بواسطة نعوم ريدان, فرزين نديمي
تشير البيانات المتاحة إلى أن الجماعة اليمنية تلاحق السفن التي تحمل بضائع روسية، لا سيما إذا كانت سفن المشغل قد زارت الموانئ الإسرائيلية.
في 15 تموز/يوليو، استخدم الحوثيون في اليمن مسيرات بحرية محملة بالوقود والمتفجرات ضد ناقلتين نفطيتين عابرتين في جنوب البحر الأحمر تحملان النفط الروسي إلى السوق الآسيوية. وفي إحدى الهجمات، استهدفت الجماعة ناقلة النفط الخام التي ترفع علم ليبيريا، "تشيوس ليون" (رقم تسجيل السفينة 9398280)، التي كانت تنقل منتجات نفطية تم تحميلها في ميناء توابسي الروسي وكانت متجهة إلى الصين. تسبب الهجوم بأضرار طفيفة في هيكل السفينة، إما بسبب زاوية الهجوم أو لأن حراس الأمن المسلحين على متن السفينة تمكنوا من إطلاق النار على المسيرة البحرية وتدميرها قبل أن تصطدم بهيكل السفينة.
يتجنب الحوثيون إلى حد كبير السفن المملوكة للصينيين والروس، على الأرجح لأنهم ينظرون إلى الصين وروسيا كقوى غير غربية هم على استعداد للتعامل معها. لكن البيانات المتاحة تشير إلى أن الجماعة كانت تهاجم سفنًا أخرى تحمل شحنات روسية بالإضافة إلى السفن المتجهة إلى الصين أو حتى إيران، لا سيما إذا كان لدى المالك/المشغل سفن تزور الموانئ الإسرائيلية. ويندرج ذلك ضمن جهود الحوثيين الرامية إلى تعطيل التجارة مع إسرائيل، والتي تكثفت كجزء من "المرحلة الرابعة" من حملة الجماعة، وتوجيه مجريات قطاع الشحن في ما يتعلق بالتجارة مع إسرائيل.
خلال الهجوم الثاني في 15 يوليو/تموز، استهدف الحوثيون ناقلة النفط/الكيماويات التي ترفع علم بنما "بنتلي 1" (رقم تسجيل السفينة 9253129) بينما كانت تبحر في جنوب البحر الأحمر وعلى متنها شحنة من الزيت النباتي تم تحميلها في روسيا وتتجه نحو الصين (مراجعة الرحلة المتعقبة أدناه). وهاجمت الجماعة الناقلة "بنتلي 1" عدة مرات بمجموعة من القوارب الصغيرة ومسيرة بحرية بالإضافة إلى أربعة صواريخ، وفقًا لمركز المعلومات البحرية المشترك. وعلى الرغم من شدة الهجوم، لم يتم ضرب السفينة وواصلت رحلتها، ولكن بدلًا من التوجه إلى الصين وصلت إلى مرسى كاندلا الهندي في 22 تموز/يوليو، وفقًا لبيانات "مارين ترافيك".
تُظهر البيانات المستمدة من أداة تعقب الحوادث البحرية التابعة لمعهد واشنطن أنه قبل الهجمات على "تشيوس ليون" و"بنتلي 1"، هاجم الحوثيون ثلاث ناقلات أخرى على الأقل تنقل بضائع تم تحميلها في روسيا. فقد تعرضت ناقلة النفط الخام "هوانغ بو" (رقم تسجيل السفينة 9402469)، التي تغير اسمها في حزيران/يونيو، لهجوم في آذار/مارس، على الأرجح بسبب صلاتها السابقة ببريطانيا. وتعرضت ناقلة النفط الخام التي ترفع علم بنما "أندروميدا ستار" (رقم تسجيل السفينة 9402471)، والتي تعد جزءًا من "أسطول الظل" الذي ينقل النفط الروسي، لهجوم في نيسان/إبريل، على الأرجح أيضًا بسبب روابطها السابقة بالمملكة المتحدة. وتعرضت ناقلة النفط الخام التي ترفع علم بنما "ويند" (رقم تسجيل السفينة 9252967)، والتي لديها أيضًا سجل في نقل النفط الروسي والفنزويلي، لهجوم في أيار/مايو لأسباب غير واضحة.
بشكل عام، منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2023، عندما أطلق الحوثيون حملتهم البحرية، تم استهداف ما لا يقل عن 25 ناقلة نفط من أنواع مختلفة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، وفقًا لأداة تعقب الحوادث البحرية التابعة للمعهد. واستخدم الحوثيون أنواعًا مختلفة من الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ الباليستية المضادة للسفن والطائرات بدون طيار الهجومية أحادية الاتجاه.
وفي تصعيد دراماتيكي، قفز عدد المسيرات البحرية التي نشرها الحوثيون في جنوب البحر الأحمر في حزيران/يونيو إلى تسع عشرة مركبة على الأقل، مقارنةً بواحدة على الأقل في نيسان/إبريل. وحتى الآن في شهر تموز/يوليو، أطلق الحوثيون ما لا يقل عن ثماني عشرة مسيرة بحرية. وفيما تم تدمير معظم هذه المسيرات من قبل القيادة المركزية الأمريكية والقوة البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي "أسبيدس"، نجح الحوثيون في حزيران/يونيو في إغراق ناقلة البضائع الضخمة "تيوتر" بواسطة مسيرة بحرية للمرة الأولى منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. وفي غضون ذلك، تعرضت ناقلتا نفط على الأقل لأضرار طفيفة من جراء الهجمات التي استخدمت هذا النوع من الأسلحة.
إن المسيرات البحرية ليست غريبة على الحوثيين، إذ يستخدمونها بدرجات متفاوتة من التطور والكفاءة والفعالية منذ كانون الثاني/يناير 2017. ففي ذلك العام، في ذروة النزاع اليمني، فاجأت الجماعة البحرية السعودية بمهاجمة إحدى فرقاطاتها باستخدام هذا السلاح. كما أظهرت الهجمات منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2023 زيادة كبيرة في القدرات البحرية للحوثيين وفي جهودهم الرامية إلى تعطيل حركة المرور البحرية في مضيق باب المندب، وهو ممر حيوي للتجارة العالمية.
تشير الزيادة الحادة في استخدام المسيرات البحرية في الشهرين الماضيين إلى أن قيادة الحوثيين إما غير راضية عن النتائج العادية التي تفضي إليها أنواع الأسلحة الأخرى، لا سيما عندما تكون النية هي إغراق الأهداف، أو أن مخزوناتها من الصواريخ والطائرات بدون طيار بدأت تنفد.
هل تتجنب ناقلات النفط الروسي البحر الأحمر؟
تواصل ناقلات النفط الخام والمنتجات النفطية الروسية استخدام قناة السويس والبحر الأحمر. في الواقع، أدت العقوبات الغربية على قطاع النفط الروسي إلى زيادة في عدد السفن المحملة بالنفط الروسي التي تعبر قناة السويس، لا سيما تلك المتجهة إلى الصين والهند، عميلَي النفط الرئيسيَين لموسكو. وتظهر بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن صادرات النفط الروسية "شكلت 74 في المئة من حركة النفط المتجهة نحو الجنوب عبر السويس في النصف الأول من عام 2023، في ارتفاع من 30 في المئة في عام 2021". ولكن بسبب أزمة البحر الأحمر، لا تبحر جميع الناقلات التي تحمل بضائع روسية عبر هذه المنطقة المحفوفة بالمخاطر، بحيث يختار بعضها سلوك المسار الأطول حول رأس الرجاء الصالح.
في اليوم الذي أعقب الهجوم على "تشيوس ليون"، التي تديرها شركة "ستيلث ماريتايم" (المملوكة لعائلة فافياس المقيمة في اليونان)، غيرت ناقلة واحدة أخرى على الأقل مرتبطة بالشركة، كانت تنقل أيضًا بضائع تم تحميلها في روسيا، مسارها لتجنب جنوب البحر الأحمر. وكانت السفينة، التي تم حجب اسمها حرصًا على سلامة الطاقم، تبحر من محطة النفط الروسية "أوست لوغا" باتجاه ميناء بورسعيد المصري، ولكن بدلًا من الإبحار عبر مضيق جبل طارق أبحرت حول جنوب أفريقيا، باتجاه ميناء سيكا الهندي، وفقًا لبيانات "مارين ترافيك" وكبلر. وكان من المفترض أن تبحر ناقلة أخرى مرتبطة بشركة "ستيلث ماريتايم"، والتي كانت تنقل أيضًا بضائع تم تحميلها في "أوست لوغا" وكانت متجهة نحو ميناء سيكا، عبر جنوب البحر الأحمر، ولكن منذ 20 تموز/يوليو، أخذت تتجه شمالًا نحو العين السخنة المصرية. وربما تكون الناقلة قد غيرت مسارها ردًا على هجوم "تشيوس ليون"، الذي تسبب، وفقًا لمرصد الصراع والبيئة، ببقعة نفطية امتدت على طول 220 كيلومترًا (مراجعة صورة القمر الصناعي أدناه).
منذ أشهر، يهاجم الحوثيون السفن التي تملكها أو تديرها العديد من شركات الشحن اليونانية لأنها ترسو في الموانئ الإسرائيلية. فيما يبدو أن الهجوم الذي وقع في 15 تموز/يوليو على "تشيوس ليون" قد أجبر سفينة واحدة على الأقل مرتبطة بشركة "ستيلث ماريتايم" على تجنب جنوب البحر الأحمر، تواصل ناقلات أخرى تنقل بضائع تم تحميلها في روسيا عبور المنطقة. وتظل الأهداف المعرضة للخطر هي السفن التي لديها روابط أمريكية أو بريطانية أو إسرائيلية، مع أن الدوافع وراء هجمات الحوثيين غير واضحة في بعض الحالات.
في 28 أيار/مايو، هاجم الحوثيون ناقلة البضائع السائبة "لاكس" المملوكة لليونان (رقم تسجيل السفينة 9512355) عدة مرات خلال إبحارها في جنوب البحر الأحمر، وكان من الواضح أنهم كانوا يعتزمون بذلك إغراقها، مع أن الوجهة النهائية للسفينة كانت ميناء الإمام الخميني في إيران، وفقًا لبيانات "مارين ترافيك". ووفقًا لبيانات "مارين ترافيك" التي أكدها موقع TankerTrackers.com، توجهت السفينة المتضررة بعد الهجوم إلى الخليج العربي وبقيت في إمارة الشارقة لبضعة أسابيع قبل أن تغادر إلى المرسى الإيراني في 11 تموز/يوليو 2024.
في أعقاب هجوم الحوثيين بطائرات بدون طيار في 19 تموز/يوليو على تل أبيب، والقصف الإسرائيلي لميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين ردًا على ذلك، تعهدت الجماعة اليمنية بتصعيد حملتها ضد إسرائيل والمصالح الغربية في المنطقة. لكن قد يشهد البحر الأحمر وباب المندب هدوءًا نسبيًا في الهجمات، إذا قرر الحوثيون تركيز قوى بشرية وموارد كبيرة على شن هجمات على إسرائيل، سواء مع أو بدون مشاركة مباشرة من الأعضاء الآخرين في "محور المقاومة".