"سأعود للكويت يوما ما" يقول المعارض والناشط الكويتي سلمان الخالدي الذي يعيش في لندن منذ نحو سنتين وحصل على حق اللجوء السياسي في بريطانيا منذ بضعة أشهر فقط.
الخالدي، البالغ من العمر 25 عاما، معروف بنشاطه السياسي وانتقاداته الحادة للعائلة الحاكمة في الكويت وكذلك تسليطه الضوء على قضايا الفساد في البلاد.
خسر الخالدي جنسيته الكويتية في أبريل الماضي بعد صدور مرسوم أميري يقضي بسحبها منه وفقا للمادة 13 من قانون الجنسية الكويتية لعام 1959، كما تظهر وثيقة للمرسوم شاركها الخالدي مع موقع "الحرة".
يصف الخالدي قرار سحب الجنسية عنه وعن معارضين آخرين بأنه يحمل "جانبا سياسيا" نتيجة نشاط المعارض ومحاولة من قبل السلطات لإسكات الأصوات المنتقدة.
يقول الخالدي لموقع "الحرة" إن "الفرق بين إسقاط الجنسية وسحبها هو أنه عندما تكون هناك مخالفة للقانون في الحصول على الجنسية كالتزوير والتدليس أو الازدواج يتم إسقاطها".
ويضيف الخالدي في مقابلة عبر الهاتف: "لكن في حالتي القرار هو السحب وفق المادة 13 لقانون الجنسية التي تنص على سحب الجنسية من الأشخاص الذين يضرون بالمصالح الاقتصادية للبلاد، وأنا لم أفعل ذلك".
ويؤكد الخالدي أن "القرار صدر في 9 أبريل، بعد أيام من انتشار فيديو ظهرت فيه، في مطلع مارس، وأنا ألاحق السفير الكويتي قرب مبنى السفارة الكويتية في لندن وأحرجته بالسؤال عن قضايا الفساد والاختلاسات والبدون، مما تسبب بإحراج النظام لأنه جرى تداول الفيديو بشكل ملحوظ على وسائل التواصل الاجتماعي".
بحسب "مركز الخليج لحقوق الإنسان"، فقد أدانت محكمة الجنايات في الكويت في 15 مايو 2023، الخالدي بالسجن خمس سنوات مع الأشغال الشاقة.
وشملت التهم ضد الخالدي تعمد "نشر إشاعات كاذبة ومغرضة في الخارج حول الأوضاع الداخلية للبلاد، ونشر ما من شأنه الإضرار بعلاقات الكويت مع الدول الأخرى عبر حسابه على منصة إكس".
ووفقا لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" فقد سبق أن حكم على الخالدي بالسجن خمس سنوات، لكن السلطات عفت عنه.
نشأ الخالدي في الكويت من عائلة متوسطة الدخل، وأكمل دراسته الثانوية هناك قبل أن ينتقل إلى قطر ويدرس في جامعة لوسيل باختصاص العلوم السياسية.
تعاطف الخالدي مع الصحافي السعودي جمال خاشقجي، الذي قتل في قنصلية السعودية في إسطنبول وقطعت أوصاله في أكتوبر 2018، حيث وجه انتقادات متكررة للسلطات السعودية.
ونتيجة لذلك صدر قرار بمنعه من دخول السعودية لفترة 25 عاما وكذلك رفعت دعوى ضده من قبل السفارة السعودية في الكويت، وهو ما أدى لصدور حكم قضائي في الكويت بالسجن بحقه خمس سنوات.
يقول الخالدي: "في تلك الفترة كنت أدرس في جامعة لوسيل القطرية في اختصاص العلوم السياسية، ووصلني إشعار أن هناك قضية أمن دولة مرفوعة ضدي بتهمة الإضرار بالعلاقات السعودية الكويتية".
ويضيف: "علمت بعدها أن برقية وصلت لقطر من الكويت في مايو 2022 تطالب بتسليمي، لذلك قررت مباشرة المغادرة إلى بريطانيا حيث أعيش حاليا".
واستمرت الملاحقات للخالدي حتى عندما غادر إلى بريطانيا، حيث يؤكد أن السلطات الكويتية حاولت استرداده عبر إصدار نشرة حمراء من الشرطة الدولية ضده في أكتوبر الماضي، "لكن لحسن الحظ بعدها بخمسة أيام منحتني بريطانيا حق اللجوء السياسي".
يصر الخالدي أن قراره في انتقاد السلطات الحاكمة كان صحيحا ويستشهد بما جرى مؤخرا في البلاد من تطورت سياسية قادها أمير البلاد مشعل الأحمد الصباح.
وكان الصباح أمر في 10 مايو الجاري بحل البرلمان وتعليق العمل ببعض مواد الدستور لمدة لا تزيد عن أربع سنوات، إضافة إلى تولي "الأمير ومجلس الوزراء الاختصاصات المخولة لمجلس الأمة"، مشددا أنه "لن يسمح على الإطلاق بأن تستغل الديمقراطية لتحطيم الدولة".
تعيش الكويت منذ سنوات أزمات متتالية بسبب الخلافات المستمرة والصراعات بين الحكومات التي يعينها الأمير والبرلمانات المنتخبة انتخابا مباشرا، الأمر الذي أعاق جهود الإصلاح الاقتصادي وعطل كثيرا المشاريع التنموية التي تحتاجها البلاد.
ورغم وجود برلمان منتخب، تتحكم عائلة الصباح إلى حد كبير بالحياة السياسية، وهي التي تعين وزراء الحكومة الكويتية.
وعزا الأمير قراره الأخير إلى "تدخل" بعض النواب في صلاحيات الأمير وفرض البعض الآخر "شروطا" على تشكيل حكومة، مضيفا "نجد البعض يصل تماديه إلى التدخل في صميم اختصاصات الأمير واختياره لولي عهده متناسيا أن هذا حق دستوري صريح للأمير".
وينص الدستور الكويتي على أن تعيين ولي العهد يتم بأمر أميري بناء على تزكية الأمير أولا، وتتم تلك الإجراءات في جلسة خاصة بمبايعة من مجلس الأمة وبموافقة غالبية الأعضاء الـ50 الذين يتألف منهم المجلس.
يصف الخالدي ما جرى في الكويت مؤخرا بأنه "انقلاب على الشرعية والدستور وهامش الديموقراطية الذي تتمتع به البلاد".
ويشير الخالدي إلى أن الهدف الحقيقي من وراء خطوة أمير البلاد "هي أن هناك صراعا على الحكم وولاية العهد داخل العائلة المالكة".
ويضيف أن أمير الكويت "يريد أن يتحكم بالبلاد وبكل مراكز النفوذ وأن يقوم هو بتعيين ولي العهد وتكون جميع السلطات بيده".
لا يزال المعارض الكويتي الشاب يمتلك الأمل في العودة يوم ما للكويت وممارسة نشاطه السياسي فيها لكن بشرط واحد.
يقول الخالدي "سأعود للكويت بالتأكيد فور سقوط مشعل الأحمد وحكم آل الصباح ومحاسبة جميع المتسببين بإهدار ثروات البلاد".
ولم يرد الديوان الأميري الكويتي على اتصالات موقع "الحرة" المتكررة للحصول على تعليق.