"انظر كم لدي من العملة الجديدة!"، يقول فلان للآخر فيرد عليه: "وأنا أيضاً سأذهب حالاً لتغيير كل التالف الذي عندي". وهكذا، وكأن حكومة جماعة أنصار الله في صنعاء قامت بـ"كسوة" المواطنين بنقود جديدة بمناسبة قرب العيد، وعساكم من عُوّادِه، وكل عام والبنك المركزي بخير.
طيب، أقمنا مؤتمراً صحفياً ودعونا وسائل الإعلام لتغطية الحدث النوعي، وفجرنا قنبلة بإصدار عملة رنانة، وطرحناها للتداول في السوق، فهل هذا كل شيء؟ أن تصدر المعدنية وأن يذهب الناس لتغييرها؟ جميل هذا التكنيك الاقتصادي الذي لم يسبق إليه أحد قبل الجماعة! أن يحدث إحلال وكفى، ونحن كسلطة نقدية عملنا الذي علينا، وعليكم أيها المواطنون أن تواصلوا حياتكم كما هي، حتى يفتح الله أبواباً من لدنه، أو تشق الأرض نفسها وتبتلعنا جميعاً.
لا تمزح يا سيدي وعيني، قل لنا كلاماً آخر! يعني أن هذا الإحلال الذي حدث لن يرافقه صرف مرتب كامل للناس مثلاً؟ لقد انتظرت جيوبُ الناس أعواماً أن تُصرف " حقوقهم القطنية " بلا فائدة، فهل يجهز الناس صُررهم وأكياسهململئها بـ" الحقوق الحديدية "؟ ماذا لو صرفتم راتباً كاملاً، نصفه قطني، والآخر حديدي، ويا بخت من وفّق نصفين بالحلال!
علينا الاحتفال بهذا القرار الجلل، وبهذا الذكاء الذي طرأ على سلطة الجماعة التي قالت إن العملة المعدنية الجديدة لن تؤثر في السوق وفي أسعار الصرف الثابتة في خانة الوهم، وربما جاء هذا الإعلان في نهاية مارس كي لا يقال إنها كذبة إبريل، لكن لنعتبرها كذبة إبريل.
الحالة الاقتصادية العامة إن لم يمسها ضرر الآن كما يقول البنك المركزي بصنعاء، فلابد أن الصداع سيحدث لاحقاً،قريباً أو بعيداً، بالنظر إلى الكميات الضخمة من العملةالمستحدثة، وشيئاً فشيئاً قد يتصاعد الإرهاق تضخماً وتهاوياً أكثر، حتى تنعدم قيمة المائة أصلاً، كما انعدمت قيمة الخمسة ريالات، والعشرة ريالات، وانعدمت قيمة الألف ريال أساساً في حياة الناس. كل شيء أصبح منعدم القيمة لدينا، بدءاً بالإنسان نفسه ومروراً بحقوقه وحريته وممتلكاته وأصوله وأمواله.
لنعد إلى الحاضر، هل يستقبل اليمنيون عيدهم مثل باقي المسلمين؟ أم أن المسلمين هم أنصار الله فقط؟ هل تصرف المرتبات أخيراً؟ هل تفعل الجماعة شيئاً من أجل الناس؟لنفعل شيئاً جديداً سخيفاً، ولنقم بتجربة العملة المعدنية الجديدة فئة المائة ريال ونلعب لعبة "فلس طير" لنتوقع جواب ذلك. لا عفواً، ليس هناك طير جمهوري أصلاً في العملة الصادرة عن الجماعة! لنجعلها "وجه وظهر" إذن، ونرى حظنا. الوجه: لن تفعل الجماعة شيئاً من أجل الناس، الظهر: لن تفعل الجماعة شيئاً من أجل الناس.