• الساعة الآن 09:06 AM
  • 16℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

روتين السلطة

news-details

خاص | النقار

تصل السلطة إلى مبتغاها حين تحول أيام الناس وأسابيعهم وشهورهم إلى برنامج. في نهار الخميس يطل زعيم جماعة أنصار الله بخطاب تتسابق ميكرفونات الجوامع إلى بثه قبل القنوات ومحطات الراديو. بعدها ترد إلى تليفونات الخلق رسائل الـGOV، عن لجنة الأقصى مذكرة بالخروج الحاشد إلى ساحات التظاهر يوم الجمعة نصرة لغزة. هناك يفرغ المحتشدون كل طاقاتهم بالصراخ وينصرفون. ومن السبت إلى الأربعاء تمارس السلطة عملها كأيام دوام رسمي، تتحول كلها إلى مهمة واحدة: سطو، مداهمة، اعتقالات، مصادرة أراض ...الخ. 

عند مجسم فلسطين في جولة المصباحي تتزاحم الوجوه القادمة من هنا وهناك لالتقاط صورة. ليس لما يمثله من دلالة بقدر ما أن ذلك المجسم هو المشروع الوحيد الذي أنجزته سلطة صنعاء فحرص رئيسها المشاط على افتتاحه بنفسه. ولأنه كذلك، فقد أصبح مزارا مهما لالتقاط الصور أو لنزول قناة الهوية لعمل برنامج لها على الهواء الطلق تعبيرا عن تفاعلها مع الناس.

يحدث أن تتبادر إلى ذهن المشاط فكرة لقتل السأم الذي يعيشه كرئيس بلا فكرة، فيدعو رئيس مجلس النواب يحيى الراعي ورئيس الحكومة المقالة عبد العزيز بن حبتور ورئيس مجلس الشورى محمد العيدروس، ومعهم رئيس مجلس القضاء الأعلى أحمد يحيى المتوكل وربما المفتي شمس الدين شرف الدين، وفي مقدمة هؤلاء بطبيعة الحال مدير مكتبه، إلى المشاركة بمناورة عسكرية حافلة في مكان حرص الجميع على عدم ذكره حتى لا تطاله يد العدو. هناك سيحرص ضيف الله الشامي وزير الإعلام وكل طاقمه وقنواته عفى إبراز صورة جماعية لقيادات الدولة وهم على خط النار، الراعي ببندقيته الجرمل والمتوكل بقاوقه ونظارة ينشن بتمعن نحو الهدف، وبن حبتور ببذلة سجون وقبعة تقيه من حر الشمس فيما كرشه يتدلى بلا كلفة وكأنه يريد أن ينتهي كل شيء سريعا وكفى، فيما العيدروس على شفا أن يسقط مع أول هبة ريح. أما أحمد حامد فقد أعد للأمر عدته حيث ظهر لأعين الناس بالميري المشحوط وأدلى للإعلام بتصريح اختلط فيه الراء مع النون عند أول كلمة، فبدلا من "ندشن" أصبح الفعل "ندشر".

أما المشاط فهو لا شك في صدارة المشهد من كل ذاك ولا بد أن يكون تنشينه من الدقة بحيث نسي أن أمان بندقيته مازال محكما. لكن لا بأس، فالصورة ربما التقطت على عجل وتم تنزيلها على مواقع التواصل على عجل أيضا، وتلك مسألة قد يحاسب الشامي ونصر الدين عامر باعتبارهما مستعجلين على الدوام ولا يتأنيان حتى يجيز الرئيس الصور التي يراها مناسبة ويغض النظر عن الأخرى. لكن يبدو أنها الصورة الوحيدة التي سبرت للمشاط من كل حركاته في المناورة، وبالتالي مسألة إحكام الأمان لن تكون ملفتة إلا عند من يحاولون الصيد في الماء العكر. 

انتهت المناورة بسلام وعاد كل أولئك إلى أدراجهم سالمين، ربما حدث أن اتسخ قاوق المتوكل وجبته الفخمة من جراء العك والأتربة، لكن لا بأس طالما أن الصورة هي الآن في مكتب زعيم الجماعة في صعدة وسيطلع عليها حتما. وبالنسبة لقضية قطران وغيره من المعتقلين فليس في وارد أن يتذكرها في مثل هذه اللحظة، خصوصا وأن رئيس جهاز المخابرات والأمن أبو الكرار الخيواني حضر المناورة هو أيضا وإن لم يكن في الصف الأول، لكنه سيلتقط صورة مناسبة له وهو يصوب بندقيته اللامعة، فيعلق عليه مراسل المنار بالقول: زد المخ على طريقك آخرين إلى جانب قطران والعراسي. 

يستريح بعدها قيادات الدولة حتى الأسبوع القادم، لنتظروا ما الذي سيكلفهم به المشاط ومدير مكتبه.

شارك الخبر: