• الساعة الآن 10:53 AM
  • 25℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

ماركة أنصار الله.. نحن الوحيدون ولن نكون الأفضل

news-details

خاص – النقار

يرحم الله أياماً عشناها كانت فيها التيارات السياسية اليمنية رائجة في سوق السياسة تنافس بعضها وتستعرض بضاعتها الحزبية في الصحف والخطب والبرلمان والمؤتمرات وغيرها من المحال السياسية المفتوحة، مع حق المواطن في شراء الكلام الفارغ والملآن أو عدم الشراء بل والتذمر من البضاعة. كان زمناً جميلاً يكذب فيه الكثيرون، ويدّعي فيه الكثيرون، وتباع فيه بضائع خطابية رخيصة أو فاسدة أو منتهية الصلاحية، وفي النهاية كان هناك سوق سياسة يشهد كل الألاعيب ولا يشهد الركود.

ما أكثر الترف في القطعة السابقة! من يمارس الآن سياسة أو يبيع ويشتري في السياسة أو يرغب في التحدث بلغة السياسة؟ نسينا بالإكراه هذه اللغة، وانشغلنا بالبحث عن وجبة طعام وراتب ومعيشة آدمية.

ابتلعت سلطة جماعة أنصار الله السوق كله، وهيمنت على الكلام وعلى الأفكار وعلى الأرزاق، وفتحت السجون والخزائن وسدت طرق السياسة والاقتصاد والتجارة والحياة العامة، وقدمت نفسها وثقافتها ومسيرتها كـ"ماركة" وحيدة مطلقة ترتبط مباشرة بتجارة مع الله سبحانه. ماركة مزيفة لا قيمة لها من قبل أن تنشأ.

وماركة أنصار الله قوامها الإيمان بالله والتسليم المطلق لسيدي ومولاي عبدالملك الحوثي قدس سره ودام ظله وعجل الله فرجه من وراء شاشة المسيرة.

الجماعة أفضل من يوظف الإيمان بمقتضى الحاجة، فهم تجار إيمان، وعلى مواسم متفاوتة تخلو من السياسة، ولأن الإيمان لدى الجماعة يختلف عن كل إيمان، لا يجوز الاحتجاج على شيء؛ فمنذ 2014 حتى اليوم لا يجوز الخروج على الحاكم ولو كان ظالماً، بخلاف ما قبل 2014 عندما كان الحاكم "ظالم موديرن" وكان الخروج عليه إيماناً!

لا يجوز الاحتجاج على شيء، فما المزعج في أن توضع السكّينة على رقبة المواطن؟ وما الداعي للغضب من مشرف يعيث في الأرض فساداً من أجل المصلحة العامة؟ وما المحزن في أن يبحث الناس عن فتات طعام في حاويات القمامة أو أن يموت المواطن جوعاً؟ هذا أجله والأعمار بيد الله، والأموال بيد أنصار الله.

حتى الظلم أصبح سلعة في زمن "أنصار الله" ودكان سلطة المشرفين، لأول مرة في تاريخ الظلم الحديث والمعاصر، إذ على اليمنيين أن يدفعوا ثمن هذا الظلم شاكرين ممتنين، يومياً، وفي كل لحظة، جبايات، غرامات، رشاوى، رسوم مفتعلة، وكلها أثمان ندفعها "بأمر الحاكم بأمر الله" مقابل بقائنا في وطننا معهم.

كما تبيع الجماعة للمواطنين "الأمن" على الطريقة الأنصارية، وهو أمن غير قابل للتفاوض. تبيع للناس "الأمن" وتمارس "المَن" عليهم بسبب توفير هذه "القبضة الأمنية"، وكأن الأمن ليس من واجبات "السلطة" التي هيمنت عليها الجماعة! لكن بطبيعة الحال، لا تزال الجرائم والاختلالات الأمنية أيضاً متوفرة وفائضة وبالمجان.

ولأنها عديمة السياسة فلا أحد ينتظر أن تسير الأمور إلى حلول سياسية، ففاقد الشيء لا يعطيه، والمتعيش على الحروب لا يقوى على السلام.

سلطة لا شريك لها كهذه يجب سحبها من "الغرفة السياسية والاجتماعية" وإعادتها إلى حيث كانت. وهذا الحديث يخلو من العنصرية والمناطقية، فمن يعرف جماعة أنصار الله يعرف جيداً ما هي العنصرية والمناطقية، بل هو حديث طبيعي إنساني غير سياسي ولا يحتاج كثيراً من التفكير أو التحليل، لأن لا سبب ولا حاجة لوجود سلطة تؤكد للناس دائماً أنها الوحيدة لكنها لن تكون الأفضل.

 

شارك الخبر: