اجتمع وزراء خارجية وممثلو نحو 40 دولة ومؤسسة دولية عربية وإسلامية وأوروبية، الاثنين، لمناقشة الأوضاع في قطاع غزة، وجاء ذلك تزامنا مع الاعتراف الرسمي من 3 دول أوروبية بدولة فلسطين على حدود ما قبل السابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
حضر الاجتماع وزراء خارجية وممثلي كل من الأردن، إسبانيا، ألمانيا، الإمارات، إندونيسيا، أيرلندا، إيطاليا، البحرين، البرتغال، بلجيكا، بلغاريا، بولندا، تركيا، جامعة الدول العربية، الجزائر، جمهورية التشيك، الدنمارك، رومانيا، سلوفاكيا، سلوفينيا، السويد، سويسرا، فرنسا، فلسطين، فنلندا، قطر، كرواتيا، لاتفيا، لوكسمبورغ، ليتوانيا، مالطا، مصر، والمملكة المتحدة، هولندا، منظمة التعاون الإسلامي، النمسا، اليونان.
واعتبر محللان تحدث معهما موقع الحرة أن التواصل على هذا المستوى يمثل أهمية كبيرة في ظل امتلاك الاتحاد الأوروبي أوراق ضغط على إسرائيل سواء اقتصادية أو أمنية.
وكانت مجلة "بوليتيكو" الأميركية، نقلت تصريحات لوزير الخارجية الأيرلندي، ميشيل مارتن، قال فيها إن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أجروا "للمرة الأولى نقاشا مهما بشأن فرض عقوبات على إسرائيل، إذا لم تلتزم بالقانون الإنساني الدولي".
وقال مارتن للصحفيين، الاثنين، عقب انعقاد مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي: "كان هناك إجماع واضح للغاية بشأن ضرورة دعم المؤسسات القانونية الإنسانية الدولية".
"جحيم في المنطقة"
قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أيمن الرقب، إن الاجتماعات مع الاتحاد الأوروبي ضرورية، إذ يمتلك الأوروبيون "ورقة ضغط تتمثل في الشراكة مع إسرائيل في ملفات أمنية أو اقتصادية"، مشيرًا في حديثه لموقع "الحرة" إلى أن الدول الأوروبية "باتت تدرك مع الوقت أن اليمين المتطرف في إسرائيل وعلى رأسه (رئيس الحكومة بنيامين) نتانياهو يفسد كل جهد للحل".
وتابع الرقب أن اللقاءات ركزت على حل الدولتين الذي من دونه "ستدخل المنطقة في جحيم".
والجمعة، أمرت محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة إسرائيل، بوقف هجومها العسكرية على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، وفتح معبر رفح الحدودي للسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع دون عوائق.
وقبيل اجتماع وزراء خارجية التكتل، أكد مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الاثنين، على وجوب تطبيق قرار محكمة العدل الدولية الداعي لوقف الهجمات العسكرية على رفح.
لكن إسرائيل واصلت تصعيد هجماتها على رفح، ووصلت دباباتها إلى وسط المدينة، وفق ما نقلته وكالتا رويترز وفرانس برس، الثلاثاء.
وسبق ذلك ضربة جوية على مخيم للنازحين غرب المدينة الحدودية مع مصر أقصى جنوبي قطاع غزة، أسفرت عن مقتل 45 شخصا وفق تقديرات السلطات الصحية في القطاع، مما تسبب في تنديد دولي واسع بالضربة التي قال الجيش الإسرائيلي إنها استهدفت قياديين بحركة حماس.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين، أنه فتح تحقيقا في الغارة، بعدما قال، الأحد، إنه استهدف "بذخائر دقيقة" مسؤولين في حماس، فيما وصف نتانياهو، الضربة بأنها "حادث مأساوي"، مؤكدا أن حكومته "تحقق فيه".
ضغط أكبر
وفي سياق متصل، أكد المحلل السياسي، عبد المهدي مطاوع، في تصريحات لموقع الحرة، أن اللقاءات العربية الأوروبية "مهمة جدا لخلق موقف بعيد عن إسرائيل والولايات المتحدة".
وأضاف: "الاتحاد الأوروبي شريك اقتصادي أول لإسرائيل، أعتقد أن أي خطوات من هذه الدول سيكون لها صدى على إسرائيل، حتى لو حاولت حكومة نتانياهو الإنكار. كل اعتراف يمثل خصما من رصيد إسرائيل ومصداقيتها ويؤكد على حقوق الفلسطينيين في دولة مستقلة".
وتابع أن الموقف الأوروبي "يزيد الضغط على الولايات المتحدة عند طرح مسألة الدولة الفلسطينية في مجلس الأمن مجددا"، في إشارة إلى زيادة عدد الدول التي تعترف بدولة فلسطين وتدعو لمنحها عضوية كاملة بالأمم المتحدة، بدلا من صفة مراقب الحالية.
واعترفت إسبانيا، الثلاثاء، رسميا رفقة أيرلندا، بدولة فلسطين. وكان النرويج قد أطلعت رئيس الحكومة الفلسطينية محمد مصطفى على مرسوم الاعتراف بالدولة الفلسطينية، الأحد.
وردا على القرار الإسباني، اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الثلاثاء، رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، بالتواطؤ في "التحريض على إبادة اليهود" بعد اعتراف بلاده بدولة فلسطينية.
وخاطب كاتس رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، عبر حسابه على منصة "إكس"، بالقول: "أنت متواطئ في التحريض على إبادة اليهود"، مشبها نائبة رئيس الوزراء الإسبانية، يولاندا دياز، بالمرشد الأعلى لإيران علي خامنئي، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس في غزة، يحيى السنوار، إذ يدعون كلهم إلى "إقامة دولة إرهابية إسلامية فلسطينية من النهر إلى البحر"، حسب ما نقلت وكالة فرانس برس.
وتأمل الدول الأوروبية الثلاث، واثنتان منهم عضوتان في الاتحاد الأوروبي (إسبانيا وايرلندا)، في أن تحمل مبادرتها ذات البعد الرمزي، دولا أخرى على الانضمام إليها.
وتثير المسألة اختلافات عميقة داخل الاتحاد الأوروبي، إذ ترى دول أعضاء أخرى مثل فرنسا أن الوقت "غير مناسب" حاليا، أما ألمانيا فلا تفكر باعتراف كهذا إلا بنتيجة مفاوضات بين الطرفين، وفق فرانس برس.
من جانبه أشار الرقب، إلى أن استمرار "الاحتلال الإسرائيلي سيواصل صناعة كراهية إسرائيل وليس في غزة فقط بل سوف يمتد ذلك إلى كل الأراضي الفلسطينية والخارج، ووصل الأمر إلى أوروبا وأميركا". وتابع: "كلما كان هناك تأخير، كلما ازدادت الأمور سوءًا".
بينما أوضح مطاوع أن تلك المناقشات والاعترافات "مهمة جدا لدرجة جعلت إسرائيل تحاربها بكل ما تملك من قوة. فتحويل وضع فلسطين من دولة مراقب إلى كاملة العضوية، يعني أن كل ما داخل حدود عام 1967 أراض محتلة وكل المنشآت التي عليها تمثل جريمة حرب وتفتح بابا واسعا للملاحقة"، على حد قوله.
إحياء بعثة رفح
مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أعلن، الاثنين، أن التكتل يسعى إلى التوصل لاتفاق من حيث المبدأ من أجل المضي قدما في إحياء بعثته المخصصة للمساعدة الحدودية في رفح، مضيفًا أنه يتعين موافقة جميع الأطراف على تلك الخطوة.
ويدرس الاتحاد الأوروبي إحياء بعثته للمساعدة الحدودية التي تعرف باسم (يوبام) في رفح، المتوقفة عن العمل منذ عام 2007 حين سيطرت حركة حماس على غزة بالكامل، وفق رويترز.
ومعبر رفح النقطة الرئيسية لإدخال المساعدات من مصر، وهو مغلق منذ أن سيطرت القوات الإسرائيلية عليه من الجانب الفلسطيني قبل نحو ثلاثة أسابيع.
وقال بوريل للصحفيين باجتماع الاثنين، الذي حضره أيضا وزراء عرب بارزون "منحوني الموافقة، الضوء الأخضر من الناحية السياسية، لإعادة تفعيل (يوبام)، مهمتنا في رفح. قد يلعب هذا دورا مفيدا في دعم دخول الناس إلى غزة والخروج منها".
وأضاف "لكن يتعين تنفيذ هذا بالتوافق مع السلطة الفلسطينية والمصريين، وبالطبع إسرائيل. لن نفعل ذلك بمفردنا. لن نكون منتدبين للاضطلاع بمهمة الأمن على الحدود. لسنا شركة أمن". وأضاف أن الاتحاد يعد خططا فنية حاليا.
من جانبه أكد مطاوع أن اللقاءات العربية الأوروبية أسفرت عن هذا القبول الأوروبي بتجديد وجود بعثته في معبر رفح "مما قد يقود إلى ترتيبات لفتحه مجددا بوجود أوروبي، بجانب الموقف المشجع على أن تكون السلطة الفلسطينية مشرفة على قطاع غزة بهدف الوصول لحل سياسي".