• الساعة الآن 12:42 PM
  • 24℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

هل سينج خامنئي في إيقاع بايدن في الفخ النووي؟

news-details

جورج عيسى

  يرسل المرشد الإيراني الأعلى الإيراني علي خامنئي إشارات عن استعداده لعقد اتفاق نووي جديد مع الغرب، لكن بشروط من شأنها أن تسمح لبلاده بالحفاظ على تهديدها النووي.

تنبع ثقة خامنئي المفرطة بنفسه في عرض هكذا شروط من خلال قراءة ضعف خصومه

ويحذر الكاتب السياسي في شبكة "بلومبرغ" بوبي غوش إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من الوقوع في الفخ، مشدداً على وجوب تعزيز الإدارة الأمريكية تنفيذ العقوبات الاقتصادية الموجودة، وحشد الحلفاء الأوروبيين لفرض قيود أكثر صرامة على النظام في طهران.

وخلال عطلة نهاية الأسبوع، نقلت وسائل الإعلام الحكومية عن خامنئي قوله: "ما من خطأ في الاتفاق مع الغرب، لكن يجب عدم المساس بالبنية التحتية لصناعتنا النووية". دلالة ذلك هو أنه يجب رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، مع السماح لها بالاحتفاظ بالمعدات التي طورتها خلال السباق نحو تخصيب اليورانيوم لغايات التسليح خلال العامين الماضيين.

 

أزمة ذاتية

دخل بايدن البيت الأبيض سنة 2021 عارضاً تخفيف القيود، إذا التزمت طهران بالاتفاق. كما يتحدث المسؤولون في إدارته من حين لآخر عن اتفاق مؤقت بصيغة "أقل مقابل أقل"، يمكن بموجبها رفع بعض العقوبات إذا أوقفت إيران تخصيب اليورانيوم عند درجة أقل بكثير من درجة التسليح. ونفى البيت الأبيض الأسبوع الماضي أن يكون اتفاق من هذا القبيل وشيك.

مع ذلك، ومنذ انتخاب بايدن، سرّع الإيرانيون أنشطة التخصيب وكذلك تطوير الصواريخ والطائرات العسكرية بدون طيار، المخصصة إلى حد كبير لتهديد جيرانهم والشحن الدولي في الخليج العربي. كما زادوا التمويل والتدريب لشبكة من الميليشيات الوكيلة والجماعات الإرهابية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وقد ساعدت هذه البرامج تساهل إدارة بايدن في تنفيذ العقوبات الحالية، ما سمح للنظام بتصدير كميات قياسية من النفط.

بالرغم من أنهم ادعوا مراراً أنهم عازمون على منع إيران من بناء أسلحة نووية، لم يقم بايدن والمسؤولون في إدارته بالكثير لمنع طهران من الوصول إلى العتبة النووية، حيث لم يبق أمامها سوى أيام قليلة للحصول على ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة، ويقول خامنئي الآن إن الغرب غير قادر على منع إيران من تطوير واحدة حتى لو أراد ذلك.

 

ستحصل أمريكا على الأقل

يدعي خامنئي أن الأسلحة النووية مناقضة للتعاليم الإسلامية، لكن إيران ضُبطت وهي تحاول صنعها بمساعدة روسية سنة 2002. يعلم المرشد الأعلى أن العودة إلى الاتفاق النووي تتطلب منه التخلي عن معظم هذه المكاسب، فضلاً عن القدرة على تهديد إسرائيل، هذا هو سبب اقتراحه في الواقع اتفاقاً جديداً.

ليس من الواضح ما إذا كان سيفكر في التخلي عن مخزون اليورانيوم الذي بناه علماؤه النوويون، حيث يمكن لمفاوضيه استخدامه كوسيلة ضغط في المفاوضات مع الغرب، لكنه يريد الحفاظ على البنية التحتية لبناء مخزون جديد في وقت يختاره هو. في المقابل، سيُطلب من الغرب رفع العقوبات مما يسمح للنظام ببناء صندوق حرب كبير من خلال زيادة صادرات النفط. يسمي غوش ذلك اتفاقاً بصيغة "أقل مقابل أكثر".

 

لماذا يثق بنفسه؟

تنبع ثقة خامنئي المفرطة بنفسه في عرض هكذا شروط من خلال قراءة ضعف خصومه. مثل جميع الحكام الأوتوقراطيين، هو يفسر التسوية على أنها ضعف، وقد رأى أن بايدن يقدم ما يزيد بقليل على مجرد توبيخ، بينما تزيد إيران من صادرات النفط. علاوة على ذلك، هو يعتقد أن الغزو الروسي لأوكرانيا، بالإضافة إلى خلق سوق للطائرات العسكرية الإيرانية بدون طيار، جعل الغرب قلقاً بشأن أسعار الطاقة، وأكثر حرصاً على إدخال المزيد من النفط إلى السوق، حتى لو كان نفطاً إيرانياً.

أضاف الكاتب أن حرص إدارة بايدن على المحادثات، حيث أجرى مسؤولون أمريكيون وإيرانيون مناقشات غير مباشرة في عمان الشهر الماضي، سيؤكد شكوكه. أخيراً، لم يفت الثيوقراطي المتقدم في السن ملاحظة أن نظامه لم يدفع ثمناً باهظاً لأفعاله السيئة، سواء أكانت انتهاكاً للعقوبات أو بيعاً للمسيرات إلى روسيا أو قمع المتظاهرين السلميين بوحشية في الداخل، لكن ثقة خامنئي تخفي حقيقة أنه هو نفسه يعاني من نقاط ضعف.

 

مشاكله ستزداد

ربما تم القضاء على الاحتجاجات المناهضة للنظام، لكنها كشفت عدم شرعية نظامه. الإيرانيون، وخصوصاً النساء والشباب، يرفضون الثيوقراطية ويريدون الحرية. وفق غوش، ستكون هناك انتفاضات أخرى، كل منها أكثر تصميماً من السابقة. سيزداد الاستياء من حكم خامنئي مع الركود الاقتصادي. بالرغم من أن النظام يدعي تحقيق أرباح قياسية من الصادرات، لم يدخل سوى القليل من هذه المكاسب غير المتوقعة الاقتصاد حيث فرص العمل نادرة والاستثمار ضئيل. لذلك يجب على إدارة بايدن الرد على اقتراح خامنئي عبر تشديد الخناق بدلاً من تخفيفه.

 

أمريكا في موقع أقوى

يجب أن تنهي الإدارة الأمريكية الإهمال الذي أظهرته تجاه فرض العقوبات الحالية، وأن تشجع حلفاءها على فرض المزيد من القيود. يمنح الغضب من صادرات إيران من المسيّرات إلى روسيا نفوذاً للولايات المتحدة لكسر المقاومة الأوروبية، من أجل اتخاذ موقف أكثر صرامة ضد طهران. نقطة البداية هي تصنيف الاتحاد الأوروبي للحرس الثوري كمنظمة إرهابية، كما فعلت الولايات المتحدة سنة 2019. الحرس الثوري هو أداة خامنئي الرئيسية للقمع في الداخل والترهيب في الخارج، ويستحق هذا التصنيف بشدة.

بعد ذلك، يجب على الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين مضاعفة اليقظة لتنفيذ أقصى العقوبات على أي فرد أو كيان يمكن طهران من تصدير النفط الإيراني، أو يتعامل مع الحرس الثوري وشبكته الواسعة من العمليات التجارية.

حسب غوش، يجب أن تكون الرسالة إلى خامنئي واضحة: لن يكون هناك اتفاق جديد بشروطه.

    

 

شارك الخبر: