تشير دراسة حديثة إلى أن المصابين بمشكلات شائعة في القلب قد يواجهون خطراً أكبر للإصابة بسكتات دماغية أو معاناة شكل من أشكال الخرف مما كان متوقعاً في السابق.
وعلى رغم أن بعض مرضى الرجفان الأذيني (عدم انتظام ضربات القلب) مصنفون ضمن الفئة المعرضة بشكل أكبر لخطر السكتة الدماغية ويتم إعطاؤهم أدوية وقائية، إلا أن بعضهم الآخر لا يعتبر في دائرة الخطر نفسها ولا يحصلون على الرعاية نفسها.
وأشار الأكاديميون إلى أن عملية تقييم لأخطار وتحديد من يجب أن يتلقى هذه الأدوية هي ذات قدرات "متواضعة"، إذ أنها لا تأخذ في الاعتبار الأمراض الأخرى المرتبطة بتجلط الدم مثل الخرف الوعائي، وهو نوع يسببه انقطاع تدفق الدم إلى الدماغ.
وأراد الباحثون تقييم ما إذا كان المصابون بـالرجفان الأذيني والمعرضين لخطر أقل للإصابة بالسكتات الدماغية وجلطات الدم الأخرى، الذين عادة لا يوصف لهم مضادات تجلط الدم، قد لا يزالون يعانون في الواقع نتائج سلبية.
وفي الدراسة، قام باحثون من جامعة برمنغهام بتحليل معلومات تتعلق بأكثر من 5 ملايين فرد مسجلين في عيادات الأطباء بالمملكة المتحدة.
ومن بين هؤلاء حددوا 36340 مريضاً يعانون اضطراب الرجفان الأذيني وليس لديهم تاريخ مرضي مع السكتات الدماغية، ويعتبرون أقل عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية، ولم يوصف لهم أي دواء مضاد لتجلط الدم (أدوية مسيلة للدم) لهم.
وجرى تتبع حالاتهم الصحية على مدى متوسط يبلغ خمس سنوات لتقييم أخطار تعرضهم للسكتات الدماغية والخرف الوعائي أو حتى الوفاة، كما جرت مقارنة بياناتهم مع معلومات مسجلة عن 117 ألف شخص بصحة جيدة ولا يعانون اضطراب الرجفان الأذيني.
وعلى رغم وجودهم في المجموعة منخفضة الأخطار، إلا أن 3.8 في المئة من مرضى الرجفان الأذيني الخاضعين للمراقبة تعرضوا لسكتة دماغية، بينما كانت نسبة ذلك 1.5 في المئة فقط بين الأشخاص الأصحاء، وتوفي ما نسبته تسعة في المئة من الأشخاص الذين يعانون الرجفان الأذيني مقارنة بنسبة وفاة خمسة في المئة فقط بين الأشخاص الأصحاء.
ووفقاً للدراسة التي نشرت في مجلة "نيتشر ميديسن" Nature Medicine، كانت لدى الأشخاص المصابين بهذه الحالة احتمال أكبر بنسبة 68 في المئة للإصابة بالخرف الوعائي.
وفي تصريحه أشار أستاذ أمراض القلب في جامعة برمنغهام وأحد المؤلف البارزين للدراسة ديباك كوتيشا إلى أن "الرجفان الأذيني يعتبر واحداً من أكثر حالات القلب شيوعاً، ومن المتوقع وصول عدد الحالات إلى أكثر من 60 مليون حالة عالمياً بحلول عام 2050"، مضيفاً "ومع استمرار انتشاره من الضروري بشكل حاسم أن نبتكر استراتيجيات للوقاية ليس فقط من السكتة الدماغية، بل أيضاً من العواقب الوخيمة مثل الخرف التي تشكل مصدر قلق كبير للمرضى وأنظمة الرعاية الصحية".
وأردف "تسلط بحوثنا الضوء على الضرورة الملحة للتعامل مع الرجفان الأذيني بشمولية، مع الاعتراف بتأثيره العميق في رفاهية المرضى".
من جانبه قال أليستير موبليء وهو باحث دكتوراه من جامعة برمنغهام ومن المؤلفين الأساسيين للدراسة، "هذه الدراسة مثال واضح للارتباط القوي بين الرجفان الأذيني والخرف الوعائي، وقد يكون لذلك التأثير الميكانيكي نفسه المرتبط بين الرجفان الأذيني والسكتة الدماغية".
وأضاف "التجارب السريرية المستمرة مثل تجربة ’دير تو ثينك‘ DaRe2THINK، التي تقوم جامعة برمنغهام بتنفيذها حالياً، كشفت عما إذا كانت مضادات تجلط الدم لدى المرضى المعرضين لأخطار أقل يمكن أن توفر وسيلة لمنع هذه النتائج السلبية".
ويؤدي الرجفان الأذيني، وهو حالة تصيب عضلة القلب، إلى عدم انتظام نبضات القلب وتسارعها بشكل غير طبيعي، وفي بعض الحالات يمكن أن يصل معدل نبضات القلب لدى الأشخاص المصابين بهذه الحالة إلى أكثر من 100 نبضة في الدقيقة.
كما أنه يعتبر أيضاً من أكثر الاضطرابات شيوعاً في نبضات القلب، ويعانيه نحو 1.4 مليون شخص في المملكة المتحدة.
وتم ربط الحالة بتشكل جلطات الدم، وهناك طرق "عديدة" لتقدير خطر السكتة الدماغية بين مرضى الرجفان الأذيني، إلا أن الباحثين أشاروا إلى أن "قدرة هذه الوسائل متواضعة" ولا تأخذ في اعتبار نتائج أخرى مثل الخرف الوعائي.
ويسلط المؤلفون الضوء على أن توصيات "المعهد الوطني للتميز في الصحة والرعاية" National Institute for Health and Care Excellence وجهات أخرى تنص على استخدام مضادات التجلط فقط مع المرضى الذين يظهر لديهم درجة مرتفعة من خطر السكتة الدماغية، وأكدوا على ضرورة إجراء مزيد من التجارب لتقييم ما إذا كان يمكن للمرضى المصابين بالرجفان الأذيني الاستفادة من استخدام مضادات التجلط في مراحل مبكرة للوقاية من هذه التبعات السيئة.