• الساعة الآن 08:59 AM
  • 10℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

بين عدسة السلطة وعدسة البطولة .. نفاق التقوى وشجاعة بطل

news-details

خاص | النقار

الأولى للمشاط يصلي الجمعة في جامع بدر بصنعاء، والثانية لشاب معلق بين السماء والأرض ينقذ أسرة من الغرق. صورتان وفرق بين العدسة التي التقطتهما. فهذه لرئيس في المسجد خاشعا بين المصلين، وتلك لشاب أنقذ أسرة من الغرق في مدينة جبلة بإب.

يقال إن الملك فاروق، أيام حكمه في مصر، طلب استشارة من مرشد الإخوان حسن البنا، حول الطريقة التي يمكن أن يكسب بها قلوب المصريين. وباعتباره صاحب رؤية ثاقبة في هذه الأمور، فإن البنا لم يجعل طلب الملك فاروق ينتظر كثيرا على الهاتف، خصوصا وأن الذي نقله إليه هو مسؤول القصر الخاص بمحظيات الملك وبتوفير الليالي الحمراء لجلالته. جاء جواب البنا على النحو التالي: أبلغ جلالة الملك أن أكثر ما سيجعله يكسب قلوب المصريين هو صورة تلتقط له من أحد المساجد وهو يصلي. أما أيهما الأذكى هنا في انتهازية الدين الصوري، الملك أم المرشد، فمسألة لا تحتاج إلى كثير من التمعن، إذ يكفي إلقاء نظرة على ما كتب عن الرجلين لتجد الكفة قد ترجحت لصالح "المرشد" دائما.

ربما لا علاقة للمشاط بفتوى البنا، لكن يحدث للمقارنات أن تحضر، خصوصا إذا كان يراد للصورة أن تؤدي الغرض نفسه. فالاحتفاء الذي حظيت به صورة المشاط من قبل ناشطي سلطة صنعاء، كأنه فقط ليخفف من وطأة الاحتفاء بصورة الشاب عبد المجيد الفخري، والتي تحولت إلى أيقونة بعدما سطره من بطولة في إنقاذ أم وطفلها من موت محقق إثر محاصرة السيول لهما في مدينة جبلة.

هو احتفاء مستحق لبطولة مستحقة، إذ ليست من صنع السياسة ولا من صنع الشاشات. شاب هب لإنقاذ أم وطفلها من الغرق، فرصدته عدسة الكاميرا بعفوية، ودون أن يكون قد وضع في ذهنه اعتبارا لأي توثيق لبطولته، فجاءت الصورة بسيطة عفوية، لكنها حملت من الدلالات الكثير والكثير. أما صورة المشاط فليس لها أن ترقى حتى إلى مستوى صورة، فقط مجرد وجه يريد أن يوثق خشوعه وتواضعه.

وبعيدا عن مقاصد العدسة فإن صورة المشاط في أحسن أحوالها إنما جاءت بعد تشكيل حكومة جديدة لسلطته، فأراد أن يظهر بها خاشعا مستكينا إلى ربه، مثلما يفعل ذلك كثير من الرؤساء، وتماما كما أشار البنا لملكه فاروق من قبل، لدرجة أن أحد الناشطين سيعلق على الصورة قائلا: "الرئيس مهدي المشاط يؤدي صلاة الجمعة في جامع بدر.. وجالس في وسط الجامع واقف بين يدي الله وجيزه من جيز أبناء الشعب".

ما كُتب ربما لم يقنع حتى صاحبه، وكأنه إنما كتبه إسقاطا لواجب أن يشارك صورة لرئيس مجلسه السياسي الأعلى المتواضع الذي يصلي إلى جانب مصلين آخرين، وهذا كل شيء. لكن للمسألة بعدا آخر عند الإعلامي في الجماعة نصر الدين عامر ورئيس وكالة سبأ للأنباء في صنعاء، حيث سيأتي ليس فقط بصورة وإنما بمقطع مصور لصلاة المشاط قائلا: "‏رئيس الجمهورية الأخ المجاهد مهدي المشاط أثناء أداء صلاة الجمعة بجامع بدر بالعاصمة صنعاء وسط المواطنين"، ومضيفا: "لفتني أن هناك عدد من المواطنين لا يصرخون (لا يؤدون صرخة الجماعة التي أصبحت من أركان خطبة الجمعة) بالرغم أنهم بجوار الرئيس ولم يضطروا حتى للمجاملة. على ماذا يدل هذا؟!".

هكذا ينتهي عامر من تغريدته: على ماذا يدل هذا؟!

شارك الخبر: