اختتمت مناسك الحج هذا العام على وقع أنباء، أفادت بوفاة أكثر من ألف حاج، معظمهم من المصريين، بسبب ارتفاع درجات الحرارة خاصة، والتي تجاوزت 51، لم تتحملها أبدان الكثير من الأشخاص. وفي آخر حصيلة أعدتها وكالة الأنباء الفرنسية، بلغ عدد الوفيات في صفوف المصريين 658 على الأقل، بينهم 630 لا يحملون تصاريح للحج.
وإضافة إلى المصريين، يوجد ضمن الضحايا 132 إندونيسيا و68 هنديا و60 أردنيا و35 تونسيا و13 من كردستان العراق و11 إيرانيا و3 سنغاليين، وفق نفس الحصيلة.وأدى أكثر من 1,8 مليون حاج المناسك هذا العام، بينهم 1,6 مليون من خارج المملكة، بحسب السلطات السعودية.
صمت سعودي
واختارت وسائل الإعلام السعودية الرسمية وشبه الرسمية الصمت، فيما اكتفى البعض منها بإدراج خطابات الإشادة "بما تحقق" في مجال استقبال الحجاج.
ونشر موقع "العربية" تصريحات لأمير منطقة مكة الأمير سعود بن مشعل بن عبدالعزيز، يعلن فيها "نجاح حج هذا العام"، متعهدا "سنواصل تطوير منظومة الحج كاملة".
وكانت وزارة الصحة السعودية قد أعلنت الأحد تسجيل "2764 حالة إصابة بالإجهاد الحراري، بسبب ارتفاع درجات الحرارة والتعرض للشمس، وعدم الالتزام بالإرشادات"، دون أن تقدم معلومات حول الوفيات.
الحرارة والتدافع عاملان مهمان في أسباب الوفيات
ليست المرة الأولى التي يتوفى فيها حجاج أثناء أداء المناسك لأسباب مختلفة. لكن عامل الحرارة أصبح يشكل تحديا كبيرا أمام السلطات السعودية مع التغير المناخي، وارتفاع درجات الحرارة بـ0،4 كل عقد من الزمن حسب دراسة أنجزت في المملكة.
وفي 2023، تعرض أكثر من ألفي حاج لإجهاد حراري منذ بداية الموسم من بينهم 1,721 شخصا في يوم واحد، بعدما وصلت درجات الحرارة إلى 48 درجة مئوية. وحضت وزارة الصحة السعودية وقتها الحجاج على الابتعاد عن "الوقوف الطويل تحت أشعة الشمس واستخدام المظلة دوما، والإكثار من شرب الماء".
وإضافة للحرارة، يعتبر التدافع في المواقع المزدحمة أثناء أداء المناسك أحد أهم الأسباب التي كانت وراء حوادث مميتة خلال مواسم الحج. ويعتبر رمي الجمرات المكان الأكثر ازدحاما بالحجاج. وهذه الشعيرة يقوم من خلالها الحاج برمي ثلاث جمرات بحصى اقتداء بالنبي إبراهيم.
السعودية تطور الآليات وتحيز بعض المراقبين
وطورت السعودية مع مرور السنوات آليات أداء مناسك الحج في محاولة لتجنب الحوادث. فـ"إدارة الحشود ليس "مصطلحا تنظيميا عابرا، بل أصبحت علما يعتمد على الدراسة والبحث الأكاديمي والعلمي، تفوقت به المملكة وأصبحت رائدة في إدارة الحشود أثناء مناسك الحج والعمرة"، حسب "الإخبارية"، وهي إحدى القنوات الحكومية للمملكة.
وتضيف القناة السعودية على موقعها: "تمثل إدارة الحشود إحدى الدعائم القوية لرؤية المملكة 2030، والتي تستهدف استضافة 30 مليون حاج ومعتمر". لكن تواصل وقوع حوادث بحصيلة ثقيلة على غرار التي سجلت هذا العام، تدفع البعض للقول إن الإجراءات التنظيمية لموسم الحج تحتاج للمزيد من التطوير، وبشكل مستعجل، تفاديا لسقوط ضحايا جدد في مواسم الحج المقبلة.
لكن هذه الحصيلة ينظر لها البعض بعين الشك على غرار الإعلامي السعودي محمد المسمار، الذي كتب على موقع إكس "لا نثق إلا بالجهات الحكومية الرسمية. وأدعو كل عربي ومسلم للأخذ من المصادر الرسمية السعودية، لأننا شفافون ونملك الشجاعة للاعتراف بأخطائنا"، مرفقا تغريدته بفيديو، اعتبر مشاهده "كاذبة"، يظهر أجسادا من دون حركة على أحد الأرصفة من غير أن تثير انتباه المارين.
"ليس لهم مكان يأويهم"
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسؤول مصري يشرف على بعثة الحج لمواطنيه، بأن "الحجاج غير النظاميين تسببوا في فوضى كبيرة في مخيمات الحجاج المصريين ما تسبب في انهيار الخدمات"، وتابع: "الحجاج ظلوا لفترة طويلة دون أكل أو مياه أو مكيفات"، مضيفا أنهم توفوا بسبب "الحر لأن ليس لهم مكان" يأويهم.
وتتيح السعودية أداء فريضة الحج حصرا للسكان ممن لديهم تصاريح والأجانب الحاصلين على تأشيرات مخصصة لأداء مناسك الحج. لكن إصدار تأشيرات عامة منذ العام 2019 ضمن سياسة الانفتاح الجديدة للمملكة، فتح مجالا أوسع لأداء الحج بشكل أقل كلفة، لكن غير قانوني، لآلاف الأجانب، رغم العقوبات التي تفرضها سواء الرياض أو دول عربية على المتلاعبين بالقوانيين المنظمة لأحد ركائز الإسلام الخمسة.
عودة على أبرز الحوادث المميتة خلال موسم الحج
24 سبتمبر/ أيلول 2015: أسوأ كارثة يعرفها موسم الحج، قتل فيها نحو 2300 شخص في تدافع أثناء رمي الجمرات في منى قرب مكة. وألقت إيران، التي توفي 464 من مواطنيها، باللائمة على السعودية معتبرة أنها أساءت التنظيم.
6 يناير/كانون الثاني 2006: قتل 76 شخصا في انهيار فندق وسط مكة. وفي 12 يناير/ كانون الثاني من نفس العام قتل 364 حاجا في تدافع خلال رمي الجمرات.
1 فبراير/ شباط 2004: مقتل 251 حاجا في تدافع بمنى.
5 مارس/ آذار 2001: وفاة 35 من الحجاج بينهم 23 امرأة في منى.
9 أبريل/ نيسان 1998: مقتل أكثر من 118 شخصا وإصابة 180 آخرين خلال تدافع في منى.
15 أبريل /نيسان 1997: اندلاع حريق ناجم عن انفجار موقد غاز في مخيم لإسكان الحجاج في منى، ما أدى إلى مقتل 343 وإصابة حوالي 1500.
24 مايو/أيار 1994: مقتل 270 شخصا في تدافع خلال مراسم رمي الجمرات في حادث، قالت السلطات إن سببه وجود "أعداد قياسية" من الحجاج.
2 يوليو/تموز 1990: تدافع ضخم في نفق بمنى بعد تعطل نظام التهوية ما تسبب بوفاة 1426 من الحجاج معظمهم من دول آسيوية.
31 يوليو/تموز 1987: قوات الأمن السعودية تتدخل بعنف بحق احتجاج غير مصرح به من قبل الحجاج الإيرانيين، ما أسفر عن مقتل أكثر من 400 شخص بينهم 275 إيرانيا بحسب حصيلة رسمية.
20 نوفمبر/تشرين الثاني 1979: مئات المسلحين يجتاحون المسجد الحرام ويحصنون أنفسهم فيه، ويحتجزون عشرات الحجاج رهائن. الحصيلة الرسمية للهجوم وعملية قوات الأمن التي تلته بلغت 153 قتيلا و560 جريحا.
ديسمبر/كانون الأول 1975: أدى حريق ضخم بسبب قارورة غاز، انفجرت في مخيم للحجاج بالقرب من مكة، إلى مقتل نحو 200 شخص.