خاص | النقار
مقتل وفقدان أكثر من 100 شخص في تهامة جراء السيول، تهدم 10 آلاف منزل، نفوق 20 ألف رأس ماشية.. تلك حصيلة أولية حصلت عليها النقار من مصادر مطلعة. إنها حصيلة يوم واحد وبهذا الحجم من الكارثية.
تكتفي سلطتا عدن وصنعاء بموقف المتفرج. فالمشاط رفع سماعة الهاتف، فقام مكتبه بإنزال الصورة على منصة إكس كما لو كان يجري اتصالاً من قمرة ناسا متفقداً أحوال الطقس في المريخ، ونصر عامر يقول إن جهود قائد المنطقة الخامسة مستمرة في إنقاذ ما يمكن إنقاذه. ومحمد عايش قحيم، القائم بأعمال محافظ الحديدة، يحذر من رسائل قد تأتي بها يمن موبايل وبقية شركات الاتصالات إلى هواتف المواطنين بالدعم والتبرع، مكتفياً بالتأكيد على أن ثمة لجنة تم تشكيلها للاطلاع على الأوضاع عن كثب، وربما ستكون كالعادة برئاسة أحمد حامد، مدير مكتب رئاسة المشاط.
أما رئاسة العليمي فتكتفي بإعلان حجة والحديدة محافظتين منكوبتين، لتنتظر أقرب مؤتمر دولي حول الطقس وطبقة الأوزون فيقفز العليمي من إقامته الفندقية إلى الصف الأول في المؤتمر ويلقي كلمة يستعرض فيها مهاراته في التسول واستدرار عواطف المانحين. وإذا كانت حكومته لم تستحِ قبل أيام من إعلان تضرر ألف مرفق صحي بفعل تراجع المساعدات، فما الذي ستقوله الآن يا ترى إزاء مثل هذه الكارثة؟!
جماعة الأنصار منشغلة بتغيير اسم شارع الزبيري في العاصمة صنعاء إلى شارع إسماعيل هنية. وبحسب أبو زنجبيل الحوثي، يكفي الزبيري ستين عاماً قد أخذها اسمه من قلوبهم وأرواحهم. كما أن الجماعة منشغلة بمتابعة أصحاب المحلات والبقالات في كل حارة بدفع الزكاة، ومن يتخلف يمكن سحله بكل سهولة عبر استقدام عساكر الأقسام الذين يعانون مللاً كبيراً من البقاء بلا مهام، فتأتي المهام سخية حيث يمتلئ سجن كل قسم بعشرات المتخلفين عن دفع “الفريضة” الواجبة التي ما تخلف قوم عن دفعها إلا أصيبوا بالقحط والسنين.
أما تهامة بمحافظتيها حجة والحديدة فتغرق في انتظار متى ترفع الجماعة يدها إلى السماء بأن تجعلها سقيا رحمة لا سقيا عذاب، والجماعة بدورها تنتظر من السماء أن تنزل هي لتنقذ الضحايا وتنتشل المحاصرين الذين تقطعت بهم السبل.
تبدو السلطتان أكثر انفضاحاً مع كل كارثة، حيث سرعان ما دعا المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي (سكمشا) التابع لسلطة صنعاء، والذي يرأسه مدير مكتب رئاسة المشاط أحمد حامد، المنظمات الأممية الدولية والمحلية إلى التدخل العاجل لمواجهة ما سماها أضرار السيول في المحافظات المتضررة بتهامة.
جاء ذلك في اجتماع طارئ لأمين عام “سكمشا”، إبراهيم الحملي، مع المنسق المقيم للأمم المتحدة – منسق الشؤون الإنسانية جوليان هارنيس بصنعاء.
فسلطة صنعاء تلجأ للاستعانة بالمنظمات، لعجزها عن مواجهة الكارثة التي حلت بتهامة، في الوقت الذي تدعي فيه استغناءها التام عن المنظمات في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وتشن حملات مستمرة للتضييق على عمل تلك المنظمات، بحسب مراقبين.
محافظ الحديدة في سلطة صنعاء لم يملك إلا أن أدلى بتصريح لقناة المسيرة التابعة للجماعة تحدث فيه عن “30 حالة وفاة و5 مفقودين ونزوح أهالي أكثر من 500 منزل وتقطع العديد من الأودية نتيجة السيول في الحديدة”، كحصيلة أولية مرتجلة، حيث الكارثة كبيرة لدرجة لا تتوقعها مخيلة قحيم.
أما وكيل أول محافظة الحديدة في سلطة العليمي، وليد القديمي، فتغريدته على منصة إكس تعبير صارخ عن مسؤولية منقطعة النظير، فهو فقط ينتظر إحصائيات من المواطنين في مناطق الجماعة التي كل حرصه أن يسميها “عصابة الحوثي”، ولتذهب تهامة إلى الجحيم.
يقول القديمي: "الاخوة المواطنين في مناطق سيطرت (تاء مفتوحة لوكيل محافظة) من لديه إحصائية بالمتضررين من السيول يوافينا بهم وسنعمل جاهدين على مد يد العون لهم جميعاً”، ليسخر منه الناشط عصام بلغيث بالقول: “أستاذ وليد من سيعطيك إحصائية؟! الإحصائية لا تُطلب من المواطنين، تُطلب من لجان تنزل للحصر. الآن الوضع يحتاج إغاثة وليس إحصائية”.
لكن القديمي يصر على الإحصائية. وكأن الأمر في سلطتي صنعاء وعدن تندر وقح لأمزجة فيسبوكية تعيش حالة كساح في المسؤولية في كل شيء، فيما الحديدة والمناطق الساحلية من حجة تعيش نكبة وتواجه مصيراً كارثياً على كل المستويات والمقاييس.
مصادر مطلعة أكدت لشبكة النقار مقتل وفقدان أكثر من 100 شخص حتى الآن جراء السيول، فيما تهدم 10 آلاف منزل، ونفق حوالى 20 ألف رأس ماشية. الحصيلة مرشحة للارتفاع وسط مناشدات واستغاثات من أبناء تهامة، التي يغادرها المسؤولون في مثل هذه الأوقات من السنة. وبحسب الناشط مجدي عقبة، فإن الأضرار التي تخلفها السيول في تهامة ليست سفينة جالكسي حتى يكون المسؤولون قد نزلوا والتقطوا الصور.