أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الأربعاء، إلغاء سريان قانون "فك الارتباط" بالكامل في شمال الضفة الغربية المحتلة، وبذلك يمكن للمستوطنين العودة إلى ثلاث مستوطنات تم إخلاؤها سابقا وتقع بالقرب من مدينتي جنين ونابلس.
وجاءت خطوة غالانت التي وصفها بـ "التاريخية" بالتزامن مع إعلان النرويج وإسبانيا وإيرلندا، الأربعاء، الاعتراف "بدولة فلسطين".
وعلق غالانت على إلغاء القانون بالقول إن "السيطرة اليهودية على الضفة الغربية تضمن الأمن، وتطبيق قانون إلغاء فك الارتباط سيؤدي إلى تطوير الاستيطان وتوفير الأمن لسكان المنطقة".
كما وصف رئيس مجلس المستوطنات الإسرائيلية شمال الضفة الغربية يوسي دغان، قرار إلغاء إخلاء المستوطنات الثلاث بأنه "لحظة تاريخية من التصحيح".
وأضاف "لقد صححت دولة إسرائيل اليوم بشكل رسمي الظلم والحماقة التي صاحبت عملية الترحيل من شمال السامرة [الاسم التوراتي لشمال الضفة الغربية]".
ماذا يعني قانون فك الارتباط؟
أقر الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) قانون فك الارتباط عام 2005، في أعقاب إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، أرييل شارون، عزمه الانسحاب من جميع مستوطنات قطاع غزة، وإجلاء المستوطنين عن أربع مستوطنات شمالي الضفة الغربية وهي: غانيم وكاديم وحومش وسانور.
وتم تنفيذ خطة "فك الارتباط" أحادية الجانب في صيف العام ذاته، حيث أُجلي آلاف المستوطنين من جميع مستوطنات قطاع غزة، ومن المستوطنات الأربع شمالي الضفة الغربية، وذلك بهدف حماية المستوطنين مما وصف بالمخاطر الأمنية في حينه.
ونص القانون على أن تكون المستوطنات الأربع شمالي الضفة الغربية مناطق عسكرية مغلقة يُحظر على المستوطنين دخولها إلا بأذن من الجيش الإسرائيلي.
"تعديلات على بنود القانون"
في عام 2023، اقرّ الكنيست تعديلاً على قانون "فك الارتباط"، وتم تغيير اسمه من قانون "فك الارتباط" إلى قانون "تعويض ضحايا فك الارتباط".
وسمح هذا التعديل للمستوطنين بدخول مستوطنة حومش والإبقاء على كنيس يهودي أُقيم فيها بعد خطة "فك الارتباط".
وفي العام نفسه أمرت المحكمة العليا الإسرائيلية بشطب لوائح الاتهام المقدمة ضد المستوطنين الذين دخلوا مستوطنة حومش على أساس "عدم وجود ذنب".
ومع إلغاء غالانت لقانون "فك الارتباط" لم تعد المستوطنات مناطق عسكرية مغلقة وبات بإمكان المستوطنين العودة إليها دون الحصول على أمرعسكري، والذي كان يُطلب سابقا.
"عودة لن تتم بين عشية وضحاها"
بحسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل، فإن خطوة رفع القيود المفروضة على المستوطنات شمالي الضفة الغربية ستعني دخول المستوطنين إليها بشكل قانوني، على الرغم من أن أي نشاط استيطاني قانوني يجب أن يكون مرخصاً من قِبل الحكومة، في عملية تستغرق عادة سنوات.
وبعد إعلان غالانت سارع قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، يهودا فوكس، على توقيع أمر يُعيد هذه المستوطنات إلى مناطق عسكرية مغلقة مرة أخرى، بحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي.
وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن الجيش اتخذ هذا الإجراء الاحترازي لمنع المستوطنين من التدفق الفوري إلى المواقع وإقامة المستوطنات.
كما نقلت إذاعة الجيش عن مصدر عسكري لم تسمه قوله: "هناك حاجة إلى ترتيب أمني مختلف تماماً في هذه المنطقة".
وأضاف المصدر العسكري أن السماح بعودة الإسرائيليين "لا يمكن أن يتم بين عشية وضحاها، سيتعين علينا أيضا جلب العديد من القوات الإضافية إلى المنطقة، وسيستغرق الأمر وقتا".
أبرز ردود الفعل
اتهمت السلطة الفلسطينية إسرائيل بالتعنت الذي فاقم زعزعة الاستقرار في المنطقة، وقالت إنه "لن يحل سلام دائم ما لم تعترف إسرائيل بدولة فلسطينية".
وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم السلطة الفلسطينية "كل هذه الاجراءات لن تغير من صمود وثبات الشعب الفلسطيني على حقوقه وعلى تاريخه وعلى قضيته وعلى مقدساته… دولة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية أو لا أمن ولا سلام لأحد وستبقى المعركة مستمرة".
وقالت حركة حماس إن "إلغاء القانون هو استمرار لسياسة الاحتلال الاستيطانية والعدوانية، وتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه".
كما ردت منظمة "السلام الآن" المناهضة للاستيطان على إلغاء القانون بالقول إن "آخر ما تحتاجه إسرائيل هو المزيد من المستوطنات المعزولة وغير الضرورية التي ستشكل عبئاً أمنياً وتبعدنا عن العملية الدبلوماسية المطلوبة".
ما هو عدد المستوطنين في الضفة الغربية؟
تشير التقديرات إلى أن أكثر من 500 ألف مستوطن إسرائيلي يعيشون حاليا في الضفة الغربية، وهي جزء من الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967، بالإضافة إلى 200 ألف آخرين يعيشون في القدس الشرقية.
ويتوزع المستوطنون الإسرائيليون على 147 مستوطنة تنتهك القانون الدولي، و151 بؤرة استيطانية، تم بناؤها دون موافقة رسمية وتعتبر غير قانونية بموجب القانون الإسرائيلي والدولي.
ويؤكد الفلسطينيون ومعظم المجتمع الدولي أن المستوطنات غير قانونية، وهو ما ترفضه إسرائيل التي تشدد على "الروابط التاريخية والدينية والسياسية للشعب اليهودي بالمنطقة"، فضلاً عن الاعتبارات الأمنية.