بعدما أدت هجمات أنصار الله في البحر الأحمر إلى تداعيات عدة طالت حركة الشحن الدولية، وصل الأمر إلى أبعد من ذلك، بعد غرق سفينة الشحن "روبيمار"، الأمر الذي يثير تساؤلات حول الأضرار البيئية المتوقعة على الحياة البحرية والثروة السمكية.
وأفاد بيان لحكومة العليمي، اليوم السبت، بغرق سفينة الشحن "روبيمار" التي تركت في جنوب البحر الأحمر بعد أن استهدفها أنصار الله في 18 فبراير الماضي.
وفي 19 فبراير، قالت حركة أنصار الله، إنها استهدفت سفينة الشحن روبيمار في خليج عدن وإنها معرضة للغرق، وكانت تحمل أسمدة وتحتوي خزاناتها على وقود الديزل، وغرقها يعني كارثة بيئية بامتياز وفق ما يؤكد خبراء لموقع "الحرة".
وعن الأضرار البيئية المتوقعة لهذه الحادثة، يؤكد الخبير البيئي، علي عشقي، أن غرق السفينة سينتج عنه كارثة بيئية بكل المقاييس.
وقال في حديثه لموقع "الحرة" إن "غرق الأسمدة التي تحتوي على مادة الفوسفات ومواد كيميائية أخرى خطيرة للغاية، يغير طبيعة دورة الغذاء في النظم البيئية البحرية، لأن الأسمدة تحفز نمو الطحالب".
وأوضح أن "الطحالب ستتكاثر بشكل كبير جدا، وستحدث غطاء فوق سطح الماء وفوق الشعاب المرجانية (تحت الماء)، وتحجب الضوء عنها، وبالتالي ستموت الشعاب المرجانية".
وأضاف أن "أساس حياة الشعاب المرجانية يعتمد على ضوء الشمس، وفي العادة هناك أنواع من الطحالب تعيش داخل المراجين التي تتغذى عليها".
ولفت إلى أن "الزيت (الديزل) يمكن أن يتبخر في الجو أو يتسرب ويختفي بعد فترة، ولكن الأسمدة تؤثر على الشبكة الغذائية للنباتات البحرية وتحدث خللا في التوازن بينها".
وأشار إلى أنه "في العادة كمية السماد الذي يحتاجه النبات البحري يكون أقل بعشرين ضعف من كمية السماد الذي تحتاجه النباتات على الأرض".
وأكد أن "الديزل أيضا خطير جدا ويكون طبقة تحجب الضوء والأوكسجين عن الشعاب المرجانية والحيوانات البحرية"، الأمر الذي سينعكس سلبا على الثروة السمكية، وأن "الكارثة مزدوجة، ولكن تأثير الأسمدة أكبر من الديزل".
وذكر، يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم أنصار الله في بيان أن أفراد طاقم السفينة روبيمار بخير.
وقال سريع في البيان "أُصيبت السفينة إصابة بالغة ما أدى إلى توقفها بشكل كامل (..) ونتيجة للأضرار الجسيمة التي تعرضت لها السفينة فهي معرضة للغرق في خليج عدن".
وكانت السفينة ترفع علم بيليز ومسجلة في المملكة المتحدة ويديرها لبنان.
بدوره، يؤكد الخبير البيئي، نديم فرج الله، أن خطر المازوت أكبر من خطر الأسمدة.
ويقول في حديثه لموقع "الحرة" إن "الديزل يبقى أثره لمدة أطول بكثير من الأسمدة الكيميائية التي يمكن أن تتحلل في فترة زمنية محددة، ربما أسابيع، ويمكن أن تستوعبها الكائنات الدقيقة في الحياة البحرية".
وأوضح أن "ضرر الأسمدة آني، بينما الديزل ضرره يبقى مستمرا لمدى أطول بكثير، ويؤثر على الحياة البحرية في القعر (الترسب)، وقد يؤدي لنفوق الأسماك والطيور التي تصطاد الأسماك".
وأضاف أن "ضرر الأسمدة الكيماوية سيكون في المنطقة التي غرقت بها وتؤثر على الأسماك والحيوانات البحرية لأنها تسحب الأوكسجين من المياه، كي تتحلل، وهذه العملية تكون أسرع بكثير من تحلل الديزل (تبخر أو ترسب)".
وأكد أن "الديزل سيغطي الشعاب المرجانية، ونقص الأوكسجين بسبب الأسمدة الكيميائية سيؤثر سلبا على الثروة السمكية، والضرر الناتج عن غرق السفينة سيكون كبيرا، والوضع البيئي مقلق جدا، وهو أقرب إلى الكارثة".
كميات الأسمدة والديزل
وتضاربت الأنباء بشأن كميات الأسمدة التي تحملها سفينة روبيمار.
وفي 24 فبراير الماضي، قالت القيادة المركزية الأميركية "سنتكوم" إن الهجوم على روبيمار تسبب في أضرار جسيمة للسفينة وتسريب بقعة نفط بطول 18 ميلا (حوالي 29 كلم).
وأكدت "سنتكوم" حينها أن سفينة الشحن المملوكة للمملكة المتحدة "راسية ولكن المياه تتسرب إليها ببطء".
وأشارت إلى أن السفينة كانت تنقل أكثر من 41 ألف طن من الأسمدة عندما تعرضت للهجوم، "ما قد يؤدي إلى حصول تسرب إلى البحر الأحمر (...) ويفاقم هذه الكارثة البيئية".
وفي 27 فبراير، قال وزير المياه والبيئة في حكومة العليمي، توفيق الشرجبي، إن الرياح القوية والأمواج جرفت روبيمار في جنوب البحر الأحمر.
وأضاف الوزير الشرجبي لرويترز أن الوضع العام للسفينة "مقلق جدا والمياه تتدفق إلى حجرة المحركات بسرعة، بعد أن كانت تتدفق ببطء ... لتبدأ السفينة بالميل جهة الماكينات على بعد 16 ميلا من ميناء المخا اليمني بعد أن كانت على بعد 18 ميلا".
وأوضح أن السفينة التي تم استهدافها "يبلغ طولها 171 مترا وعرضها 27 مترا وذات صهاريج سائبة تحمل 22 ألف طن من الأسمدة (مواد خطرة) و120 طن من الديزل والمازوت".