيًا على معتقد الإسلام الصحيح”، بحسب رأيه.
أما الناشط مجدي عقبة فعلق بالقول: “أنا مع إحراق الكتب التي تسيء لليمنيين وتثير الفتنة بينهم، أيًّا كان توجهها، وكذلك إصدار قانون يجرم إثارة الفتن والأحقاد بين أبناء الشعب الواحد، واعتماد لجنة مستقلة مشهود لأعضائها بالعلم والمعرفة والوسطية والكفاءة للقيام بتنقيح المراجع التاريخية لكي لا تُستغل في إثارة النعرات والأحقاد”.